س/ كيف تصف النصر الكامل على الارهاب في العراق؟
في الحقيقة ان نصرنا هو (نصر انساني) قبل ان يكون انجازا عسكريا، والهمنا ابلغ الدروس في الاعتزاز بوحدتنا وعيشنا المشترك، وقدمنا فيه اجمل الصور في حماية حقوق الانسان، من خلال تقديم اغلى التضحيات من اجل الحفاظ على ارواح المدنيين في المناطق التي كانت خاضعة لسطوة الارهاب، فيما اتجهت القيادات العسكرية الميدانية الى تنفيذ اوامر القائد العام بعد فتح منافذ لهروب الارهابيين، اذ تعين عليهم اما الاستسلام او الموت الزؤام.
كما ان نصرنا جدير ان يُدرس وان يستفاد منه في المرحلة الانية، التي مازال فيها الارهاب ينهش ويستبيح الدماء البريئة في اكثر من مكان.
ونؤكد وبكل اعتزاز ان العراق مع هذه الملحمة التأريخية استطاع ان يقف على ارضية صلبة بفضل تجربتنا الرشيدة في محاربة الارهاب، التي تمثلت بوحدة الصف السياسي، ووحدة القوى العسكرية المختلفة من: (جيش، وشرطة اتحادية، وجهاز مكافحة الارهاب، وحشد شعبي وعشائري، وبيشمركة).
ونود ان نعرف بدور هيئة (الحشد الشعبي) هذه الظاهرة الانسانية التي لايعرف عنها ممن هو في خارج العراق الكثير، فهذه المؤسسة العسكرية الرسمية سجلت بدماء ابنائها مع بقية الصنوف العسكرية اهم مراحل النصر، لذلك نعد من يتنكر لتضحياتهم او يسعى لترويج الاخبار المظللة عنهم انه يسىء لنصر العراقيين جميعا.
ونضع نقطة مهمة بخصوص (ملحمة النصر العراقية)، في ان بلدنا ماكان له ان ينتصر لو لم يتحرك بكامل قواه من الناحية العسكرية عبر انسجام جميع الصنوف ، وهولاء جميعا ارتبطوا بالقيادة العامة للقوات المسلحة تحت غطاء دستوري.
كما ان الجانب المهم في معركتنا ضد الارهاب هو ان الادارة العسكرية للعمليات والتخطيط والنجاحات والتضحيات كانت عراقية محضة، اذ لم نستعن بقوات من الخارج، لكننا لاننكر المساندة التي كانت بتأمين الغطاء الجوي وتدريب القوات العراقية وتوفير المستشارين والاحتياجات اللوجستية، ثم ان منجزا تأريخيا كهذا ماكان ليتحقق لولا التفاف جميع اطياف الشعب العراقي حول قيادة الدكتور (العبادي) مما اوجد حالة الانسجام والوئام فيما بينها، تلك التي تزعزت في ظل الحكومات السابقة.
ونشير الى ان مجلة (جينز) العسكرية البريطانية كانت قد منحت الجيش العراقي لقب (أفضل جيش بالعالم) لعام 2017 دون منازع، عازية السبب للإنجازات العظيمة التي حققها والمسافات الشاسعة التي حررها، فيما منحت المجلة القائد في جهاز مكافحة الارهاب الفريق الركن (عبد الوهاب الساعدي) لقب أفضل قائد عسكري بالعالم.
ونسجل ايضا ان الدبلوماسية العراقية كان لديها اداء مشهودا في الحرب على الارهاب من خلال الحراك في اروقة الامم المتحدة وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الاسلامي، وتطوير العلاقات الثنائية.
س/ هل يعني انتهاء العمليات العسكرية ضد "داعش" نهاية معركة العراق ضد الإرهاب؟
في الحقيقة واجه العراق تدفق الارهابيين من مايقرب من (124) دولة، وهولاء اجتمعوا على شئ واحد هو نشر الشر وتحطيم البنية التحتية والحضارية للعراق، لكنهم اندحروا واصبحوا درسا للاخرين، ونؤكد ان معركتنا القادمة مع الارهاب هي معركة استخبارية وفكرية
لذلك لدينا حرص كبير على امن المناطق المحررة، وكذلك اعتماد الاساليب الدقيقة لتفكيك الخلايا النائمة والنشطة للارهاب، وتمكنت اجهزتنا الاستخبارية بفعل تراكم الخبرات من معالجة واعتقال الكثير من الخلايا الارهابية، كما ان لدينا رصد فاعل، وانظمة معلوماتية مهمة ستجعل الكثير من تلك الخلايا الارهابية مكشوفة لدينا، ثم لاننسى تعاون المواطنين مع الدولة في الاخبار عن تحركاتها المشبوهة.
