وأضاف صيد: "تبدو الزيارة للوهلة الأولى، تتويجا لعمل اللجنة المشتركة بين البلدين، وتتضح أسبابها الظاهرة للمراقبين والمتابعين في البعدين العسكري والاقتصادي (الطاقوي)، وهما بعدان شكلا دوما الركيزة الأساسية للعلاقة بين البلدين".
وتابع:
"الزيارة هدفها تسليط الضوء على موضوعين رئيسيين، يشكلان اهتماما مشتركا للبلدين، الأول مكافحة الإرهاب والثاني موضوع النفط، فعلى الرغم من أن لكل من البلدين رؤية مختلفة مبنية على الموقع الاستراتيجي والأهداف المترتبة عليها، فإن رؤية روسيا لمكافحة الإرهاب وإن كانت تتفق بشكل كامل مع الجزائر في ضرورة التعاون الدولي للقضاء عليه، تختلف عن أهداف الجزائر".
وأوضح أن روسيا تسعى بعد تثبيت وجودها كقوة دولية في الشرق الأوسط، من بوابة الأزمة السورية التي أدت فيها، ولا تزال دورا محوريا ورئيسيا، وبغض النظر عن كونها تتبنى استراتيجية الحرب الاستباقية ضد الإرهاب (تحاربه خارج حدودها أفضل من محاربته داخل حدودها)، فهي تتجه بخطى ثابتة نحو بؤرة أخرى من بؤر الصراع، فهي تحاول تقديم يد العون في أبرز مناطق النزاع (الشرق الأوسط وأفريقيا).
وأردف:
"الزيارة ستخوض في الأزمتين السورية والليبية، بالنسبة للأزمة السورية، تسعى روسيا إلى أن تلعب الجزائر دورا عربيا لدفع العلاقات العربية ـ السورية للعودة لسابق عهدها، سواء عن طريق جامعة الدول العربية أو غيرها من القنوات الدبلوماسية، لتتمكن روسيا وحلفاؤها من إنهاء الأزمة السورية بكافة أبعادها في أقرب وقت، خاصة مع بداية الخوض في تفاصيل إعادة الإعمار، الأمر الذي يدلل بشكل كبير على قرب حسم الأزمة".
وتابع قائلا: "بما أن الجماعات الإرهابية خاصة داعش تريد نقل مقرها لليبيا، بعد سحقها في سوريا، فإن روسيا لا تريد أن تذهب جهودها أدراج الرياح، بانتقال الإرهاب من سوريا إلى ليبيا، لذلك تسعى لمحاربته استباقيا، ولا يمكنها ذلك دون التعاون والتنسيق مع الجارة المستقرة والقادرة الجزائر".
وشدد صيد على أن الزيارة تشكل بالنسبة للجزائر جرعة دبلوماسية سياسية، باعتبار أن زيارة مسؤول كبير لبلد بحجم روسيا، تدلل على حالة الاستقرار، وأن الجزائر بإمكانها تحقيق التعاون والسهر على المصالح المتبادلة، كما أنها ستحقق مكاسب عدة عبر تحقيق تتوازن بين كفتي الغرب ممثلا في فرنسا وأمريكا والشرق ممثلا في روسيا، وكذا السعي نحو رفع سعر النفط الذي تشترك مع روسيا في المعاناة من أسعاره المنخفضة.