بعد اغتيال حسن نصر الله.. ما سيناريوهات المرحلة المقبلة بين لبنان وحزب الله؟

في وقت اعتبر فيه البعض أن المعارك بين إسرائيل و"حزب الله" ضمن قواعد الاشتباك، جاءت عملية اغتيال الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله لتشكل نقطة فارقة في تاريخ الحزب والمواجهة القائمة.
Sputnik
اغتيال نصر الله أخرج العمليات خارج حدود هذه القواعد، بيد أن الجميع بانتظار الرد سواء من "حزب الله" أو إيران، أو باقي محور المقاومة، لا سيما مع الحديث عن تحضيرات إسرائيلية للدخول البري، لاستغلال ما قامت بتحقيقه من انتصارات ميدانية.
ويطرح البعض تساؤلات بشأن سيناريوهات المرحلة المقبلة في الصراع الدائر، وما إذا كانت المنطقة بصدد حرب إقليمية واسعة، أم أن تدخلا إقليميًا قد يؤدي لاحتواء الموقف، ويمنع اندلاع هذه الحرب.
وأعلن "حزب الله" اللبناني، يوم أمس السبت، مقتل أمينه العام، حسن نصر الله، في غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية في بيروت.

مخاوف الحرب الأهلية

رئيس البرلمان الإيراني: اغتيال حسن نصر الله يظهر مدى يأس إسرائيل
اعتبرت الدكتورة سلمى الحاج، المحللة السياسية اللبنانية، أن الضربة الإسرائيلية التي استهدفت حسن نصر الله وقيادات "حزب الله"، ومن قبلها تفجير أجهزة "البيجر" محطة مفصلية في تاريخ الحزب، وتاريخ لبنان والمنطقة كذلك، وأضافت أن الشارع اللبناني لاسيما من بيئة الحزب أو من يناصره يحتاج إلى رد قوي يرفع من خلاله المعنويات.
وبحسب حديثها لـ "سبوتنيك"، الخرق الكبير لدى الحزب يتطلب منه ضبط جبهته الداخلية الأمنية، واكتشاف وإبعاد العملاء، قبل أي رد سواء من لبنان أو العراق واليمن، متسائلة عن الرد الإيراني وغيابه كدعم عسكري طالما توعد الإيرانيون به.
وتنقل الحاج أن طهران على المستوى الشعبي باتت في دائرة الشك والاتهامات بالتخلي عن أقوى ذراع لها في المنطقة، وأهم ورقة استراتيجية، لكنها استبعدت هذه الفرضية، للاعتبار نفسه أنه طالما الحزب هو أقوى حركة لإيران، ما هي مصلحة طهران في رفع الغطاء.
وأشارت إلى أن الحزب التزم بمقولة قواعد الاشتباك، فيما كان الإسرائيلي يتخطاها بأشواط، وهذا أدى إلى استنزاف للجبهة الداخلية اللبنانية، كما أن إسرائيل استغلت فائض قوة، بعد أن عاش الحزب حالة النشوة للنصر، وكأنها عملت على إلهاء الحزب وانقضت بضربات قد تكون قاتلة وتغير وجه المنطقة، مؤكدة أن ترسانة الحزب لا تقارن بإسرائيل التي تتفوق أمنيا وعسكريا وجويًا.
ولفتت إلى الدعم الغربي خصوصا الأمريكي، مؤكدة أن المرحلة المقبلة ستكشف تفاصيل الرد، وما إن كانت طهران سترد على هذه العملية أم لا.
وتابعت: "إيران عادة لا ترد ولا تورط نفسها في حرب، باعتبارها مشروع دولة نووية وليس من مصلحتها الحرب وهذا منطق الدول"، مشيرة إلى إعلان الحرس الثوري أن المرشد بات في مكان آمن وهذا قد يأخذنا إلى فرضية أن إيران حتى الآن لم تتخل عن الحزب وهي في دائرة الاستهداف بشخص المرشد وهذا يدخلنا في نفق أكبر على مستوى المنطقة كلها.
وفيما يتعلق بإمكانية الهجوم البري الإسرائيلي على لبنان، قالت إن "الاحتلال يتحضر لهجوم بري منذ 17 عاما، ودائما في بال الإسرائيلي متى سيهاجم لبنان". وتابعت: "الفكرة الآن من سيواجه إسرائيل، إذا كان الحزب تم القضاء عليه وشل قدراته، كما يقول الإسرائيلي إنه جرى القضاء على غالبية ترسانة الحزب، فيما الجيش اللبناني بطل وقادر على المواجهة لكنه لا يملك الأسلحة اللازمة لمواجهة عدو مثل إسرائيل وهذا بقرار دولي".
وختمت الحاج بالقول: "مقبلون على تغيرات كثيرة وكبيرة وأخشى على لبنان من الفتنة والحرب الأهلية التي يعد لها".

