بعد الهجمات الإسرائيلية.. هل تسحب الأمم المتحدة قوات اليونيفيل من لبنان؟

مع توسع حدة المعارك الإسرائيلية في جنوب لبنان، وعلى وقع التحرش بقوات اليونيفيل الدولية واقتحام مقارها، تزداد المخاوف من توسع دائرة الصراع وصولًا إلى حرب إقليمية تقضي على الأمن في منطقة الشرق الأوسط.
Sputnik
الضغوط الإسرائيلية المتزايدة على قوات اليونيفيل من أجل سحبها من مناطق تمركزها، بما في ذلك إصابة عدد من جنود البعثة الدولية، تطرح تساؤلات عن إمكانية إنهاء مهمة "اليونيفيل" في لبنان، وتداعياتها على المنطقة وعلى الاتفاقيات والتفاهمات بين إسرائيل ولبنان.
السفير اللبناني لدى موسكو: خروج اليونيفيل من لبنان وطرد الأونروا من فلسطين أمر خطير يجب منعه
ومع استبعاد المراقبين مسألة انسحاب القوات الدولية من لبنان تحت أي ضغوط إسرائيلية، أكدوا أن إسرائيل تضغط باتجاه تدشين منطقة عازلة في جنوب لبنان، وهو ما سيكون له تداعيات كارثية على لبنان والمنطقة.
وأكد المتحدث باسم قوة الأمم المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان، أندريا تينينتي، أن "الهجوم على قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة من قبل إسرائيل هو بمثابة هجوم على المجتمع الدولي بأكمله".
وقال تينينتي خلال مقابلة صحفية: "يتفق الجميع على أن إسرائيل لا ينبغي أن تتصرف بهذه الطريقة ضد قوات حفظ السلام في المنطقة، لأن الهجوم عليها ليس مجرد هجوم على 50 دولة (تزودهم بأفراد عسكريين لعملية حفظ السلام في لبنان) بل هو هجوم خطير على المجتمع الدولي".
وقال تينينتي إن "منح قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان، الحق في استخدام القوة العسكرية مهمة صعبة للغاية، لأن ذلك يتطلب قراراً من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وموافقة لبنان، فضلاً عن القوات، التي من غير المرجح أن يكون أعضاء الأمم المتحدة على استعداد لتقديمها، لأنهم لا يريدون زيادة تأجيج الصراع".
تداعيات خطيرة
اعتبر الخبير العسكري اللبناني، العميد الركن المتقاعد ناهي جبران، أن انسحاب قوات اليونيفيل من جنوب لبنان، أمر غير وارد على الإطلاق، حيث تتمركز هذه القوات على الأراضي اللبنانية بموجب قرار مجلس الأمن رقم 1701، منذ العام 2006، ويتم تجديد تفويضها ومدة انتدابها سنويًا لغاية تاريخه.
الأمم المتحدة: اعتداء إسرائيل على اليونيفيل هو هجوم على المجتمع الدولي بأكمله
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، وجود هذه القوات على الأراضي اللبنانية لديه الغطاء الشرعي تحت الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة للحفاظ على الأمن والسلم الدوليين، وتجنب تطور هذا الخطر على الأراضي اللبنانية والمنطقة.
ويرى جبران أن انسحاب هذه القوات يشكل انكسارا دوليا لهيبة منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن وكافة الدول والمنظمات الداعمة لها أمام رغبة إسرائيل الجنونية نحو ارتكاب المزيد من "المجازر" والتدمير الممنهج، والتهجير لأكثر من ربع سكان لبنان، وهذه الخطوة تسهل عمليات التوغل الإسرائيلي داخل الأراضي اللبنانية.
وأكد أن "اختفاء تواجد الشهود الدوليين على أفعال إسرائيل الإجرامية المتراكمة بشكل يومي، ومخالفتها لكل القوانين والأعراف الدولية، سيؤدي بالضرورة إلى اتساع رقعة الحرب في المنطقة، وربما تدخل المزيد من القوى الإقليمية، ما يمهد الطريق إلى حرب عالمية ثالثة".
وأكد أن في حال انسحاب اليونيفيل من لبنان، سيكون هناك تأثير مباشر على القرار 1701 وكافة القرارات الأخرى مثل قرار رقم 425 وصولا إلى اتفاقية الهدنة عام 1949.
