وأعلنت وزارة الصحة اللبنانية، اليوم الإثنين، أن "القصف الإسرائيلي على الجنوب، حتى الآن، قتل 274 شخصا وتسبب بإصابة 1024 آخرين".
وأفادت وكالة الأنباء اللبنانية، بأن "مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة العامة أعلن أن غارات العدو الإسرائيلي المتمادية على البلدات والقرى الجنوبية أدت في حصيلة أولية إلى استشهاد مائة شخص وإصابة أكثر من أربعمائة جريح، ومن بين الشهداء والجرحى أطفال ونساء ومسعفون".
وأعلنت وسائل إعلام إسرائيلية، أن "سلاح الجو الإسرائيلي بدأ موجة ثانية من الهجمات الواسعة والقوية، على مواقع لـ"حزب الله" في جنوب لبنان".
وأفادت وسائل الإعلام، بأن الغارات الإسرائيلية استهدفت بلدات حولا ومجدل سلم وطلوسة والصوانة وعيتا الشعب جنوبي لبنان، مشيرةً إلى أن "هجمات الجيش الإسرائيلي تركز على المناطق المأهولة بالسكان حيث يخزن "حزب الله" أسلحته".
التصعيد أو الاحتواء
اعتبر سركيس أبو زيد، المحلل السياسي اللبناني، "أن لبنان اليوم في سباق بين الحرب الشاملة والاحتواء، لذلك تعتمد إسرائيل التصعيد على طريقة غزة من خلال القصف والدمار والاغتيالات والإبادة، من أجل إخضاع الفريق الآخر للتسليم بوجهة نظره وقراراته".
وأكد أن نتنياهو يريد اعتماد سياسة إعادة النظر في الجغرافيا والتمهيد لتحقيق مشروع إسرائيل الكبرى، وهو ما يعني رفضه لكيان فلسطيني، أو لمشروع الدولتين، ويعتمد سياسة الأرض المحروقة وفرض شروطه من خلال تدميره للفريق الآخر، لذلك يسعى إلى القضاء على حماس، والآن حزب الله لذلك يعتمد على هذه السياسة التي بدأت في لبنان، ونقل المعركة في غزة التي لم يحقق فيها انتصارات واضحة إلى لبنان، لعله يستطيع أن يحقق بعض المكاسب.
وأوضح أبو زيد، أن نتنياهو والحكومة الإسرائيلية تستغل الوضع في مرحلة الانتخابات الأمريكية، والظروف التي يمر بها الحزب الديمقراطي والجمهوري، ومحاولتهما إرضاء الناخب الصهيوني بشكل أساسي لحسم المعركة الانتخابية.
وأشار إلى أن "هناك محاولات ومساعي لإيجاد تسوية أو حل لمنع التصعيد، خاصة أن بعض الدول والجهات الأمريكية، تتفادى عدم الوصول لحرب إقليمية ربما تتحول إلى حرب إقليمية، مؤكدًا أن في هذه الأيام الصعبة يمر لبنان بصراع بين مشروعين، مشروع حرب واسعة على لبنان قد تتدحرج لحرب دولية، أو إيجاد احتواء أو هدنة لوضع حد لهذا التصعيد الذي قد يضر العديد من الدول".
الهروب إلى الأمام
من جانبه أكد الناشط المدني اللبناني، أسامة وهبي، أن "هناك تصعيدا خطيرا جدا وخرق لكل الخطوط الحمر من قبل إسرائيل، بينما بقي حزب الله منضبطا حتى آخر الفترة ما قبل التصعيد، وتفجير الأجهزة اللاسلكية، واغتيال قيادات الرضوان".
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك": "نتنياهو من افتعل هذا التصعيد في محاولة لتحقيق أي انتصار في جبهة الشمال، بعد أن عجز عن تحقيق أي هدف من أهدافه التي أعلنها في جبهة غزة، ما يعني أنه يهرب إلى الأمام".
