وحذّر الجيش الإسرائيلي من أنه سيبدأ بضرب "بنى تحتية" تعود لمؤسسة "القرض الحسن"، مدعيًا أنها تشارك في "تمويل النشاطات الإرهابية لمنظمة حزب الله ضد إسرائيل"، مشيرًا إلى أن الجيش "قرر مهاجمة هذه البنى التحتية".
ومع فشل جميع مبادرات احتواء الموقف وانزلاق الوضع إلى مستويات خطيرة، لا سيما بعد اغتيال الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله، يطرح بعض المراقبين تساؤلات عن دلالات هذه العملية ومدى تأثيرها على الحزب، لا سيما في مسألة تمويل عملياته العسكرية ضد إسرائيل.
وأغارت الطائرات الحربية الإسرائيلية بالصواريخ الموجهة، أمس الأحد، على 13 منطقة مختلفة في الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت، وقال مصدر ميداني، اليوم الاثنين لوكالة "سبوتنيك"، إن "الاستهداف تسبب بدمار كبير وانهيار لمبان سكنية كاملة بفعل شدة الانفجار".
ولفت المصدر إلى أنه "من بين المباني المستهدفة بنى تحتية لمؤسسة "القرض الحسن"، التي كان قد هدد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي باستهدافها".
فقراء لبنان
اعتبر الدكتور عماد عكوش، أن "مؤسسات "القرض الحسن"، والتي تعرضت لغارات كبيرة الليلة الماضية، هي عبارة عن مؤسسات اجتماعية تم تأسيسها بهدف تقديم قروض صغيرة للمحتاجين عبر تأسيس مصالح صغيرة، يعتاش منها الفقراء أو في الفترة الأخيرة تقديم قروض لتركيب أنظمة طاقة شمسية للمنازل وللناس الغير قادرة على الاشتراك في مولدات الكهرباء الخاصة، نظرا لارتفاع الكلفة ولكون الدولة اللبنانية مقصرة في هذا المجال ومعدل تقنين الكهرباء لا يتجاوز ثلاث ساعات من التغذية يوميا".
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، هي "مؤسسات لا تفرض فوائد على القروض المقدمة منها مع إعطاء تسهيلات بالدفع لغاية سنتين للقرض الواحد، وبالتالي فإن الحزب لا يستفيد منها اقتصاديا، وإنما هو فعلا يتحمل كلفة التشغيل لهذه المؤسسات والتي تبلغ ملايين الدولارات".
وتابع: "إسرائيل لا يمكن أن يلائمها هذا الأمر، لأنه يجعل من بيئة المقاومة بيئة متعاطفة معها نظرا للتقديمات الكبيرة التي تستفيد منها، ومن يستفيد من هذه المؤسسات ليس الطائفة الشيعية فقط بل كل الطوائف في لبنان وهذا ما يزيد من النقمة الإسرائيلية على هذه المؤسسات".
في الواقع، والكلام لا يزال على لسان عكوش، "ضرب هذه المؤسسات سيكون له الضرر الكبير على المجتمع اللبناني ككل وليس على بيئة المقاومة فقط، وسيكون له أثر سلبي على حياة فقراء بيئة المقاومة والذين كانوا يستفيدون من هذه المؤسسات".
واستطرد: "أما بالنسبة للمقاومة وحزب الله، فتأثيرها الوحيد هو أن من يستفيد من هذه المؤسسات هم أهل وأقارب ومحبي حزب الله، وبالتالي أثره المعنوي أكثر منه المادي".
وأكد أن "هذا ليس الأمر الوحيد الذي حصل ويحصل من الجانب الإسرائيلي، فسبق لهذا الكيان أن ضرب مخازن التموين والأدوات الطبية والأدوية، والتي كان يستفيد منها معظم فقراء لبنان ومن كل المناطق ومن كل الطوائف، لذلك نرى أن تأثير هذه الضربات مقتصر اجتماعيا بالفقراء في لبنان وليس في بنية الحزب".