لكن تبقى هناك خطورة لقيام فروع نشطة لداعش في مناطق اخرى في العالمين العربي والاسلامي، وهذا الامر يتطلب تعاونا من الجميع لان الحرب على الارهاب لاتقبل التجزئة.
س/ كم ستكلف عملية إعادة إعمار المناطق المحررة من عصابات "داعش"؟
تكلفة اعادة الاعمار كبيرة ونحن نؤكد على ضرورة دعم المجتمع الدولي و الاشقاء لنا في هذا الامر، فالمدن عندما تبنى تاخذ وقتا طويلا وتكلف اموالا كبيرة.
ونؤكد ان العراق صاحب فضل على العالم لانه قدم اسمى التضحيات نيابة عنه في حرب عالمية هي الاشرس في العصر الحديث، و نقول انها الاشرس لاننا قاتلنا عدوا عمد بعض افراده الى ذبح امهاتهم وابائهم واخوانهم ومارسوا القتل والتمثيل والاغتصاب الوحشي بسب انتمائهم لعقيدة فاسدة، مما يجعل اعادة الاعمار والنازحين مسؤولية دولية تضامنية.
ونشير الى انه من المؤمل ان يعقد مؤتمر الدول المانحة في بداية العام المقبل في دولة الكويت الشقيقة، اذ جرى التأكيد على اهمية عقده مع زيارة فخامة الرئيس الدكتور (فؤاد معصوم) الاخيرة الى دولة الكويت، ولقائه بسمو الامير (صباح الاحمد الصباح) ، وعبر فخامته عن تفاؤله بالأجواء المحيطة التي تمهد لاقامته، فضلا عن اعراب العديد من الدول عن استعدادها لتقديم الدعم اللازم للعراق.
س/هل هناك خطة زمنية لإعادة النازحين للمناطق المحررة؟
في الحقيقة لدينا في العراق نوعان من النزوح الاول خارجي حيث اضطر عدد كبير من ابناء المناطق التي سيطر عليها الارهابيون الى مغادرة البلاد الى الدول المجاورة او دول العالم الاخرى، والثاني هو النزوح الداخلي الذي تركز داخل المدن والمحافظات الامنة في البلاد.
ونعد عودة جميع النازحين الى مناطقهم معززين مكرمين، (نصرا منتظرا اخرا) لابد ان يتحقق قريبا.
لكننا في هذا الملف نود ان نشير الى ان 45% من الاسر النازحة في محافظات نينوى والانبار وصلاح الدين وبقية المدن المحررة قد عادوا الى مساكنهم، كما ان حياتهم اليومية تسير بشكل طبيعي، مع وجود عمليات تأهيل عبر التنسيق والتعاون بين الحكومات المحلية والحكومة الاتحادية، لكن هناك بعض الاحياء التي دمرت بفعل الارهاب وهذا الامر يحتاج الى حملة قوية لاعادة الاعمار كبيرة ، مع رصد اموال كبيرة بشأنها، وكلنا امل بدعم المجتمع الدولي لنا بهذا الخصوص.
س/ كيف يضمن العراق عدم عودة مقاتلي التنظيم المندسين بين النازحين؟
لدى الاجهزة الامنية العراقية قاعدة بيانات مهمة ومفصلة عن الارهابيين، كما ان الاهالي يتعاونون بشكل بارز مع الاجهزة الامنية، واسهم هذا التعاون عن القاء القبض على الكثير من الارهابيين المتخفين.
س/ ما هي توقعاتكم بشأن الدور الذي يمكن لروسيا الاتحادية الإسهام به في إعادة إعمار المناطق المحررة؟
لروسيا مواقف مهمة في دعم دول المنطقة في محاربة الارهاب، ونحن نأمل من موسكو ان تمد يد العون لنا في مسألة اعادة اعمار المناطق المحررة عبر المشاركة في هذا الجهد، وحث المجتمع الدولي على اسنادنا بتوفير الدعم.
ونشير الى ان العلاقات بين العراق وروسيا مهمة واساسية، اذ عقدا اجتماعات مهمة في شهر تشرين الثاني الماضي.
وجرى في تلك الاجتماعات بحث التعاون المشترك في المجالات كافة، بما في ذلك الدور الروسي في مرحلة مابعد داعش، ورحب الجانب الروسي بمقترح العراق انشاء منتدى اعمال عراقي — روسي ، واكد اهمية حث الشركات الروسية على المشاركة في المناقصات التي تعلن عنها مختلف الوزارات العراقية، كما ان بين البلدين انشطة مهمة على صعيد الاستثمار والطاقة.
