اعمل وادرس
الطفل حاتم لم يتجاوز الثالث عشر من العمر يعمل ببيع البسكويت والبطاطا للأطفال في مركز الإيواء، التي يقوم بتأمينها من ندوة المركز التابعة للمؤسسة العامة للتجارة السورية لمساعدة عائلته المكونة من خمسة أشخاص.
يقول حاتم لجريدة "الأيام" أدرس في الصباح وأعمل بعد الظهر للمساء أربح بكل قطعة عشرة ليرات سورية أقوم بتجميعها حالياً لشراء مروحة لعائلتي أبي لا يستطيع العمل لأنه عاجز نتيجة إصابته بقذيفة في منطقة سقبا بالغوطة الشرقية ولا يوجد لديه راتب من الدولة كان عمله في تصليح السيارات لذلك أعمل لتأمين المال لعائلتي.
200 ليرة حلاقة الرأس… 150 — حلاقة الذقن
أما عبد الرحمن حميد بعدما دمرت محلاته التجارية في دوما اضطر أن يفتتح مصلحة خاصة به وهي حلاقة رجالية حيث قام بتأمين العديد من المعدات البسيطة للعمل وضمن الخيمة التي كتب على بابها حلاق للرجال فقط يقول لجريدة "الأيام": أستطيع تأمين مردود مالي بسيط من خلال هذه المهنة فكل زبون له سعر فحلاقة الرأس 200 ليرة سورية وحلاقة الذقن 150 ليرة سورية، مستحقاتي اليومية حوالي 1000 ليرة سورية وذلك بحسب عدد الزبائن.
يكمل حميد، أزمة السيولة ونقص السلع وارتفاع الأسعار أدى إلى التدهور الاقتصادي الشديد والقيود المفروضة على الواردات من أهم العوامل التي أدت إلى نقص السلع الأساسية وارتفاع الأسعار، مما جعل من الصعب لآلاف النازحين توفير حاجاتهم الخاصة والتي تعد من الضروريات.
مساعدات غذائية تباع للخارج
أما العم أبو العبد الله والذي يبيع ما يقدم له من مساعدات وسلال غذائية من خلال أشخاص يقومون بشرائها للمتاجرة بها خارج مركز الإيواء.
يضيف أبو العبد أن هؤلاء الأشخاص يدخلون إلى مركز الإيواء ويقومون بشراء المساعدات أو الطرود المقدمة مباشرة للاجئين بأسعار مخفضة، على أن يتم بيعها في الأسواق، مشيرا إلى أن هذه المتاجرة أقرب ما تكون إلى سوق سوداء تنشط في جميع المناطق السورية، مؤكداً اضطرارهم إلى بيع بعض السلع لتوفير أموال لاحتياجات ضرورية أخرى تتعلق بالصحة والتعليم والمعيشة ورأى أنه من الصعب ضبط هذه الممارسات من قبل أية جهة.
أما محمد الأغواني من بيت سوا فيقول لجريدة "الأيام" بعد أسبوع من خروجي من الغوطة طلبت العمل لتأمين مردود مالي لأطفالي وأعمل حالياً من الساعة 7 إلى 4 ظهرا في مركز الإيواء كعامل نظافة مقابل مبلغ 1500 ليرة يومياً ويتم محاسبتي كل يوم خميس لافتاً إلى أنها لا تغطي نفقات عائلته ولكن أفضل من الجلوس.
تجمع أم فؤاد الخبز المرمي على أطراف الخيام في مركز الإيواء لتقوم بتجفيفه ومن ثم بيعه، تبين السيدة التي تعتبر الخبز اليابس مصدرا لرزقها ثمن كيس وزنه نحو 20 كغ يتراوح بين 1500 و2000 ليرة سورية في الحقيقة، نتمكن من جمع عشر أكياس يوميا بفضل تبذير النازحين السوريين فالخبز أكثر الأشياء التي يتم توزيعها في المركز… هذا لا يمكننا من أن نصبح أغنياء، لكنه يوفر لنا دخلا محترما في انتظار الأفضل".
آلام كثيرة في قلب كل مهجر ترك بيته وعمله هربا من الإرهاب والحصار ليجد السكن المشترك حلاً مؤقتاً بينما تنتهي الحرب ويعود إلى منزله فزاد ألمه ألماً، وزاد قهره قهراً.