كان العلماء يعتقدون سابقًا أن الميكروبات والفيروسات هي الأشكال الوحيدة للحياة في هذه البيئة الضيقة وغير المضيافة تحت قاع البحر، لكن استكشافا لمعهد "شميدت" للمحيطات في العام الماضي كشف أن الديدان الأنبوبية العملاقة تجعل من تلك الأماكن موطنًا لها أيضًا.
وكتب الباحثون في ورقتهم البحثية: "هنا نبلغ، وفقًا لمعرفتنا لأول مرة، عن اكتشاف حيوانات تم استخراجها من تجاويف ضحلة مملوءة بالسوائل في قاع البحر لفتحات حرارية مائية في أعماق البحار. في حين تم وصف الغلاف الحيوي الميكروبي والفيروسي تحت قاع البحر عند فتحات أعماق البحار، فإننا نظهر أن الحياة الحيوانية موجودة أيضًا في هذه المقاطع الصخرية الضحلة تحت قاع البحر".
وبحسب الدراسة، احتوت التجاويف على ديدان أنبوبية "بأحجام قياسية"، حيث وصل طول الديدان الأنبوبية نحو 8 بوصات (20 سم)، وبعضها نحو 19 بوصة (50 سم).
كان الباحثون في الأصل يبحثون عن يرقات الديدان الأنبوبية وغيرها من مخلوقات الفتحات الحرارية المائية، والتي افترضوا أنها قد تستعمر الفتحات من داخل قشرة الأرض.
كتب الباحثون في الدراسة: "يشير الاستعمار السريع لهذه الحيوانات إلى تشتت اليرقات بكفاءة، حيث يُفترض أن اليرقات تنتقل عبر القاع والتلال والتيارات المحيطية قبل أن تستقر في الفتحات من خلال السباحة إلى الأسفل أو الغرق".
لكن العلماء لم يلاحظوا أبدًا اليرقات المعنية في الماء حول الفتحات الحرارية المائية، مما يشير إلى وجود آلية أخرى للتشتت، وفقًا للدراسة. يقترح الباحثون أن اليرقات يتم امتصاصها في قشرة المحيط مع مياه البحر وتنتقل عبر قاع البحر قبل أن تستقر في الفتحات.
ولاستكشاف إمكانية أن يكون قاع البحر بمثابة خزان لليرقات، أرسل العلماء مركبة تعمل عن بعد إلى موقع فتحة على عمق 8250 قدمًا (2515 مترًا) تحت سطح المحيط. واستخدم الفريق المركبة لحفر ثقوب في قاع البحر ورفع ألواح من الصخور، وكشف عن جيوب مملوءة بالسوائل الحرارية المائية داخل طبقات من الحمم البركانية الصلبة.
لدهشتهم، كانت هذه الجيوب مليئة بديدان الأنبوب البالغة. في أحد التجاويف، اكتشف الفريق ذكرين من نوع (R. Pachyptila) بخصيتين مملوءتين بالحيوانات المنوية وأنثيين من نفس النوع بغدد تناسلية مليئة بالبيض، مما يشير إلى أن التكاثر قد يحدث تحت قاع البحر. وأشار الباحثون إلى أن الشقوق المؤدية من التجاويف إلى السطح كانت مأهولة أيضًا.
وكتب الباحثون في ورقتهم البحثية: "يبدو أن هناك موطنًا مستمرًا لديدان الأنبوب من تجاويف قاع البحر إلى سطح قاع البحر. وتدعم هذه النتائج فرضيتنا القائلة بوجود انتشار لليرقات داخل قاع البحر القشري".
وبحسب المقال المنشور في مجلة "لايف ساينس" العلمية، قد تدخل اليرقات قاع البحر عن طريق الركوب عبر الشقوق في قاع البحر على تيارات المحيط السفلية. وبينما يجد معظمهم طريقهم للخروج، فإن وجود البالغين في التجاويف يشير إلى أن بعض اليرقات تصنع منزلًا دائمًا داخل قشرة المحيط.