س/ هل هناك تنسيق أمني أو استخباراتي بين العراق وروسيا بشأن موضوع المقاتلين الروس في العراق؟
تتميز علاقتنا مع روسيا في انها تمتلك تنسيقا وتعاونا جيدا، اذ توجد مسألة التنسيق الرباعي بين روسيا وتركيا وايران والعراق التي تهدف الى تبادل المعلومات في الحرب على الارهاب، ورصد حركة الارهابيين، وسبق ان قدمت روسيا لنا طائرات (السوخوي) التي استفدنا منها كثيرا في الحرب على الارهاب، ثم ان جزءا غير يسير من تسليحنا هو روسي.
ونؤكد انه لايوجد شئ يمنعنا من ان نتعاون مع روسيا والاستفادة من القدرات الروسية، اما بشأن موضوعة المقاتلين الروس في العراق فنؤكد وجود بعض الارهابيين ممن يحملون الجنسية الروسية وهناك من الشيشان الكثير، لكن هذا الامر يشكل قلقا كبيرا لروسيا كما ان موسكو تتعاون معنا في هذا الملف.
س/ كيف ترون الدور المصري في محاربة الإرهاب في المنطقة؟
نؤكد ان لمصر جهودا مهمة في مكافحة الارهاب، وتحركت بشكل فاعل للمطالبة بمحاسبة الدول الممولة للارهاب، ويحسب لمصر ان مجلس الامن تبنى مقترحها في شهر ايار الماضي في استصدار الاطار الدولي الشامل لمكافحة الخطاب الارهابي، باعتبار ان التصدي
ونؤكد ان مساعي مصر والعراق يمكن ان تتكامل في اروقة المنظمات الدولية عن طريق محاربة الداعمين للمنظمات الارهابية وكشف الممولين لها وتوثيق الملفات والمستندات لمساءلة من تسبب في اراقة دماء العراقيين والمصريين، مع رؤيتنا ان محاربة الارهاب تحتاج الى جهد شامل من المجتمع الدولي والمنظمات الدولية وكذلك المنظومة العربية للوصول الى قرارات ناجعة في التعامل مع تهديدات العصابات الارهابية وشل حركتها، وعلينا ان لاننسى ماتقوم به القوات المصرية وبشكل يومي من عمليات مطاردة وتمشيط ومداهمة لاوكار الارهاب سيما في سيناء والصحراء الغربية.
س/ ما هي آفاق التعاون الثنائي في مجال مكافحة الإرهاب بين بغداد والقاهرة؟
في الحقيقة يهم العراق ان تتطور العلاقات مع مصر على مستوى مكافحة الارهاب عن طريق تبادل المعلومات، وتعزيز الجهد الاستخباري والتدريب والتسليح، لان العراق ومصر يتقاربان في التحديات، ومن مصلحة البلدين ان تتكامل الادوار في الاستمرار بمحاربة الارهاب على الصعد السياسية والدبلوماسية والعسكرية ، ونحن نرى ان مصر والعراق ان حققا هذا التعاون البناء فانه سينعكس ايجابا على النظام الامني الاقليمي.
ونشير الى ان العراق يمتلك بعد المخاض الطويل في محاربة الارهاب الخبرة والمعلومات والامكانات الامنية ويمكن ان نقدمها بسخاء لمصر ولجميع لدول المنطقة.
وينتابنا في العراق الحزن عند حصول اي عملية ارهابية في مصر لان مصر بالنسبة لنا الشقيق العربي الاكبر وننظر الى قوة مصر واستقرارها الامني احد العوامل المهمة لاستقرار المنطقة.
وبهذا الصدد نشدد على ان حرب الجماعات الارهابية على الدول والمجتمعات ليست لها حدود فهي تعادي الانسان والاوطان ، ومن الضروي ان نحارب فكرها التكفيري بتقديم المعادل الفكري الذي يقوم على اشاعة الثقافة الوسطية والمحبة والسلم واحترام حقوق الانسان وحقوق المرأة.
