سفير لبنان في تونس لـ"سبوتنيك": لن نقبل بالشروط المجحفة التي تحاول إسرائيل فرضها على لبنان

تتوسع حدة التوترات على الأراضي اللبنانية يوما بعد يوم في ظل مساعٍ دولية مستمرة من أجل التوصل إلى هدنة من شأنها تفادي حرب إقليمية في المنطقة.
Sputnik
وتقول الحكومة اللبنانية إن تداعيات الحرب على الأراضي اللبنانية كبيرة جدا وأنها وجدت صعوبة في احتواء النازحين بسبب إمكانياتها المحدودة.
كيف أثر الهجوم الإسرائيلي على سكان الجنوب؟ وكيف تخطط الحكومة اللبنانية لاحتواء تداعياته؟
هذه الأسئلة وغيرها يجيب عنها سفير لبنان في تونس طوني فرنجية، في حوار مع وكالة "سبوتنيك"
ما هي التطورات الأخيرة على الميدان في جنوب لبنان بعد التصعيد الإسرائيلي الأخير؟ وكيف أثر الهجوم الإسرائيلي على سكان الجنوب؟
إن تداعيات العدوان الإسرائيلي كبيرة جدا، فالآلة التدميرية الإسرائيلية مسحت كل البنى التحتية والمستشفيات، حيث أصبحت أربع أو خمس مستشفيات في الجنوب خارج الخدمة، وقصفت المنازل السكنية والأماكن التجارية والتراثية واستهدفت المدنيين وحتى قوات الطوارئ الدولية وطواقم الإغاثة والطواقم الطبية.
وللأسف المسلسل الإجرامي الذي يقوم به الجيش الإسرائيلي ما زال متواصلا على الأراضي اللبنانية وبشكل متصاعد وعلى الرغم من كل النداءات والمساعي والجهود الدولية من قبل الدول الصديقة لوقف إطلاق النار كي تتاح الفرصة أمام النازحين وأركان الدولة اللبنانية للقيام بواجباتهم تجاه أعمال الإغاثة الأولية والطارئة، فإن هذه المحاولات قوبلت بتعنت إسرائيلي.
"حماس" تنعى السنوار وتكشف عن منهجها ووضع المحتجزين الإسرائيليين بعد مقتله... فيديو
ما هو ردكم على تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي الذي قال إن أي مفاوضات ستجرى تحت النار؟
تعكس هذه التصريحات النية الحقيقية للطرف الإسرائيلي الذي لا يبحث عن السلام أو الدفاع عن أمنه القومي وإنما عن فرض شروط تناسب مصالحه التي أصبحت واضحة وهي القضاء على الحياة المدنية في جنوب نهر الليطاني. وهو يحاول أن يفعل بلبنان ما فعله بقطاع غزة، وجرائمه في حق المجموعات السكانية والمدنية ترتقي إلى جرائم حرب وجرائم إبادة.
اليوم تحاول إسرائيل من خلال القوة العسكرية ومن خلال القصف العشوائي ترويع الناس والنازحين الذين تخطوا مليون ومائتي شخص أن تقوي موقعها التفاوضي وجر لبنان إلى شروط مجحفة لا يمكن أن نقبل بها.
سبق وأن وافق لبنان قبل توسع الحرب على وقف إطلاق النار، ولكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين ناتنياهو تملّص ولم يفِ بوعده. وهذه الخطوة هي جزء من اللعبة الإسرائيلية الخبيثة في محاولة إلى الوصول إلى تحقيق غايات مبيتة تبدو في ظاهرها أنها محاولة للتهدئة ولكنها تخفي في باطنها مساعي لفرض شروط غير قانونية على لبنان تتضمن اعتداءً على سيادته مع المحافظة على مناطق جغرافية متاخمة تحت سيطرته.
كيف تلقيتم التهديدات الإسرائيلية بالاجتياح البري؟ وما هي احتمالات الرد الممكنة من لبنان؟
إسرائيل ما زالت تحتل العديد من المناطق اللبنانية وترسيم الحدود لم يتم بشكل نهائي وهناك خروقات واضحة ومتواصلة سواءً في البر أو في البحر أو في الجو. ومنذ 2006، ارتكبت إسرائيل ما يزيد عن 35 ألف خرق بحق السيادة اللبنانية.
الاجتياح البري ستكون له تداعيات كبيرة خاصة على إسرائيل. منذ أكثر من أسبوعين وهي تحاول الدخول برا إلى لبنان لاجتياح القرى والبلدات المجاورة، لكنها تجابه بمقاومة باسلة ألحقت بها أضرارا كبيرة. وإلى حد هذه الساعة لم تستطع أن تحقق أي هدف بالدخول إلى الأراضي اللبنانية، بل بالعكس كلما حاولت ذلك تلقت ضربات كبيرة من المقاومة خلّفت لها إصابات بشرية كبيرة في صفوف جيشها في الفترة الزمنية الماضية.
طبعا ستبقى إسرائيل دولة غاصبة، ولبنان سوف يتعامل معها على هذا الأساس. فلبنان ليس الطرف المعتدي وإنما المعتدى عليه. ولكل دولة حق المقاومة الذي تكفله جميع المواثيق والاتفاقيات الدولية.
صحيفة إسرائيلية: تشريح جثة السنوار يكشف السبب الرئيسي في مقتله
هل تفكر السلطة اللبنانية في التقاضي الدولي؟
الكل يعلم ويدرك سجل إسرائيل التاريخي في مخالفة القوانين والأعراف الدولية لاسيما القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وسبق وأصدرت المنظمة الأممية عدة قرارات بحقها، ولكنها لم تمتثل لأي منها.
