بعد قرارين سابقين..هل يوقف أي قرار جديد من مجلس الأمن الصراع المشتعل في السودان؟

مع اشتداد الصراع العسكري بين الجيش وقوات الدعم السريع في السودان، من المتوقع أن يناقش مجلس الأمن الدولي اليوم مشروع قرار تقدمت به المملكة المتحدة "الرئيس الحالي للمجلس" يطالب طرفي الصراع في السودان بوقف الأعمال القتالية والسماح بتسليم المساعدات بشكل آمن وسريع ودون عوائق.
Sputnik
وكان مجلس الأمن قد أقر قرارين سابقين بشأن السودان، الأول في مارس/آذار الماضي دعا فيه إلى وقف فوري للأعمال القتالية خلال شهر رمضان، والثاني في يونيو/حزيران والذي طالب بشكل محدد بإنهاء حصار قوات الدعم السريع لمدينة الفاشر، التي يبلغ عدد سكانها 1.8 مليون نسمة في منطقة شمال دارفور، ودعت القرارات – التي أيدتها 14 دولة إلى توفير وصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وسريع وآمن ودون أي عوائق.
فما الجديد الذي يمكن أن يقدمه مجلس الأمن و مشروع القرار الذي صاغته بريطانيا..وهل يصطدم القرار الجديد إذا تم إقراره بالعقبات التي وقفت في طريق القرارات السابقة؟
بداية يقول الدكتور سامي سليمان، المنسق العام للكتلة المدنية للسلام والتنمية بالسودان، " للأسف إن كثرة المبادرات لإيقاف الحرب كضجيج بلا طحين، والضحية ھو الشعب السودانى تقتيلا وتھجيرا ونزوح بالخارج والداخل، والحرب ما زال سعيرھا يشتد بتحالف طرفي الحرب لإبادة وتھجير الشعب السوداني وإن كانا ظاھريا يتراءى للمراقب بأنھما خصوم".
حمدوك: السودان قد ينزلق لحرب أهلية مثلما حدث في رواندا 1994

إدانة واضحة

وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": " لو كان المجتمع الدولي جادا وبالأخص بريطانيا التى تُعد مشروع قرار لإيقاف الحرب، يجب أن يتضمن مشروعھا إدانة واضحة للطرفين وحواضنھم والحركات المسلحة، علاوة على توجيه إنذار حاد اللھجة للأطراف الخارجية المُمولة للحرب لإفراغ السودان من شعبه وجعله أرض بلا شعب ليسھل الاستحواذ على مقدراته وثرواته".
وتابع سليمان: "أن الكثيرين لا يعرفون السودان جيدا ولا يعلمون أن أعظم ثروة يمتلكها السودان هى الشعب الذى جعلته ھذه الحرب القذرة مُدركا لكل مايدور ويحاك من مؤامرات من أجل إبادته وتشريده".
وأكد المنسق العام "أن سودان ما بعد الحرب لن يكون كما قبلها، وبصفتى منسقا للكتلة المدنية للسلام والتنمية التى تضم أكثر من خمسين تنظيم مدني وثوري ونسوي، ولجان مقاومة وإدارة أھلية وطرق صوفية وكنيسة سودانية، واتابع عن قرب غُرف الطوارئ والمطابخ المركزية لإغاثة أھلنا الجوعى والمشردين بدور النزوح بالداخل ومخيمات اللاجئين بالخارج، أعلم جيدا أن الشعب قد أدرك جيدا حقيقة ما يحدث ولن يسمح لكل من سفك دمه أو ساهم أو عاون في ذلك أن يكون متواجدا في سودان المستقبل".
وكيل وزير الخارجية السوداني: الدور الروسي مهم جدا في السودان

مستقبل السودان

وقال سليمان: " كلي ثقة بأن اتساع الوعي والإدراك بماهية الوطن سوف يغلق المجال السوداني أمام طرفي الحرب وحواضنھم والحركات المسلحة والمتسلقين الانتھازين، لذا أُكرر لو كان مشروع المبادرة البريطانية لايتضمن الطرق الكفيلة لإيقاف الحرب وتھميش ومحاكمة طرفيھا وحواضنھم والحركات المسلحة، وتوجيه إنذار لممولى الحرب من الدول الطامعة بالسودان سوف لن يُجدي فتيلا".
ولفت المنسق العام، إلى أن "مجلس الأمن كان قد سبق واتخذ قرارا بالاجماع لإيقاف الحرب ولم ينفذ لعدم قناعة طرفي الحرب والممولين للحرب به، لذا أي قرار أممي لا يراعي إدراج بنود واضحة وصريحة نصا بمحاكمة الطرفين، وإنذار الممولين وتحميلھم تكاليف إعادة إعمار السودان سوف لن يجدى نفعا، مع التأكيد بأن ما يدور من قتل ودمار وتشريد بالسودان لم تراه البشرية حتى بالحربين العالميتين، وللأسف مع صمت يكتنف كل العالم المُدعي بأنه حر".
السودان يرفض تنصل تشاد من دعم "قوات الدعم السريع"