ضغوط إسرائيلية
بدوره، اعتبر أسامة وهبي، الناشط المدني اللبناني، أن "حزب الله كان يعلم أنه سيأتي يوم وتعتدي فيه إسرائيل على هذه المؤسسات، تحت حجج واهية، واتخذ كل الاحتياطات اللازمة لتفادي خسائر هذه الودائع الموجودة لديه، من أمول وذهب تعود للمواطنين، وهي الآن في أماكن آمنة، ولم تكن في هذه المكاتب التي تم إخلاؤها مع بدء الحرب".
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، ما تفعله إسرائيل مجرد ضغط على "حزب الله" من أجل تدمير بنتيه التحتية العسكرية والاقتصادية والاجتماعية، ومن أجل إضعاف الحزب وتكبيده خسائر كبيرة لا يمكن تعويضها بوقت قصير.
وأكد أن "إسرائيل انتقلت من الأهداف العسكرية إلى اللوجيستية والاجتماعية، وقد تصل للأهداف الطبية عبر قصف المستشفيات وحتى المدارس، وأي مؤسسة يملكها حزب الله تحت حجج أنها تستخدم لأغراض عسكرية أو مخازن، حيث يعمد الإسرائيلي لتدمير منهجي للبنى التحتية التابعة لحزب الله، وأكثر من ذلك، يذهب إلى تدمير منهجي لكل القرى والمدن والمناطق، التي يتواجد فيها الحزب من أجل تصعيب عودة النازحين والضغط بهذا الاتجاه".
وقال إن "الشتاء قد اقترب، والنازحون لا يزالون في أماكن لا تسمح بقضاء فصل الشتاء، وإسرائيل تحاول من هذا الاتجاه للضغط على الحزب، عبر تقليب الرأي العام ضده، من أجل فرض الشروط الإسرائيلية التي تحدث، وهو ما نقلها اليوم المبعوث الأمريكي، الذي جاء في لبنان، وقال إن القرار 1701 لم يكن كافيا وهناك شروط تعجيزية لا يمكن القبول بها من لبنان أو حزب الله".
وكان المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، قد نشر على حسابه الرسمي على منصة" إكس"، صورا وخرائط لبنك أهداف في الضاحية الجنوبية لبيروت، قال إنها تحوي "بنية تحتية لمؤسسات اقتصادية تابعة لحزب الله".
من جهته، أعلن "حزب الله" اللبناني، في 26 بياناً له عن استهداف 26 موقعاً للجيش الإسرائيلي وتموضعاتٍ لجنوده ومحاولات للتسلل، خلال الساعات الـ24 الماضية.
كما أعلن الحزب في بيان عن إسقاط طائرة مسيّرة إسرائيلية من نوع "هيرمز 900".
يذكر أنه في الأول من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، شنت إيران هجومًا صاروخيًا على إسرائيل بعد "مرحلة طويلة من الالتزام بضبط النفس"، على حد تعبير الحرس الثوري الإيراني، وذلك ردًا على اغتيال الرئيس السابق للمكتب السياسي لحركة حماس الفلسطينية إسماعيل هنية، في العاصمة الإيرانية طهران، في31 يوليو/ تموز الماضي، واغتيال الأمين العام لـ"حزب الله" اللبناني، حسن نصر الله، ومسؤول ملف لبنان في فيلق "القدس" الإيراني، عباس نيلفروشان، في غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت، في 27 سبتمبر/ أيلول الماضي.
وأعلن الحرس الثوري الإيراني، أنه استهدف 3 قواعد عسكرية إسرائيلية، مؤكدًا أنه استخدم صواريخ "فرط صوتية" للمرة الأولى في هجماته على إسرائيل، متوعدًا بتنفيذ هجمات أعنف إذا قررت تل أبيب الرد.
وجاء الهجوم عقب إعلان الجيش الإسرائيلي بدء تنفيذ "عملية برية محددة الهدف والدقة" في جنوب لبنان، ضد أهداف وبنى تحتية لـ"حزب الله"، في عدد من القرى القريبة من الحدود.
كما أعلنت وزارة الصحة اللبنانية، في بيان لها، عن مقتل 2418 شخصا وإصابة 11336 آخرين في حصيلة للضحايا منذ بدء القصف الإسرائيلي على لبنان.