رفض إسرائيل للشرعية الدولية هو عار عليها، فهل يعقل لدولة تدعي السلام في المنطقة أن تمنع الأمين العام للأمم المتحدة من دخول أراضيها وتعتبره شخصا غير مرغوب فيه، وأن تقوم باستهداف مقرات قوات الطوارئ الدولية التي تقوم بدور محايد وتهددها بالخروج من لبنان؟
هل يعقل أن تتنكّر إسرائيل لكل الأعراف والمواثيق الدولية وألا تمتثل لقرارات محكمة الجنايات الدولية؟ إسرائيل هي دولة معتدية وغاصبة ومجرمة وتحاول أن تسوّق نفسها في صورة الضحية وللأسف النظام القضائي الدولي لا يعمل بشكل جيد استنادا إلى العدالة الدولية.
كيف تخطط الحكومة اللبنانية لاحتواء أزمة النازحين؟
أزمنة النازحين هي أزمة كبيرة جدا، فعددهم تجاوز المليون و200 ألف شخص، والحكومة اللبنانية لا تمتلك الإمكانيات التي تخوّل لها احتواءهم بالنظر إلى الأحداث الصعبة التي عاشها لبنان خلال السنوات الست الأخيرة، من ضمنها انفجار مرفأ بيروت والأزمة المالية طوال الـ 13 سنة المنقضية. والمتجمع الدولي لم يفِ بوعوده التي قطعها للبنان.
كل هذه الظروف جعلت الحكومة اللبنانية تستنفد كل إمكانياتها، ولكنها تحاول بقدر الإمكان أن توفّر لهؤلاء النازحين الشروط الأساسية للاستضافة الكريم
كيف تقيمون مواقف الدول العربية وجامعة الدول العربية إزاء تطور الوضع في لبنان؟ وهل برأيكم يمكن أن تفرز اجتماعات الجامعة قرارات قابلة للتطبيق؟
بكل صراحة، ليس هناك موقف عربي قوي وموحد إزاء ما يحدث في لبنان وقطاع غزة من قبل الدول العربية، هناك تغيرات سياسية تطرأ في جميع الدول وفي كل المجموعات والتكتلات.
الموقف الرسمي للجامعة عبرت عنه في كل البيانات وهو موقف واضح. ولكن السؤال الذي يطرح هل هناك آليات لتنفيذ القرارات أو التوصيات التي تصدرها؟ عمليا وواقعيا الجامعة لا تمتلك لا آليات ولا جيشا ولا محاكم تخوّل لها فرض مخرجاتها التي عادة ما تبقى كتابية وبالتالي واقعيا لا يتعدى دورها الجانب المعنوي.
كيف تابعتم الموقف الفرنسي بعقد مؤتمر في باريس يضم كل من جنوب أفريقيا والجزائر حول لبنان والداعي إلى وقف تزويد إسرائيل بالأسلحة التي يستخدمها في الحرب؟
العلاقات اللبنانية الفرنسية هي علاقات مميزة جدا ولبنان له موقع خاص في فرنسا ودائما كانت فرنسا من مقدمة الدول التي تقف إلى جانبنا في كل المحطات التاريخية التي مر بها لبنان.
ولكن للأسف أمام التعنت الإسرائيلي، لم تلق فرنسا أي تفاعل إيجابي، بل على العكس ذهل العالم برد الفعل الإسرائيلي تجاه الخطوة الفرنسية وللأسف التعاطي الإسرائيلي مع كل الدول هو تعاطي فوقي وغير أخلاقي.
وبالنسبة للمؤتمر سوف يعقد في باريس بمشاركة العديد من الدول، وسيركز على المساعدات الأولية والطارئة، بالإضافة إلى الجوانب السياسية في علاقة أولا بمسألة وقف اطلاق النار، وثانيا بمسألة انتخاب رئيس للبنان.
الكرملين يعلق على اغتيال السنوار
الولايات المتحدة الأمريكية طالبت في الأيام الأخيرة بوقف إطلاق النار في لبنان. ثم تراجعت عن موقفها...كيف تقرؤون هذا التغير في الموقف؟
الولايات المتحدة الأمريكية موقفها محيّر، وأحيانا تصدر عنها مواقف تكون غامضة. وهو أمر يمكن ربطه واقعيا بالعلاقات المتينة التي تجمع الطرفين وأيضا بالنفوذ الكبير الذي تمارسه إسرائيل وخاصة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على الإدارة الأمريكية والذي يمتد إلى درجة التلاعب بالأحزاب وبالمرشحين خاصة وهي التي تمر بفترة انتخابية. وإسرائيل من النقاط المؤثرة في المشهد الانتخابي الأمريكي.
كيف تعلقون على الموقف الروسي الداعي إلى إعادة السيادة الكلية إلى لبنان؟
الموقف الروسي كان دائما حكيما ويدرك حساسية وتاريخ وتداعيات ما يحصل في المنطقة. ودائما ما كانت روسيا تدعم المبادرات الدولية الهادفة إلى الوصول إلى السلام العادل والشامل. ونحن نشكر دائما روسيا على موقفها تجاه لبنان وعلى مقاربتها التي تحتكم أساسا إلى التوازن وتغليب الاستقرار والسلام في المنطقة .
كيف يتابع لبنان تطورات الوضع في قطاع غزة؟
الموقف اللبناني الرسمي مما يحدث في قطاع غزة هو موقف ثابت وراسخ ولبنان يؤيد كل الحقوق المشروعة للفلسطينيين ويصر على حل الدولتين ويعتبر أنه لا يمكن أن يكون هناك استقرار بالمنطقة إلا عبر إيجاد حل سلمي وعادل ودائم للقضية الفلسطينية.
مناقشة