س/ هناك من يرى أن العراق وسوريا سهّلا هروب الإرهابيين، مما ساعد على ترتيب انتشارهم في مناطق أخرى في المنطقة؟
نؤكد ان العراق لم يكن متهاونا قط مع الارهاب وفي كل معاركه معه لم يفتح اي ممرات امنة للفرار، لاننا نرى ان هروب الارهابيين يمثل معركة مؤجلة سوف تسهم في اعطاء المجال للعناصر التكفيرية لالتقاط انفاسها ومن ثم تشن هجماتها الغادرة من جديد، ودليل ذلك
ومن هنا نؤكد ان على الجميع تحمل المسؤولية في محاربة الارهاب عبر جهود تكاملية تبدأ بدعم الحل السياسي في الشقيقة سورية عن طريق تشجيع الفرقاء على التماس الحلول الناجعة مع الحذر كل الحذر من تحول ليبيا واليمن الى دول فاشلة، ومن ثم تأسيس نظام اقليمي فاعل هدفه تجفيف منابع الارهاب، ووأد خطابه التحريضي التكفيري، الذي ينمو في اوقات الفتن والازمات.
وبهذا الصدد نؤكد ان العراق يعبر عن تضامنه الكامل مع مصر حكومة وشعبا في مواجهة الارهاب الذي نعده عدوا مشتركا، وندعو الى توحيد الجهود من اجل القضاء عليه وتجفيف منابعه الفكرية.
س/ هل هناك اتفاقات نفطية ستوقع في الفترة المقبلة بين مصر والعراق ومتى ستفعل اتفاقية توريد النفط إلى مصر؟
هناك تعاون بناء بين البلدين في هذا الملف ونأمل ان يرتقي اكثر في اجتماعات اللجنة العليا المشتركة بين البلدين التي من المؤمل عقدها قريبا، كما وقع العراق مع مصر مذكرة تفاهم بشأن تزويد مصر ب (12) مليون برميل سنويا وقد استلمت مصر جميع الشحنات خلال العام الحالي.
وقريبا ستتم المباشرة، بتجهيز مصر بنفس الكميات في العام المقبل، فضلا عن مد انبوب للنفط من العراق مرورا بالاردن وانتهاء في مصر مما يجعل مصر مركزا لتصدير الطاقة في المنطقة.
س/ كيف ترى مستقبل العلاقات العراقية مع دول المنطقة خصوصا السعودية والإمارات ومصر في ظل الأزمة الخليجية؟
قبل كل شي اود ان اؤكد ان السياسية الخارجية للعراق تقوم على اساس الاستقلال الكامل والابتعاد عن المحاور واقامة العلاقات على اساس المصالح المشتركة والتعاون بالمثل وتنشيط الحوار والوسائل السلمية في معالجة الازمات وتجنب التدخل في شؤون الدول الاخرى.
كما ان الدبلوماسية العراقية انطلقت وفق منهج يرتكز على مد جسور العلاقة مع دول العالم كافة ومع دول الجوار وفق الاستحقاقات الجغرافية والتأريخية والمصالح المشتركة والمخاطر المشتركة وفي قمتها الحرب على الارهاب.
وبفضل السياسة الخارجية الحكيمة والنصر على الارهاب تمكن العراق من ان يحتل موقعا عالميا مؤثرا ، وينظر اليه اليوم عاملا ايجابيا في المنطقة، ويمكن ان يسهم في اخماد حرائقها.
اما بشأن العلاقة مع المملكة العربية السعودية فنؤكد على انها جار وشقيق مهم للعراق، وتربطنا معها عرى تواصل تأريخية، كما ان الكثير من العشائر العراقية لها امتدادت في المملكة والعكس صحيح ، لذا فنحن نسعى الى التعاون بين البلدين بما يعود بالفائدة على الشعبين ،وكانت هناك زيارة مؤخراً للسيد العبادي الى السعودية وكانت ناجحة بكل المقاييس، ونتج عنها تأسيس المجلس التنسيقي العراقي — السعودي.
اما بشأن الامارات فعلاقاتنا معها ايجابية ومهمة وتربطنا معها علاقات تجارية رئيسية، وبخصوص مصر فعلاقاتنا معها متميزة على اكثر من صعيد فهي باعتبارها الشقيق الاكبر دعمت العراق في حربه ضد الارهاب سواء على صعيد الجامعة العربية او في مجلس الامن، ونؤكد ان علاقاتنا مع مصر استراتيجية ومهمة لامن المنطقة.
كما ونشدد على اهمية الدور المحوري للقاهرة في المنطقة وسياستها الخارجية المتوازنة، ومواقفها في تهدئة الازمات ، كما ان الرئيس السيسي لم يضع شروطا في مجال دعم العراق والوقوف الى جانبه في محاربة الارهاب، والحفاظ على وحدته وسيادته.
أجرت الحوار: سارة نور الدين