تتواصل المعارك الضارية، خصوصا في خان يونس، بالتزامن مع قصف عنيف على مختلف مناطق القطاع، وكان الجيش الإسرائيلي أطلق تحذيرات بشن عملية عسكرية، شمال غربي خان يونس، بعد أن دعا السكان إلى إخلاء مدينة حمد السكنية، والانتقال إلى "المنطقة الإنسانية" المزعومة بشكل "مؤقت".
نزوح مستمر تحت القصف
وألقى الجيش الإسرائيلي منشورات وأرسل رسائل قصيرة واتصالات هاتفية مطالباً الفلسطينيين بإخلاء مدينة حمد، والتي تضم 53 عمارة سكنية، وتمتلئ بخيام النازحين، وتضم بين جنباتها ما يزيد عن مائة ألف فلسطيني من سكانها والنازحين، وفق تقديرات محلية، وتعرضت لدمار كبير منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وعلى غير هدى نزح نحو 100 ألف فلسطيني، وتم إخلاء ما تبقى من عمارات مدينة حمد، وفكك النازحون حول المدينة وفي طرقاتها خيامهم، في مشهد نزوح يزيد من الأعباء على الفلسطينيين ويعمق معاناتهم، بعدما تكرر مشهد النزوح ما يزيد عن 15 مرة منذ بدء الحرب.
واضطر عدد كبير من العائلات إلى البقاء في الشوارع، لا يعرفون أين يتجهون، فلم يعد في قطاع غزة مكان آمن، ويقول النازح، صالح غالب، لوكالة "سبوتنيك": "ألقوا علينا منشورات للخروج، ومنحونا 5 ساعات فقط، ولا نعرف أين نذهب فلا يوجد مكان أمن، لقد نزحنا مرات كثيرة، وأطالب الدول العربية بالتدخل لوقف الحرب، نحن نموت كل يوم، الناس في الشوارع وينام الأطفال والنساء على الأرض بلا فراش، يجب أن تتوقف الحرب".
واستمر الكثير من سكان غزة البالغ عددهم نحو 2.2 مليون نسمة، في النزوح من مكان لآخر طوال الحرب، حيث تواصلت الهجمات الإسرائيلية من حي إلى آخر ومن مدينة إلى أخرى.
وقال عبد الرؤوف حجاج، وهو أب لخمسة أطفال لـ"سبوتنيك": "هذه هي المرة الخامسة عشر التي ننزح فيها منذ بدء الحرب، نحن من الشجاعية شرق مدينة غزة، ونزحنا إلى كل مكان تقريبا، واليوم نحمل ما نستطيع من أمتعة، لا نعرف أين نتجه، هذه الحالة مرهقة وتستنزف الأمل من داخلنا، بتنا نتمنى الموت في كل لحظة".
ويضيف: "قصفوا الأبراج وخرجنا تحت القصف، ونجونا بأعجوبة، هذه ليست حرب، إنما هي إبادة جماعية، نحن نحاول أن نبحث عن الأمان في كل مرة ننزح فيها ولا نجده، نمكث في مكان فترة قصيرة، ثم نضطر إلى النزوح ونحمل الخيمة وننتقل بشكل مستمر من مكان إلى آخر، ولا نعرف هل هذا النزوح الأخير أم لا".
وواصلت طائرات ومدفعية الجيش الإسرائيلي قصفها لمدينة حمد السكنية، مجبرة آلاف الفلسطينيين على النزوح إلى وسط القطاع، وقد طال القصف عدة أبراج سكنية في المدينة التي سبق وأن دُمرت خلال الحرب، وترافق ذلك مع مواصلة الدبابات الإسرائيلية التوغل في عمق الأحياء الشرقية والجنوبية من مدينة خان يونس.
وتحت أشعة الشمس الحارقة حملن النساء أطفالهن، فيما دفع الرجال عربات وكراسي متحركة على الطرق الرملية، وحمل أطفال حقائب ثقيلة، في رحلة نزوح متكررة، وتجمع عشرات العائلات التي نزحت من مدينة حمد في خان يونس على شكل مجموعات على أرضية المدارس والطرقات.
وكانت الحاجّة، مفيدة القدرة، قد نزحت للمرة العاشرة منذ بدء الحرب، لكنها هذه المرة لم تستطع أن تحمل معها شيئا، فقد تعبت من النزوح المتكرر. وتقول لوكالة "سبوتنيك": "لقد قتل زوجي وابني وحفيدي وقصف منزلنا، ونزحت مع الأيتام لا أعرف إلى أين نذهب، لقد تعبنا فنحن ميتون بالفعل، نجلس في الشارع، ولا أجد وسيلة نقل، وليس لدي مال، لقد أنفقت كل ما أملك".
وتتواصل موجات النزوح الفلسطينية من مختلف محافظات قطاع غزة منذ بداية الحرب الإسرائيلية، بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وقد استهدفت المنشآت المدنية والمستشفيات والمدارس التي تعج بآلاف النازحين، إضافة للتسبب بمجاعة كارثية بسبب الحصار الذي اشتد مع بداية الحرب، بحسب منظمات حقوقية وإنسانية دولية وأممية.
ويواصل الجيش الإسرائيلي حربه على قطاع غزة، منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وفي اليوم الـ 312 ارتفع عدد القتلى منذ بداية الحرب على القطاع، إلى39,897 قتيل غالبيتهم من النساء والأطفال، وإصابة92,152 آخرين.
وفي 7 أكتوبر/ تشرين الأول، شن مقاتلون من "حماس" هجوما على جنوب إسرائيل أدى لمقتل 1200 إسرائيلي، وفقا لبيانات إسرائيلية رسمية، وردا على هجوم "حماس"، تعهدت إسرائيل بـ"القضاء" على الحركة، وتقول إسرائيل إن 130 أسيرا ما زالوا محتجزين في غزة، بينهم 30 ماتوا، من إجمالي 250 شخصا خطفوا في 7 أكتوبر/ تشرين الأول.