وأكد أن المواجهة مع حزب الله ليست نزهة، الحزب أقوى من حماس ولديه عمق جغرافي وخطوط إمداد مفتوحة، وحاضنة شعبية متضامنة بالفعل، ويملك كذلك تضامنا شعبيا غير قليل، لذلك من الصعب أن نقول إن لبنان سيتحول إلى غزة، حيث لا يمكن لإسرائيل أن يفعل ذلك.
وتابع: "نتنياهو أعجز من أن يدخل بريًا وإذا دخل سيكون هناك خسائر لا يمكنه تحملها، على مستوى الجنود والعتاد، وسيكون هناك المزيد من النازحين من شمال فلسطين المحتلة، وربما من حيفا والناصرة وعكا والعمق الإسرائيلي قد يصل إلى تل أبيب".
ويرى الناشط اللبناني، أن الوضع ليس بالأمر السهل، ونتنياهو يفعل المستحيل في الفترة التي تسبق الانتخابات الأمريكية، لأنه يعرف بأن الرئيس الأمريكي أصبح ضعيفًا، والمرشحان ملتهيان بالحملات الانتخابية، ما اعتبره فترة سماح، آملا في أن يحقق أي إنجاز على صعيد هذه الحرب تخلصه من المحاسبة والسجن، بعد الإخفاقات في حرب غزة.
وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، اليوم الإثنين، أن "من يحاول أن يؤذي إسرائيل سنؤذيه أكثر".
وقال نتنياهو من غرفة التحكم الرئيسة في وزارة الدفاع بتل أبيب، "نحن على أعتاب أيام معقدة"، مضيفا: "سياستنا هي عدم انتظار التهديد بل نتوقعه في أي مكان وفي أي وقت".
وتابع: "وعدت بتغيير ميزان القوى في الشمال وهذا بالضبط ما نفعله الآن"، داعيا جميع الإسرائيليين إلى اتباع الإرشادات الداخلية والبقاء متحدين.
وأكد نتنياهو أن "إسرائيل تقضي على كبار المسؤولين في حزب الله وتدمر آلاف الصواريخ والقذائف التي تستهدف المدن الإسرائيلية والمواطنين الإسرائيليين".
وقال المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في وقت سابق اليوم، إن "إسرائيل صبرت 11 شهرا ونصف على قصف "حزب الله"، ولن نقبل باستمرارها"، مؤكدا أنه "وقت الرد حان الآن".
وأضاف أن "حزب الله أطلق 9 آلاف صاروخ من لبنان باتجاه إسرائيل منذ 7 أكتوبر"، مؤكدا أن هذه الصواريخ أدت إلى خسائر ضخمة في شمال إسرائيل".
وشهد لبنان هجوما مزدوجا واسع النطاق، يومي 17 و18 أيلول/ سبتمبر الجاري، استهدف تفجير عدد كبير من أجهزة النداء "البيجر" والاتصالات اللاسلكية، وبحسب البيانات الرسمية، فقد قُتل 37 شخصاً وأصيب نحو 3000 آخرين.
وحتى الآن لم يُعرف بشكل قاطع كيفية التفجير المتزامن لآلاف الأجهزة، ولكن الحكومة اللبنانية و"حزب الله" اتهما "إسرائيل بالمسؤولية عن الهجوم"، فيما لم تؤكد السلطات الإسرائيلية أو تنفي ضلوعها به.
وازدادت حدة التوترات بعد استهداف الجيش الإسرائيلي الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت وقتل القيادي في "حزب الله" فؤاد شكر أواخر تموز/يوليو الماضي، ورد الحزب باستهداف مقر الوحدة 8200 في قاعدة "غاليلوت"، فيما لم تنجح أي جهود دبلوماسية، ومن بينها مساعي آموس هوكشتاين مبعوث الرئيس الأمريكي الخاص، في التوصل إلى تهدئة حتى الآن.