ليبيا...البنك الدولي يستأنف عمله في طرابلس بعد سنوات من الانقطاع وسط تحديات كبرى

البنك الدولي
أعلن البنك الدولي عن استئناف عمله من العاصمة الليبية طرابلس الغرب بعد عدة سنوات من التوقف، في خطوة تعكس رغبة المجتمع الدولي في دعم الاقتصاد الليبي، وتعزيز التعاون مع المؤسسات المالية المحلية، وسط تحديات كبيرة تتعلق بالوضع الأمني، والاستقرار السياسي، والإصلاحات الاقتصادية.
Sputnik
تأتي هذه الخطوة في ظل مساعي السلطات الليبية لإعادة التواصل مع المؤسسات المالية الدولية، بهدف تعزيز الحوكمة، وتحقيق إصلاحات اقتصادية، وتحفيز الاستثمارات، كما يعكس قرار البنك الدولي العودة إلى طرابلس مؤشرًا على تحسن نسبي في البيئة الاقتصادية والسياسية رغم استمرار التحديات.
علم ليبيا
ليبيا... إعلان حصيلة جديدة لمصابي حريق مجمع المحاكم
ورغم أهمية هذه الخطوة، إلا أن البنك الدولي يواجه عقبات كبيرة في استئناف عمله، من أبرزها عدم الاستقرار الأمني، خاصة مع استمرار نفوذ التشكيلات المسلحة في طرابلس، ما قد يؤثر على قدرة البنك على تنفيذ برامجه بفاعلية، بالإضافة إلى غياب الاستقرار السياسي نتيجة الانقسامات بين المؤسسات الليبية، مما قد يُصعّب عملية الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة.

خطوة لكسر العزلة وتعزيز التعاون الاقتصادي

أكد المحلل والخبير الاقتصادي الليبي محمد درميش، أن عودة البنك الدولي إلى طرابلس وافتتاح مكتبه هناك يُعد خطوة في الاتجاه الصحيح، حيث تسهم هذه الخطوة في كسر العزلة الدولية عن المؤسسات الليبية، وتعزيز التعاون بين ليبيا والبنك الدولي في مجالات الاستشارات الاقتصادية والتنموية،
وعن مساعي ليبيا لاستعادة دورها في المؤسسات المالية الدولية أوضح درميش في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن هذه الخطوة جاءت بناءً على جهود الدولة الليبية، كونها مساهمًا في البنك الدولي، وسعيها لإعادة التواصل مع المؤسسات المالية الدولية.
كما أشار إلى وجود اتفاق بين ليبيا والبنك الدولي في مجال الاستشارات الاقتصادية، وهو ما دفع السلطات الليبية إلى طلب إعادة فتح مكتب البنك الدولي في طرابلس لتعزيز التعاون والاستفادة من خبراته.

تحسين الاقتصاد الليبي

شدد درميش على أن تحقيق انتعاش اقتصادي حقيقي في ليبيا يعتمد بالدرجة الأولى على وجود إرادة سياسية قوية، تعمل على فتح آفاق جديدة للاستثمار، وتهيئة بيئة جاذبة لرأس المال المحلي والأجنبي.
قوات من الجيش المصري
رئيس أركان الجيش المصري يتفقد تأمين حدود بلاده مع ليبيا
وأوضح أن وجود البنك الدولي والتعامل معه يشكل قيمة مضافة، حيث يمكن أن يساعد في تقديم المشورة والتوجيهات اللازمة لدعم مشاريع التنمية، وأوضح درميش فيما يتعلق بتأثير البنك الدولي على العملة المحلية، أن قيمة الدينار الليبي هو شأن سيادي للدولة الليبية، ويتم تحديد سياساته النقدية وفقًا لأسس ومعايير اقتصادية محددة وظروف محلية معينة.
وأشار إلى أن البنك الدولي لا يتدخل في تحديد قيمة الدينار الليبي، لكنه يقدم ملاحظات واستشارات عند الحاجة، بناءً على البيانات والمعلومات التي توفرها السلطات الليبية المختصة.
وأكد أن التأثير الفعلي للبنك الدولي على التنمية المحلية مرتبط بكفاءة الإدارة الليبية في استغلال وجود هذه المؤسسة، والتنسيق معها في تمويل وتنفيذ مشاريع تنموية تعود بالنفع على الاقتصاد الوطني.
كما أكد أن الخطوة الأهم حاليًا هي توظيف هذا التعاون مع البنك الدولي بشكل فعال، لضمان تحقيق تحولات اقتصادية إيجابية تسهم في تعزيز الاستقرار المالي والتنمية المستدامة في ليبيا.

