القضية أثيرت على نطاق واسع بعد التسريب الذي انتشر لناصر الزفزافي "أحد قيادات الحراك" من سجنه والذي أكد فيه على أنه "تعرض "للضرب والركل والرفس" و"اغتصاب بعصا" أثناء اعتقاله في مايو/أيار 2017.
في حين أكدت النيابة العامة في بيان استعدادها "لإعادة البحث" في هذه الادعاءات "إذا ما قدم الزفزافي أي دلائل أو قرائن جديدة تسمح بذلك".
وأشارت إلى أنها سبق أن حفظت شكاية تقدم بها الزفزافي حول تعرضه للتعذيب بعد "بحث دقيق" لم يظهر "ثبوت أي اعتداء أو هتك للعرض".
الأزمة التي تعود لنحو ثلاث سنوات حملت في بداية مطالب الحراك مطالب اجتماعية واقتصادية منذ أواخر 2016 منتصف 2017، حيث خرجت أولى مظاهراته احتجاجا على حادث أودى ببائع السمك محسن فكري، فيما اتهمته السلطات بخدمة أجندة انفصالية والتآمر للمسّ بأمن الدولة.
في البداية، يقول عبد الإله الخضري، رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، إنه بعد تسريب تسجيل صوتي لزعيم حراك الريف ناصر الزفزافي، يندد من خلاله بما تعرض له من تعذيب شديد من قبل عناصر أمنية أثناء توقيفه في سنة 2017، بالإضافة إلى معلومات أخرى لا تقل خطورة، وما استتبع ذلك من إجراءات عقابية في حقه، وفي حق عدد من قيادات الحراك المعتقلين، فضلا عن مطالبتهم سابقا بإسقاط الجنسية المغربية عنهم، بسبب ما تعرضوا إليه أثناء اعتقالهم وما يتعرضون إليه خلال سجنهم، كلها مؤشرات تصعيدية لا تبشر بأفق انفراجة محتملة لقضيتهم.
هل يحقق في الأمر؟
ويرى الخضري في حديثه لـ"سبوتنيك"، اليوم السبت، أن قرار إحالة مزاعم تعرضهم للتعذيب على الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب لن يقدم للقضية شيئا، ربما تبدو في الأفق محاولة لتكذيب ما جاء في تصريحات قائد حراك الريف ناصر الزفزافي، بحسب نص قوله.
وفيما يتعلق بالقضايا التي رفع بشأنها نشطاء الحراك شعاراتهم ونظموا احتجاجات كبيرة بشأنها، أوضح الخضري أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال إنكار الطابع الحقوقي بكل تجلياته لتلك القضايا، إلا أنه لا يمكن التغاضي عن الاعتبارات السياسية القائمة، ولو تعلق الأمر بالبعد التاريخي، أي منذ عهد الاستعمار.
معاناة منطقة الريف
وفيما يتعلق بإمكانية تدخل الملك تابع الخضري:
أما بخصوص تدخل الملك، في تقديري الشخصي، استبعد هذا الطرح، بالنظر إلى كون العفو الملكي قد يستلزم مراجعات جوهرية في قناعات قادة حراك الريف، وهذا المنحى مستبعد حاليا، وبالتالي لا أظن أن شئيا ما قد يحدث.
ويقدر عدد نشطاء الحراك المعتقلين حاليا بنحو 60 شخصا بحسب جمعيات حقوقية مغربية، بينما قدر عدد الذين اعتقلوا إجمالا بالمئات، في ظل عدم وجود إحصائية دقيقة، خاصة بعد حصول بعضهم على عفو ملكي.
إشكاليات وتعقيدات قانونية وسياسية
إشكالية ما يراها البعض تتعلق بالأحكام النهائية الصادرة والتي تمثل الجانب القانوني، وأخرى تتعلق بالمقاربة الحقوقية والاجتماعية، حيث يقول الدكتور سمير بودينار، رئيس مركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية بوجدة، إن الجانب القانوني في ما يسمى بـ "الحراك الريف" بلغ مداه، خاصة بعد صدور أحكام نهائية ضد المعتقلين.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، السبت، أن الملك محمد السادس تدخل في السابق للعفو عن البعض في وقت سابق، وأنه يجرى العمل الآن على طي هذا الملف، إلا أن الأمر لا يقتصر على البعد الحقوقي فقط، في ظل صدور أحكام تتعلق بجرائم أخرى، وكذلك الطابع السياسي المتعلق بإدارة الملف من الناحية السياسية، يضاف إلى ذلك الجانب الحقوقي أيضا.
وأشار إلى أن المطلب الأشمل الأن يهدف للإفراج عن هؤلاء الشباب والمعتقلين، خاصة المقاربة التي نتج عنها الحراك كانت متعددة الأبعاد على مختلف الأصعدة الاجتماعية والاقتصادية.
وأوضح أن الحالات المتبقية الأن صدرت بحقهم أحكام قضائية في أبعاد قانونية، وتحتاج إلى حل يستحضر كافة الأبعاد وعدم حصرها في بعد واحد.
تخوفات من حالة انفجار
على الجانب الآخر، ترى الأكاديمية لطيفة البوحسيني، أستاذ التاريخ بجامعة محمد الخامس، أن مطالب الأهالي بالإفراج عن المعتقلين هي مطالب مشروعة، خاصة أنه وبحسب الدستور يحق للملك التدخل والإفراج عن بعضهم كما حدث في السابق.
وردد المحتجون الغاضبون، من الحسيمة وامزورن، شعارات مستوحاة من الحراك: "من أجلنا اعتقلوا. من أجلهم نناضل"، و"الحرية الفورية للمعتقل السياسي"، و"يا معتقل ارتاح ارتاح. سنواصل الكفاح"، بحسب "هيسبريس"
وقال أحمد الزفزافي، والد "أيقونة حراك الرّيف":
إنّ ناصر الزفزافي مضرب عن الطعام منذ أكثر من خمسة أيام بسبب عمليات التّرحيل التي تمت مؤخرا.
وأكد في كلمة أمام المحتجين إلى أن "المندوبية لا تملك القرار بيدها. القرار يأتيها من الفوق، وهؤلاء يريدون تقسيم الوطن".