ووفقا للدراسة التي نشرتها مجلة "scientificrussia" العلمية، فإن الجلد يحتوي على طبقتين رئيسيتين. تتكون البشرة، وهي الطبقة الخارجية، في المقام الأول من الخلايا الكيراتينية، في حين تحتوي الطبقة العميقة من الجلد على الأوعية الدموية والأعصاب والبروتينات البنيوية مثل الكولاجين، التي تعطي الجلد قوته وملمسه. تقليديا، يُعتقد أن الخلايا الليفية، وهي خلايا دعم متخصصة في البشرة، تلعب دورًا رئيسيًا في إنتاج الكولاجين.
يتكون الكولاجين في جسم الإنسان قبل الولادة وبعدها، ويعتقد أن الخلايا الليفية تلعب دورًا استثنائيًا في إنتاج الكولاجين في الجلد، في حين لا تشارك الخلايا الكيراتينية في إنتاج الكولاجين. لقد كان القول بأن "إنتاج الكولاجين في الجلد البشري يتم بواسطة الخلايا الليفية (قاعدة غير منصوص عليها في مجال أبحاث الجلد)".
ومع ذلك، وفي ورقة بحثية جديدة، تحدى علماء من جامعة أوكاياما في اليابان هذا الاعتقاد السائد منذ فترة طويلة. وباستخدام الجلد الشفاف للسمندل المائي (قنفذ البحر)، وهو من البرمائيات المائية المستخدمة على نطاق واسع في الأبحاث الجلدية، اكتشف الباحثون آلية مختلفة لتكوين الكولاجين الجلدي.
لتتبع تطور الكولاجين، قام الباحثون بفحص جلد قنفذ البحر في مراحل نمو مختلفة 5 سم، 8 سم، 10 سم، 12 سم في الطول، وباستخدام تقنيات المجهر القائمة على الفلورسنت المتقدمة. في مرحلة 5 سم، يتكون جلد قنفذ البحر من بشرة تحتوي على الخلايا الكيراتينية وطبقة رقيقة من الكولاجين خالية من الخلايا الليفية في الأدمة، والتي أطلقوا عليها اسم الطبقة الملتحمة.
مع نمو قنفذ البحر، أصبحت طبقة الكولاجين أكثر سماكة، وبعد ذلك فقط بدأت الخلايا الليفية في الهجرة إليها، لتشكل في النهاية 3 طبقات جلدية منفصلة تحت البشرة وهي الطبقة القشرية والطبقة الإسفنجية والطبقة المضغوطة. تتمتع كل من هذه الطبقات ببنية كولاجينية فريدة، ولا يتطابق أي منها مع البنية الأصلية للطبقة الملتحمة.
وبما أن الكولاجين كان موجودًا بالفعل قبل أن تبدأ الخلايا الليفية في إنتاج الكولاجين الجلدي، فقد بحث الفريق عن مصدر إنتاج الكولاجين باستخدام تقنية جديدة لتمييز الكولاجين يمكنها تحديد ألياف الكولاجين التي تم تصنيعها حديثًا. وكانت النتائج غير متوقعة، فقد تم الكشف عن إشارات فلورية قوية في ألياف الكولاجين التي تنتجها الخلايا الكيراتينية، وليس الخلايا الليفية.
تقول أياكا أوهاشي، وهي طالبة دراسات عليا في كلية الدراسات العليا للبيئة والأحياء والعلوم والتكنولوجيا بجامعة أوكاياما: "حتى الآن، كان يُعتقد أن الخلايا الليفية هي المصدر الرئيسي للكولاجين للبشرة. لقد تم توجيه جميع جهود علم التجميل والبحوث الطبية المتعلقة بالجلد نحو تنظيم الخلايا الليفية، لكن هذه الدراسة تتطلب تغيير المنظور. لقد وجدنا أن الخلايا الكيراتينية مسؤولة بشكل أساسي عن تكوين الكولاجين الجلدي".
وأظهرت دراسة أخرى أن الخلايا الكيراتينية تنتج الكولاجين في شكل شبكة منظمة تقع على سطحها السفلي. وفي وقت لاحق، تنتقل الخلايا الليفية، التي تتمتع ببنية شبكية ونتوءات تشبه الإصبع، إلى طبقة الكولاجين هذه، فتعمل على تعديلها وتقويتها.
وللتأكد من أن هذه العملية ليست فريدة من نوعها بالنسبة لقنفذ البحر، نظر الباحثون إلى نماذج الفقاريات الأخرى، بما في ذلك سمك الزرد، وأجنة الدجاج، والثدييات (الفئران). وكانت النتائج التي تم الحصول عليها متسقة في جميع الأنواع، ما يشير إلى أن إنتاج الكولاجين بوساطة الخلايا الكيراتينية هو آلية محفوظة تطوريًا، وإن فهم كيفية تشكل الكولاجين قبل الولادة أمر بالغ الأهمية لمعالجة شيخوخة الجلد وتطوير علاجات جديدة للأمراض المرتبطة بالكولاجين.
ووفقا للدراسة التي نشرتها مجلة "scientificrussia" العلمية، يغير هذا الاكتشاف فهمنا لبيولوجيا الجلد وقد يؤدي إلى اختراقات في الطب التجديدي وشفاء الجروح ومستحضرات التجميل، حيث تستهدف منتجات العناية بالبشرة الحالية في المقام الأول نشاط الخلايا الليفية، ولكن المستقبل قد يحتاج إلى التركيز على تحفيز إنتاج الكولاجين بواسطة الخلايا الكيراتينية.