ويعيش الفلسطينيون النازحون في قطاع غزة في مخيمات مكتظة، وأفادت الأمم المتحدة بأن 9 من كل 10 أشخاص في قطاع غزة نزحوا لمرة واحدة منذ بدء الحرب، مقدرة عددهم بنحو 1.9 مليون فلسطيني، من سكان القطاع البالغ عددهم قرابة 2.4 مليون نسمة تقريبا.
وأصدرت منظمة "أوكسفام" تقريرا بشأن أزمة المياه في قطاع غزة، وقالت إن إسرائيل تستخدم المياه سلاحا بشكل منهجي ضد سكان القطاع، وأضافت أن سلوك إسرائيل هو استخفاف واحتقار لحياة الإنسان والقانون الدولي.
وخلص التقرير المعنون "جرائم حرب الماء" إلى أن استخدام إسرائيل للماء كسلاح حرب أدى إلى انخفاض إمدادات قطاع غزة من المياه بنسبة 94%، لتصل إلى قرابة 4.74 لتر يوميًا للشخص الواحد، أي أقل بقليل من ثلث الحد الأدنى الموصى به في حالات الطوارئ.
وقال التقرير إن إسرائيل ألحقت دمارا هائلا بالبنية التحتية للمياه والكهرباء والصرف الصحي، حيث دمرت خمس مواقع للماء والصرف الصحي كل ثلاثة أيام منذ بداية الحرب.
تحلية المياه بالمقطر الشمسي
وفي ظل أزمة المياه التي تعصف بقطاع غزة، باتت كل قطرة من الماء ثمينة، مما جعل مشروع المياه الذي يعمل بالطاقة الشمسية، والذي ابتكرته المهندسة، إيناس الغول، كنزا في ظل شح المياه والشمس الحارقة.
وكانت المهندسة إيناس، نزحت بسبب الحرب من مدينة غزة إلى خان يونس جنوب القطاع، وقد عكفت منذ فترة على بناء مشروعها الصغير، من خلال استخدام ألواح خشبية من صناديق المساعدات القليلة التي تدخل غزة، ومن ألواح زجاجية حصلت عليها من شبابيك المنازل المهجرة بسبب الحرب، وحولتها إلى حوض مائي، بحيث تسمح هذه التقنية للمياه المالحة بالتبخر من الحوض عبر تسخينها، بواسطة الألواح الزجاجية، ما يسمح بتقطير الماء وركود الملح في قاع الحوض.
المهندسة إيناس الغول التي ابتكرت جهاز لتحلية مياه البحر وتقديمها للنازحين في غزة
© Sputnik . Ajwad Jradat
وتقول المهندسة إيناس الغول لوكالة "سبوتنيك": "يعاني القطاع من ثلاث مشاكل كبيرة، وهي شح المياه، وتملّح الآبار وتلوث المياه، وجهاز المقطر الشمسي يقوم بحل هذه المشاكل دفعة واحدة، وهذا المقطر يعمل على أشعة الشمس المباشرة، سواء خلال عملية تقطير مياه البحر، أو تقطير الآبار المالحة، ويعمل هذا الجهاز على تقطير المياه وتبخيرها، وتتكثف المياه العذبة على سطح الزجاج على شكل قطرات، وبشكل انسيابي تنتقل في مجرى مخصص بشكل مفصول عن المياه المالحة، ومن ثم يتم تنقية المياه بمرحلتين بالفحم النشط، وبعدها تصبح صالحة للشرب".
صور لجهاز لتحلية مياه البحر وتقديمها للنازحين في غزة ابتكرته مهندسة غزية
© Sputnik . Ajwad Jradat
ونجحت الغول في تطبيق هذا المشروع في مدرسة للنازحين بالقرب من منزلها، وتضم المدرسة 5 آلاف نازح وأصبحت العائلات النازحة تعتمد على نظام تحلية المياه، وتأتي لتعبئة العبوات البلاستيكية، ويوفر المشروع مساعدة عاجلة للمستفيدين منه، ولكن الحوض الذي تبلغ سعته 250 لترا، سرعان ما يفرغ ويتعين عليهم الانتظار حتى يمتلئ.
وتضيف إيناس: "هذا الجهاز مكون من مواد تم إعادة تدويرها، وهي المواد البسيطة المتاحة في قطاع غزة، وقمت بعمله فوق سطح منزلي، وفوق سطح منزل جيراني، وفي مركز إيواء فيه 5 آلاف نازح، ونجحت في تقديم المياه الصالحة للشرب للنازحين".
مشروع إيناس لا يحتاج إلى كهرباء أو فلاتر أو خلايا شمسية، ويعمل على الطاقة الشمسية فقط، وهي وفيرة في قطاع غزة، حيث تسطع الشمس 14 ساعة يوميا خلال الصيف، و8 ساعات في الشتاء، ويأتي المشروع، في وقت يعاني فيه سكان القطاع من الحصول على احتياجاتهم من المياه العذبة.
وتقول الحاجة أم محمود لـ"سبوتنيك" عن مشروع تحلية المياه: "المشروع الذي قامت به إيناس رائع، ووفر علينا تعب كبير لجلب بعض المياه الصالحة للشرب، وأنا كبيرة في السن ولا أستطيع الذهاب مسافة بعيدة لجلب المياه، وحتى المياه التي كنا نجلبها غير نظيفة، وتسبب التعب والأمراض، وبعد مشروع إيناس، أصبحنا نشرب مياه معقمة ونظيفة، وحتى الجيران والمتواجدين في مدارس الإيواء القريبة، يشربون من هذه المياه النظيفة".
النازح من رفح جنوب القطاع سهيل جمع حول جهاز لتحلية مياه البحر وتقديمها للنازحين في غزة ابتكرته مهندسة غزاوية
© Sputnik . Ajwad Jradat
ويشعر النازح من رفح جنوب القطاع سهيل جمعة، والذي تعب من جلب المياه الصالحة للشرب من منطقة بعيدة، بالرضى من مشروع إيناس، ويقول لوكالة "سبوتنيك":
"المياه الصالحة التي تقدمها إيناس نظيفة، وأنا أشعر بالراحة، وهي أفضل من المياه حتى التي تباع حولنا، وكانت سبب في توفير الجهد والمال، وأتمنى دعم هذا المشروع، في ظل هذه الأوضاع الصعبة، خاصة أن النازحين عددهم كبير جدا، ويعانون من شح المياه الصالحة للشرب".
ويعاني المواطنون في قطاع غزة من صعوبة بالغة في توفير المياه الصالحة للشرب، ويقطعون مسافات طويلة للحصول على بضع ليترات منها، ويقوم النازحون في مناطق مختلفة في القطاع بتقنين استخدامهم لمياه الشرب خشية انقطاعها وعدم القدرة على الحصول على كميات جديدة.
ويواصل الجيش الإسرائيلي حربه على قطاع غزة، منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وفي اليوم الـ 390 ارتفع عدد القتلى منذ بداية الحرب على القطاع، إلى 43,061 قتيل غالبيتهم من النساء والأطفال، وإصابة 101,223آخرين.
وفي 7 أكتوبر، شن مقاتلون من "حماس" هجوما على جنوب إسرائيل أدى لمقتل 1200 إسرائيلي، وفقا لبيانات إسرائيلية رسمية، وردا على هجوم "حماس"، تعهدت إسرائيل بـ"القضاء" على الحركة، وتقول إسرائيل إن 130 أسيرا ما زالوا محتجزين في غزة، بينهم 30 ماتوا، من إجمالي 250 شخصا خطفوا في 7 أكتوبر.