الجيوش الأفريقية

من جانبه يقول أبي عز الدين، المدير الأسبق لإدارة الإعلام في الرئاسة السودانية " لا يمكن للدول الكبرى مثل روسيا والصين أن توافق على وقف الحرب ضد الجماعات المتمردة، فما يحدث في السودان ضد التمرد هو من ضمن الحرب عليها في شرق أفريقيا ومنطقة البحيرات".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": "لا ينبغي لبريطانيا أو فرنسا أو غيرهما أن يتواطؤوا بإضعاف الجيوش الأفريقية ويصمتون عن جرائم مليشيات الدعم السريع بسبب وجود مصالح مشتركة مع التنسيقية السياسية للمليشيا، أو مافيا الذهب واليورانيوم".
وأشار عز الدين، إلى أن "هناك صحوة في أرجاء المنظمات الإنسانية حول العالم، وظهرت آثارها في خطاب الأسقف البريطاني نيكولاس بينيس، أسقف ليدز في مجلس اللوردات البريطاني مؤخرا، حين ذكر في تقريره الموثق أن هذا ليس صراعا بين طرفين متساويين، وإنما هو صراع بين الجيش السوداني الذي يسعى لتأمين مستقبل السودان، وما بين متمردين ومرتزقة يسعون لانفصال جزء من السودان تحت امرتهم، وأن على حكومة بلاده أن توقف تدفق المال والسلاح للميليشيات من أي جهة كانت".
إعلام: "قوات الدعم السريع" تقتل 31 مدنيا في ولاية الجزيرة

جرائم غير مسبوقة

ويرى عز الدين "أن على بريطانيا أن تستمع لصوت الحق داخل مؤسساتها، وتنصاع لتقارير المنظمات الإنسانية، وحينها ستتقدم للأمم المتحدة بمقترح يوقف الحرب عبر تصنيف الدعم السريع كجماعة إرهابية "بحسب قوله" ارتكبت جرائم حرب ضد الإنسانية، وفي هذه الحالة ينبغي على بريطانيا تقديم مقترح يضغط على كل الجهات الداعمة للمليشيات، لإيقاف تمردها، ومعاقبتها على الجرائم غير المسبوقة في التاريخ الحديث، أما غير ذلك، فلا بد أن الدول الكبرى المنحازة لدول العالم الثالث ستستخدم الفيتو وتقف بالمرصاد لأي محاولات أوروبية رسمية لبعث الحياة في شرايين المليشيا".

مشروع القرار

بدورها تقول السياسية السودانية، لنا مهدي، إن " مشروع القرار البريطاني بشأن السودان الذي سيعرض على مجلس الأمن، فحواه مطالبة طرفي الحرب الجيش وقوات الدعم السريع بوقف الاقتتال، بحيث تصل المساعدات للنازحين وضحايا الحرب الدائرة في مختلف أنحاء السودان".
وأضافت في حديثها لـ"سبوتنيك": " كما يدعو مشروع القرار أن يظل معبر أدري الحدودي بين السودان وتشاد مفتوحاً مواصلاً مع غيره من المعابر لدوره في تسليم الإغاثات والمعينات الإنسانية من غذاء وكساء وأدوية منقذة للحياة، ووفقاً لإحصاءات حديثة صادرة عن الأمم المتحدة نصف سكان السودان الآن بحاجة لمساعدات ماسة وعاجلة".
السودان يشكو تشاد إلى الاتحاد الأفريقي لمساعدتها "الدعم السريع"
وأشارت مهدي، إلى أن " تمرير القرار البريطاني يحتاج موافقة تسعة أعضاء على الأقل وعدم استخدام إحدى الدول الخمس دائمة العضوية (الولايات المتحدة، فرنسا، روسيا، الصين، والمملكة المتحدة) لحق النقض"الفيتو"، بمعنى أن لا تستخدم الدول الأربعة دائمة العضوية حق النقض لأن بريطانيا بالقطع لن تصوت ضد مشروع القرار الذي تقدمه".

الاستثمار في الحرب

وأكدت السياسية السودانية، على أن "تمرير القرار في مجلس الأمن والتصويت لصالحه يعتمد على عاملين هما، قوة القرار وما يحويه من تفاصيل، والعامل الثاني هو عامل المصالح وإمكانية الاستثمار في الحرب، وبذلك يتحدد من يكون مع أو ضد القرار، مع الوضع في الاعتبار أن بريطانيا تتولى رئاسة مجلس الأمن من بداية الشهر الجاري نوفمبر/تشرين ثاني الجاري".
ولفتت مهدي، إلى أن "وقف الحرب ومد اليد بخيار التفاوض أمر لطالما سعت له قوات الدعم السريع ودعمته وقوبل بالرفض والاستكبار والتعنت من قبل الجيش،ما جعلهم يتأرجحون و يناورون في منبر جدة ومنبر جنيف".
ماذا سيحدث بعد إعلان الجيش السوداني فتح المعابر والمطارات للمساعدات الإنسانية الدولية؟
وتندلع المواجهات العنيفة بمنطقة الحلفايا في الخرطوم بحري وسط غموض حول الأوضاع الميدانية، فبينما تزعم وسائل إعلامية تابعة للدعم السريع استعادة المناطق التي أعلن الجيش استعادتها في السابق، فإن منصات إعلامية تابعة للجيش تنفي تلك الادعاءات.
في إقليم دارفور، تقول قوات الدعم السريع إنها تحاصر قيادة الفرقة السادسة بمدينة الفاشر، التي تمثل آخر معاقل الجيش الرئيسية في الإقليم.
واندلعت الحرب في السودان، في 15 أبريل/ نيسان 2023، بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، في مناطق متفرقة من السودان.
مناقشة