ضغوط إسرائيلية
من جانبه اعتبر العميد خالد حمادة، الخبير الأمني اللبناني ومدير المنتدى الإقليمي للاستشارات والدراسات، أن إسرائيل تبدو جادة في الضغط على قوات الأمم المتحدة سواء عبر مجلس الأمن، أو عن طريق الضغط العسكري الذي تمارسه بتعريض سلامة هذه القوات للخطر.
تغريدة إسرائيلية تسبب هلعا في لبنان
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، تريد إسرائيل أن تقيم منطقة عسكرية عازلة في جنوب لبنان، وسبق وأعلنت ذلك، بيد أن وسائل تدشين هذه المنطقة لا يمكن أن تقتصر على العمليات العسكرية، فهناك قوى منتشرة من 40 دولة تقريبا، قوامها 12 ألف جندي تطبيقا للقرار 1701.
وأكد أنه "لا يمكن لإسرائيل وحدها أن تلغي مهمة قوات اليونيفيل، أو تعتبرها دون جدوى، وهذا الأمر يتطلب قرارا من مجلس الأمن الدولي، وهو لن يصدر بأي شكل، لكن إسرائيل تنظر بعين مختلفة للأزمة، وتحاول القول إن وجود قوات الأمم المتحدة لم يعد له جدوى بعد هذه المعارك والاشتباكات الدائرة على الحدود، تحديدا أن حزب الله يمكنه أن يشن عمليات عسكرية من بقعة تقع تحت مسؤولية قوات اليونيفيل، وهذا ما سيجبر إسرائيل على الرد وسيجعل اليونيفيل في مرمى النيران وهو ما يعرضها للخطر"، وفقا له.
وتابع: "لغاية الآن الدول التي أرسلت هذه القوات متمسكة بالبقاء في مراكزها، وكذلك الأمين العام للأمم المتحدة يتمسك بتنفيذ هذه المهمة، دون أن يرضخ للطلبات والضغوط الإسرائيلية المتكررة، لكن الولايات المتحدة لم تحسم أمرها بعد، وربما تلجأ إسرائيل إلى تعريض سلامة القوى للخطر بشكل مباشر، ما يضعها أمام حل من اثنين إما الاستمرار في بقعة العمليات وتعريض سلامتهم للخطر، وربما الانسحاب لبضع كيلومترات حفاظا على سلامتهم".
وأوضح أن هذا الأمر يعطي لإسرائيل هامشا كبيرا للمناورة، وسوف يسهم في إقامة منطقة عازلة بعد انسحاب هذه القوات إلى الشمال، معتبرًا أن هذه الخطة وإذا ما أقدمت عليها قوات اليونيفيل، تعرض منطقة جنوب الليطاني أن تصبح منطقة احتلال رئيسية لإسرائيل، أو ربما تكون بقعة اشتباك وتدمير، لن تبقي على أي شيء من مقومات الحياة في هذه المنطقة.
الجيش الإسرائيلي يعترض هدفا مشبوها اخترق الحدود من لبنان
ومضى بالقول: "بين لبنان وإسرائيل ليس هناك اتفاقيات موقعة، فقط اتفاقية الهدنة المسجلة من الأمم المتحدة وهي من تحدد الحدود بين لبنان وإسرائيل، والقرار 1701 سيصبح في دائرة الخطر، وقد تبتز إسرائيل المجتمع الدولي لتنفيذ القرار بطلب تنفيذ مجموعة من الشروط والتقيدات الإضافية التي تحسن موقعها على الحدود، وهذا طبعا ما سيكون له ارتدادات ليس فقط على صعيد الأمن، بل على صعيد عدم التوصل إلى اتفاق جديد، ما يفسح المجال أمام فترة طويلة من المعارك والاشتباكات العابرة للحدود وهو ما سيدفع ثمنه لبنان".
يأتي ذلك فيما يتواصل الاستهداف المتبادل جنوبي لبنان، بين "حزب الله" من جهة والجيش الإسرائيلي من جهة أخرى، منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة، في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حيث يتبادل الجانبان القصف عبر الحدود بشكل شبه يومي.
ويرد "حزب الله" بهجمات صاروخية تستهدف في المقام الأول شمال إسرائيل، لكن نطاق الهجمات الصاروخية زاد بشكل ملحوظ في الأيام الأخيرة. وفي كل يوم، يتم تسجيل عشرات الرشقات الصاروخية باتجاه الأهداف العسكرية والمناطق المأهولة بالسكان الإسرائيليين، والتي يتم خلالها إصابة المباني السكنية، مما يؤدي إلى وقوع إصابات.
مناقشة