فوضى وغموض

وسائط متعددة
نعيم قاسم.. خليفة حسن نصر الله المحتمل
في السياق، اعتبر سركيس أبو زيد، المحلل السياسي اللبناني، أن سيناريوهات المرحلة المقبلة تشوبها الفوضى والغموض والضبابية، لأن موازين القوى غير واضحة، وتحركات الأطراف خاضعة لتغيرات وتبدلات بعد حادثة الاغتيال التي طالت حسن نصر الله، وإعادة النظر في موازين القوى والأداء للمرحلة المقبلة.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، لا يزال الوضع الأمني والاجتماعي في لبنان متماسك، وكذلك الوحدة الوطنية بسبب الالتفاف حول الجرحى والمصابين والتعاطي مع النازحين، لكن هناك بعض الأطراف التي تظهر خلافها وعدائها لـ"حزب الله"، وهو ما قد يؤدي إلى الفوضى والفتنة، لكن الوضع منضبط بسبب التحرك السريع للحكومة والجيش.
وأوضح أن إسرائيل كانت تراهن على الفوضى واندلاع فتنة تؤدي إلى تطويق "حزب الله" من جهة، وابتزاز الدولة من جهة أخرى، لكن الأمر برمته معرض للتغيرات، في ظل المعالجات الإقليمية والدولية لجهة عدم خسارة لبنان أمنه واستقرار.
وأكد أن الأزمة الاقتصادية السابقة وأزمة النازحين، والخلافات الكامنة السياسية وغيرها، تفسح المجال لأشكال عدة من الصدام أو التوتر لا أحد يستطيع أن يتحكم بنتائجه أو مصيره، والكل ينتظر كيف سيكون أداء القيادة الجديدة في "حزب الله"، والذي من المؤكد أنه سيسر على نهج السيد وسياسة الحزب، لكن قد يكون أكثر صداما، كما أن الأداء قد يتغير وفق التحولات الحاصلة.
وتابع: "من جهة أخرى الكل يترقب الموقف الإيراني، لأن إيران بالمرحلة السابقة اعتمدت الحل الدبلوماسي وجلست مع أمريكا على طاولة التفاوض دون الوصول لنتائج، فهل تستمر إيران بهذا النهج، أم ستتدخل مباشرة خاصة بعد الاغتيالات التي حصلت لقياداتها أو بعد اغتيال حسن نصر الله، فالموقف الإيراني يشجع أو يغير معالم وأداء محور المقاومة".
ويعتقد أن إسرائيل ستذهب باتجاه التصعيد في هذا الظرف، لتحقق مجموعة من الإنجازات، ومن أجل أن يزيد نتنياهو من رصيده وشعبيته، مشددًا على ضرورة تحديد الأطراف الدولية لموقفها من هذه المعركة، التي قد تحدد مصير المنطقة، وطريقة أداء السياسة الدولية.
وقال الحزب في بيان رسمي إن "سماحة السيد، سيد المقاومة، العبد الصالح، انتقل إلى جوار ربه ورضوانه شهيدا عظيما قائدا بطلا مقداما شجاعا حكيما، مستبصرا مؤمنا، ملتحقا بقافلة شهداء كربلاء النورانية الخالدة في المسيرة الإلهية الإيمانية على خطى الأنبياء والأئمة الشهداء".
وأضاف البيان: "لقد التحق حسن نصرالله الأمين العام لـ"حزب الله" برفاقه الشهداء العظام الخالدين، الذين قاد مسيرتهم نحوا من 30 عاما، قادهم فيها من نصر إلى نصر مستخلفا سيد شهداء المقاومة الإسلامية عام 1992 حتى تحرير لبنان 2000 وإلى النصر الإلهي المؤزر 2006 وسائر معارك الشرف والفداء، وصولا إلى معركة الإسناد والبطولة دعما لفلسطين وغزة والشعب الفلسطيني المظلوم".
مناقشة