تعقيدات اجرائية
وزير أملاك الدولة الأسبق في حكومة يوسف الشاهد، مبروك كرشيد، اعتبر في تصريح لوكالة "سبوتنيك" أن نجاح حكومات ما بعد الثورة في معالجة ملف الأموال المنهوبة والأملاك المصادرة يعتبر نسبيا.
وأشار الوزير الأسبق إلى أن نص القانون المتعلق بتنظيم إجراءات هذا الموضوع كان خاطئا فالمصادرة تتبع لجنة المصادرة العائدة بالنظر إلى وزارة أملاك الدولة و التصرف في الأملاك المصادرة، و بيعها يعود إلى وزارة المالية وهذا أدى إلى ازدواجية بين مؤسسات الدولة .
و أوضح وزير أملاك الدولة الأسبق و العضو السابق في لجنة التصرف في الأملاك المصادرة أنه "تم تحريك الملفات، وتم بذل الكثير من الجهود واشتغلت معه لجنة الكرامة القابضة، وهي المؤسسة المسؤولة عن التصرف والبيع، لكن بقي هذا الملف يشهد الكثير من البطء يعود في بعضه إلى النص القانوني، وفي بعضه الأخر إلى الأحكام القضائية إلى جانب إهمال الإدارة، وهي كلها أسباب ساهمت في تعطيل هذا الملف برمته".
وشدد كرشيد في حديثه عن الأملاك المصادرة و الأموال المنهوبة، على ضرورة أن تؤدي الإدارة دورها والشركات كذلك، كي يتم بيع المؤسسات المصادرة والتقدم بشكل جيد في هذا الملف.
التفويت التدريجي
وفي غمرة الوعد و الوعيد بشأن مكافحة الفساد في تونس، ظل إرث الأملاك المصادرة يسير بخطى خجولة مع كل حكومة تأتي ويرحّل من واحدة إلى أخرى فشركة الكرامة القابضة قامت بتصفية جزء من إرث المؤسسات المصادرة بمعدل 7 مؤسسات سنويا منذ عام 2017 مقابل 7 مؤسسات فقط في الفترة الممتدة بين 2011 و 2017.
وكانت خزينة الدولة قد جنت أكثر من 100 مليون دينار (ما يعادل 35.5 مليون دولار أمريكي) من صفقات التفويت عام 2019 مقابل 300 مليون دينار (ما يعادل 106.6 مليون دولار) عام 2018.
وإن لم تستطع الدولة التونسية حتى الآن تحديد قيمة ثروة الرئيس الراحل زين العابدين بن علي و عائلته، التي قام بتهريبها إلى خارج البلاد، فالبنك المركزي توصل إلى تحديد ممتلكات و أموال منهوبة في 10 بلدان، فيما يقدر خبراء قيمتها بمليارات الدولارات.
الهيئة تحذر
الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، أكدت إلى ان الدولة التونسية تخسر سنويا 3 مليارات دولار بسبب الفساد، وأوضحت أنه جرى تعويم ملف الأموال المنهوبة لأغراض سياسية، حيث أكد رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد شوقي الطبيب أنه لم تكن هناك خطة من قبل الدولة التونسية، ولم يكن هناك الحد الأدنى من التنسيق بين مختلف الهياكل المتدخلة في هذا الملف، حتى أن تم تسجيل فشل شكلي وإجرائي في بعض القضايا، وهي أمور جعلت تونس تتراجع في التصنيف العالمي لمكافحة الفساد، بحسب منظمة الشفافية الدولية .
كما تم استرجاع 28 مليون دولار ملك حرم الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي ومبلغ آخر قيمته 28 مليون دولار من لبنان، كذلك استرجاع مبلغ بقيمة 1500 مليون يورو ملك ابنة الرئيس المخلوع و زوجها كان مودع بأحد البنوك السويسرية.
لجنة المالية
من جهته، أوضح عضو لجنة المالية بالبرلمان هشام العجبوني في تصريح لوكالة "سبوتنيك" أن ملف الأموال و الممتلكات المصادرة كان بمثابة الصندوق الأسود، الذي يطرح عديد التساؤلات، مشيرا إلى أنه إلى حد الآن لم تقع محاسبة أي طرف سياسي حول كيفية التصرف في هذه الأموال.
وقال العجبوني إن "لجنة المالية ستقوم بزيارة شركة الكرامة القابضة المعنية بالتصرف في الممتلكات المصادرة، من أجل الكشف عن مصير الأموال والأصول والمؤسسات، التي تم مصادرها وتقديم جرد مفصل حولها، لأنها تبقى أموال الشعب التونسي، التي وقع نهبها وبالتالي لا بد من تحديد المسؤوليات ومحاسبة كل من أخطأ أو أساء التصرف في هذه الممتلكات".
وأكد عضو لجنة المالية بالبرلمان التونسي هشام العجبوني أن اللجنة ستعد تقريرا نهائيا حول هذا الملف وإطلاع الرأي العام بنتائجه.