عودة جزئية للبنك الدولي وسط تحديات أمنية

أكد المحلل السياسي إدريس احميد أن عودة البعثات الدبلوماسية والمؤسسات الدولية، ومن بينها البنك الدولي، إلى العاصمة طرابلس تتطلب استقرارًا فعليًا، مشيرًا إلى أن طرابلس لا تزال تعاني من سيطرة التشكيلات المسلحة، وهو ما يجعل هذه العودة بحاجة إلى ضمانات أمنية وتفكير جدي في كيفية توفير بيئة آمنة لهذه المؤسسات.
وزير الخارجية المصري ونظيره الأمريكي يبحثان التطورات في غزة وسوريا وليبيا والسودان والبحر الأحمر
وفي حديثه لـ"سبوتنيك"، أوضح احميد أن البنك الدولي لن يعود إلى طرابلس بكامل ثقله كما كان في السابق، لكنه قد يحاول تقديم النصح للحكومة الليبية بشأن أهمية تعزيز الاستقرار، واستعادة مؤسسات الدولة لدورها الطبيعي.
وأشار إلى أن هذه الخطوة قد تكون إشارة واضحة لليبيين حول ضرورة بناء دولة قوية قادرة على تحقيق الاستقرار السياسي والأمني، وهو ما لن يتحقق إلا من خلال وجود حكومة موحدة، وإجراء انتخابات شفافة، وضمان الأمن الكافي لعمل المؤسسات الدولية.
وأضاف احميد أن عودة البنك الدولي قد تسهم في مساعدة المؤسسات الاقتصادية والمالية الليبية، عبر تقديم الاستشارات والتقارير التي تنبه السلطات إلى الفساد المستشري والسياسات المالية الخاطئة، مؤكدًا أن دور البنك يجب أن يكون إرشاديًا وداعمًا للإصلاحات، لا أن يتحول إلى كيان يدير الأزمة كما هو الحال مع بعثة الأمم المتحدة في ليبيا.
وأشار إلى أن البنك الدولي يمكنه إبداء ملاحظاته حول أداء المصرف المركزي والمؤسسات الاقتصادية، إضافة إلى تقييم ما يجري في السوق الموازي، مشددًا على ضرورة أن يكون دوره إرشاديًا وموضوعيًا في ظل غياب البيانات الدقيقة والتقارير الرسمية.
ولفت إلى أن البنك الدولي يمكن أن يكون له دور مهم في تعزيز الحوكمة ومحاربة الفساد، من خلال تقديم توصيات وإرشادات للسلطات الليبية، لافتًا إلى أن الفساد أصبح متجذرًا في المؤسسات الليبية، مما يهدد الاستقرار الاقتصادي، ويجعل الأرصدة الليبية في خطر.
وأكد المحلل الليبي أن السلطات الليبية يجب أن تدرك أهمية التعاون مع البنك الدولي والاستفادة من خبراته وكفاءته في سبيل تطوير الاقتصاد الليبي، مشددًا على ضرورة اتخاذ إجراءات جدية لضمان استقرار البلاد، حتى تتمكن هذه المؤسسات الدولية من العمل بفاعلية في ليبيا.
مناقشة