وكانت الحكومة السورية قد أعطت في 27 أكتوبر/ تشرين الأول مهلة 30 يوما لوزارات الصناعة والنقل والإدارة المحلية والسياحة لإتمام دراسة الجدوى الاقتصادية والآلية التنفيذية لمشاريعها التي تقدمت بها لهيئة التخطيط والتعاون الدولي السورية وفق قانون التشاركية.
وكتبت الصفحة "قرر المجتمعون في المجلس الأعلى للتشاركية وضع آلية لتنظيم العمل بين الوزارات ومكتب التشاركية واقتراح المشاريع التي تندرج تحت إطار قانون التشاركية في كل وزارة بعد إعداد دراسات الجدوى الاقتصادية الخاصة بها وتحديد مدى توفر جاذبية تجارية لدى القطاع الخاص للمشاركة فيها، والمفاضلة بين الخيارات المختلفة لتحديد ما إذا كان خيار التشاركية يمثل الخيار الأفضل بالنسبة لتنفيذ هذه المشاريع".
ويشهد القطاع الصناعي في سوريا تجربة ذهبية للقطاع المشترك وهي شركة الفرات لصناعة الجرارات التي تأسست في سبعينات القرن الماضي وكانت بمشاركة 25% لشركة إسبانية و75% للحكومة السورية، وكانت الرواتب فيها والأجور أعلى من مثيلاتها في القطاع العام، وتمكنت الإدارة السورية المحلية من تحويل الشركة في عام 2004 إلى رابحة ومنافسة ومنتجة بالرغم من غياب الشريك الإسباني، عن طريق الاستفادة من الآليات الناظمة وقوانين عمل الشركة التي تعطيها مرونة كبيرة في الشراء والتسويق والتصنيع غلى عكس شركات القطاع العام التي يكبلها القانون بآليات محدةة روتينية تعقد العمل الصناعي، وبالتالي حققت شركة الجرارات أرباحا كبيرة بعد عام 2005 وصلت إلى مئات الملايين آنذاك وأنتجت حوالي 2000 جرار وسطيا كل عام.
وحول فكرة التشاركية، قال الأستاذ الدكتور في كلية الاقتصاد في جامعة تشرين باسم غدير لوكالة "سبوتنيك":
"القطاع الحكومي في سورية وخاصة الإنتاجي منه، يعاني من مشاكل كثيرة أدّت إلى عدم قدرته على مواكبة التطورات مع استمرار خسائره المتراكمة. ومن جهة أخرى أجد أنّ القطاع الخاص في سورية لم يسهم بشكل فعال في تحمّل أعباء النهوض الاقتصادي الفعلي ولا حتى الاجتماعي، أسوةً بالقطاع الخاص في الاقتصادات المتقدمة، فبعد قانون الاستثمار ذائع الصيت "قانون الاستثمار رقم 10" وقع القطاع الخاص في فخ البحث عن المشاريع ذات الربحية السريعة أكثر من المشاريع ذات الأهمية الاقتصادية القائدة! ... بناء على الفكرتين السابقتين أجد أنّ التشاركية بين القطاع العام والخاص تشكّل حلاًّ لكلا الطرفين من جوانب عدّة: فهي ستدفع بالقطاع الحكومي إلى اقحام منظومته المترهّلة لتواجه المنافسة التي من المفترض أن تعمل على إصلاحها ودمجها في حركة السوق الطبيعية المبنية أساساً على الربحية والانصات لصوت المصالح الحقيقية بعيداً عن الوقوف عند الدور الأبوي الكلاسيكي للقطاع الحكومي ومن جانب آخر سترغم القطاع الخاص على تحّمل مسؤولياته ليستلم زمام المبادرة للنهوض الاقتصادي والاجتماعي كما هي حال اقتصادات البلدان المتقدمة عبر مشاريع تنموية جنبا إلى جنب مع القطاع الحكومي.
بدوره قال الدكتور سنان ديب رئيس جمعية العلوم الاقتصادية في اللاذقية لوكالة سبوتنيك:
"التشاركية مفهوم للتعاون بين العام والخاص للاستثمار الأمثل للطاقات بما يسهم بزيادة النمو والتنمية ويحقق بدائل محلية في شتى المجالات وهو صيغة صحيحة في حال التطبيق بما يوافق هذه المواصفات ولكن للاسف هذا المفهوم بالنسبة لسورية أصابه الكثير من انعدام الثقة وذلك لأن فكرة طرحه قبل الازمة في وقت كانت المؤشرات الإقتصادية جيدة ومتوفرة ولا تحتاج الحكومة شركاء بالمجالات المطروحة فقد كان المبلغ المطلوب لإصلاح القطاع العام فقط 100 مليار.
وأضاف: "وبعد ذلك كم من معمل أغلق رغما من أرباحه المضمونة ومنتجاته الموثوقة و لم ينظر الخاص للتشاركية إلا في قطاعات منتجة واستراتيجية وبشروط مجحفة كما حصل بمحطة حاويات اللاذقية وطرطوس و كما حصل بمعمل إسمنت طرطوس وعدرا وغيرها . فوجد هؤلاء بنى تحتية جاهزة و مجال عمل مسوق بأرباح مضمونة بدلا من ضخ استثمارات جديدة.
واليوم التشاركية غدت ضرورة، والفائدة المنبثقة تكون حسب عقود التشاركية والتي يجب أن توضح علننا وبشكل مقونن حقوق العمال والمستحقات لهم".
وختم الدكتور ديب: "بالتالي أي تشاركية تؤمن الإحتياجات الضرورية وتؤمن الحقوق هي حاجة وضرورة وهنا لابد من التنويه بأن الأولوية للقطاع الخاص المحلي ولكن قد يكون الطرف المشارك خارجي مثل الصين أو روسيا وهنا يجب أن تكون الشروط أكثر حذرا من ناحية الغاية والنتيجة ".