بعد اغتيال نصر الله... هل لا يزال الحزب قادرا على مواجهة الاجتياح البري الإسرائيلي للبنان؟

منذ اغتيال الأمين العام لـ"حزب الله"، حسن نصر الله، والكثير من قياداته في لبنان، يتساءل البعض عن مدى جاهزية المقاومة لمواجهة إسرائيل في حال قررت الدخول بريًا.
Sputnik
إسرائيل التي صعدت من تلويحها بالدخول البري في لبنان بعد عملياتها الناجحة ضد الحزب، لن تكون – بحسب المراقبين- في نزهة، حيث تتنازل عن نقطة قوتها المتعلقة بسلاح الجو، وتنزل إلى الميدان ما يغير من أساليب الحرب القائمة.
ويرى المراقبون أن "حزب الله" لا يزال يمتلك قدرات عسكرية كبيرة، ولن يتأثر بالضربات الأخيرة، ولديه البدائل لكل القيادات الكبيرة، بما في ذلك الأمين العام للحزب حسن نصر الله.
وأفادت وسائل إعلام غربية، اليوم الاثنين، بأن إسرائيل أبلغت أمريكا باعتزامها تنفيذ عملية برية محدودة في لبنان، خلال الساعات المقبلة.
وزعمت تلك الوسائل نقلًا عن مسؤول أمريكي رفض ذكر اسمه، أن "إسرائيل تخطط لعملية برية محدودة في لبنان قد تبدأ في غضون ساعات قليلة، حسبما أبلغت إسرائيل واشنطن".
وأضافت تلك الوسائل أن "الحملة التي تخطط لها إسرائيل ستكون أصغر من حربها الأخيرة ضد "حزب الله" عام 2006، وستركز على تطهير البنية التحتية للمتشددين على طول الحدود لإزالة التهديد للمجتمعات الحدودية الإسرائيلية"، على حد وصفهم.
"حزب الله" ينفي إدعاءات إسرائيل ويكشف لأول مرة من كان رفقة نصر الله أثناء ضربة حريك

الحرب البرية

اعتبر أسامة وهبي، الناشط المدني اللبناني، أن "حزب الله" تلقى ضربات قاسية وموجعة ومؤثرة جدا على بنيته التنظيمية والعسكرية، لكنه يملك تنظيما قويا وإمكانيات تسهل عليه ملء هذه الأماكن التي شغرت.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، نعم يستطيع "حزب الله" التعافي مع الوقت، ولا يزال لديه قيادات من الصف الأول مثل الشيخ نعيم قاسم، والسيد هاشم صفي الدين، وغيرهم، وهم من الجيل المؤسس والذين يعرفون كيف يديرون هذا الحزب، ولديهم البدائل لكل قائد من القادة الذين تم اغتيالهم.
وأكد أن "حزب الله" لا يزال قويًا ويملك الكثير من الإمكانيات، ومن المبكر جدا القول إن إسرائيل استطاعت القضاء على "حزب الله" وعلى بنيته العسكرية أو التنظيمية.
وتابع: "دخول إسرائيل برا يعني دخولها إلى ملعب حزب الله، حيث أنه أعد العدة جيدًا، ولديه الأرض مجهزة وستكون مجزرة للدبابات الإسرائيلية كما حدث في عام 2006 وأكثر، لأن الحزب طور الكثير من إمكانياته".
ويرى أن الإسرائيلي يتفوق على الحزب بالسلاح الجوي، وهو ما يجعل يده الطولى في استهداف المراكز والقيادات، لكنه على الأرض سيختلف الأمر تماما، وستستعيد المقاومة زمام المبادرة، ولن تكون نزهة أبدا، على العكس سوف تدفع إسرائيل ثمنا باهظا لهذا التوغل.
ويعتقد الناشط اللبناني أن الإسرائيلي لن يتوغل كثيرًا، فقط في شريط بعمق من 6 إلى 7 كيلومترات فقط، حتى أنه في هذا العمق سيتلقي الكثير من الضربات، لأن الحزب بريا سيتفوق على إسرائيل، باعتباره صاحب الأرض ويعرفها جيدًا، خاصة أنه تجهز لذلك اليوم جيدًا.
أكثر من مليون إسرائيلي يفرون إلى الملاجئ بسبب صواريخ "حزب الله"

ثمن باهظ

في السياق، اعتبر الدكتور حسان الأشمر، الأكاديمي اللبناني، أمين عام الجمعية العربية للعلوم السياسية، أن قرار الإسرائيلي بالدخول البري للبنان، يعد القرار الأصعب بالنسبة له، وليس من السهل اتخاذه، وإذا ما أراد الدخول قد يكون محدودا، بحيث يدخل لمناطق يسهل الدخول إليها ولا يكون في مرمى نيران المقاومة.

وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، فإن قدرات المقاومة العسكرية "لم تتأثر في كل هذه الضربات، وهو ما أكده اليوم نائب الأمين العام للحزب نعيم قاسم، هناك اغتيالات كبيرة، لكن من يعرف بنية حزب الله جيدًا يدرك أن المقاومة لا يمكن أن تتأثر ميدانيًا وقتاليا".

وأكد الأشمر أن "حزب الله" حزب عقائدي يتجاوز هذه المسائل، وليست المرة الأولى التي يتم اغتيال فيها قياداته، حيث سبق واغتيل الأمين العام السابق السيد عباس الموسوي، وكذلك قيادات كبيرة، ومسألة الاغتيالات يتجاوزها الحزب على المستوى الميداني.
دبلوماسي سوري سابق لـ"سبوتنيك": "حزب الله" سيتخطى المصاب وقادرون على المواجهة إلى جانب محور المقاومة
ويرى أن القدرات والوسائل القتالية لا تزال موجودة، ورجال المقاومة في الميدان حاضرون، وهم ينتظرون المعركة البرية، لأنهم يمتلكون الوسائل التي من شأنها أن تجعل إسرائيل تدفع ثمنا باهظا في حال التقدم.
وأوضح أن إصرار الإسرائيلي على الحرب البرية قد يجعل الأمور أكثر صعوبة على مستوى المدنيين، وحجم التدمير الذي يمكن أن يمارسه الإسرائيلي، بمعنى أن الدخول البري سيكون عبر نيران جوية كثيفة جدا إلى مناطق يعتمد فيها سياسة الأرض المحروقة ليدخل إليها ويرفع علمه.
ومضى قائلًا: "نحن أمام جيش منظم، وأمام مقاومة تعتمد على المجموعات الصغيرة، ولا يمكن المقارنة بين القوتين، لذلك إسرائيل قوة كبرى ولديها وسائل قتالية متطورة جدا وسلاح جو، ويمكن أن تدخل إلى أي مكان بقدرة تدميرية عالية، لكنها ستدفع ثمنا كبيرًا ولا يمكنها البقاء في أي منطقة قد تتقدم إليها".
ويعتقد أن أي دخول إلى نقطة معينة سيكون لممارسة الضغط في المفاوضات والإسراع في عملية إلزام "حزب الله" من قبل بعض القوى الدولية للانسحاب إلى شمال الليطاني، وصولا إلى عملية نزع سلاح الحزب وكل الفصائل المقاومة في لبنان.
وأشار إلى أن هذا ما يمكن أن تهدف له العملية البرية، لكن أن تبقى إسرائيل في أي أرض لبنانية؛ نسبة إلى قدرات المقاومة التي لا تزال موجودة، والصواريخ الدقيقة التي تمتلكها والخبرة في الميدان، ستجعل من المدافع في حالة أقوى، وستعيد التوازن بين القوتين على الأرض.
سياسي عراقي لـ"سبوتنيك": المؤكد أن المنطقة بعد حسن نصر الله لن تكون كما قبلها
وقال إن الحرب الآن لا يوجد بها أي توازن، بسبب سلاح الجو، وهو الأمر الذي تعتمد عليه إسرائيل، ليس هناك حربا حقيقية هناك، مجرد غارات من قبل الطيران، أما الدخول بريا يعني الدخول في أساليب الحرب ووسائل قتالية جديدة، يقول التاريخ إن المقاومة ستنتصر فيها وتعيد التوازن مع إسرائيل.
وأعلن الجيش الإسرائيلي مقتل الأمين العام لـ"حزب الله" اللبناني حسن نصر الله، في غارة على الضاحية الجنوبية لبيروت، يوم الجمعة الماضي، وهو ما تم تأكيده لاحقا في بيان للحزب.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه قتل قائد جبهة الجنوب في "حزب الله" علي كركي، وعدد آخر من قادته، وهو ما أكده نائب الأمين العام لـ"حزب الله" نعيم قاسم، اليوم الإثنين، في أول تصريحات بعد الضربة التي استهدفت نصر الله.
وقال ‏نعيم قاسم، في كلمته إن "إسرائيل اغتالت نصر الله مع نخبة من قيادات الحزب"، نافيا ما أعلنته إسرائيل بشأن مقتل 20 قياديا خلال الضربة الجوية في بيروت، وأضاف أن من كان برفقة نصر الله في الاجتماع القيادي الكبير علي كركي، والقيادي في الحرس الثوري الإيراني عباس نيلفروشان، بالإضافة إلى قائد حرس نصر الله إبراهيم جزيني، ومرافق آخر يدعى سمير حرب جهاد، الذي كان يرافق الأمين العام دائما.
مناقشة