وحذر مراقبون من التحركات الإسرائيلية لإقامة "خطوط أمنية" في غزة ولبنان وسوريا، مؤكدين أن إسرائيل تتذرع بالجوانب الأمنية لإحداث تغييرات جغرافية في دول الجوار.
وقال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، إيال زامير، إن قوات الجيش متمركزة على خطوط الدفاع الأمامية في مختلف الساحات الأمنية، وتواصل انتشارها في نقاط السيطرة على الحدود مع لبنان وسوريا وقطاع غزة.
واعتبر أن هذا الانتشار يهدف إلى تعزيز حماية السكان المدنيين وضمان حرية حركة القوات، إلى جانب إقامة خطوط أمنية دفاعية لمواجهة "التهديدات"، مشيرا إلى أن الجيش يعمل وفق نهج إحباط التهديدات قبل وقوعها.
وفي تصريحات سابقة، قال زامير إن "الخط الأصفر في قطاع غزة، الذي يحدد موقع انسحاب الجيش كجزء من الاتفاق هو خط حدودي جديد".
تمدد خطير
حذر الخبير السياسي السوري، الدكتور علاء الأصفري، من خطورة المخططات الإسرائيلية الرامية إلى تدشين خطوط أمنية في كل من غزة ولبنان وسوريا، واصفا هذا التوجه بأنه اعتداء جسيم على سيادة هذه الدول وجغرافيتها.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، "إعلان الاحتلال عن هذه الخطوات يثبت أن إسرائيل لا تحترم تعهداتها ولا تقيم وزنا لأي نوع من الهدن، التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية".
وأضاف أن إسرائيل تتمادى اليوم في عدوانها تحت مسميات وشعارات كثيرة، خاصة أنها تستغل الاتفاقيات للتمدد على الأرض، ولا تلتزم بأي عهود أو مواثيق دولية، مشيرا إلى ما يجري في سوريا من تقدم واحتلال لمزيد من الأراضي، ومحاولة إعطاء نفسها الحق في إقامة أحزمة أمنية متجددة وصولا إلى مناطق قريبة من العاصمة دمشق.
وأكد الخبير السياسي السوري أن "هذا السلوك يعتبر عدوانا كبيرا يتم تحت ذرائع إسرائيلية واهية تدعي الرغبة في شن حروب استباقية ضد أعدائها"، معتبرا أن هذه المبررات هي كذبة كبيرة تهدف لتغطية الأطماع التوسعية الإسرائيلية المعروفة في منطقة الشرق الأوسط.
وأوضح أن العالم بأسره يرى الاعتداءات الإسرائيلية على دول الجوار في غزة ولبنان وسوريا، وكيف تتساقط الهدن التي تحاول واشنطن فرضها أمام تعنت وتطرف اليمين الفاشي الحاكم في تل أبيب، الذي يسعى لاحتلال المزيد من الأراضي ضاربا بعرض الحائط السلم الإقليمي والدولي تحت أنظار العالم.
وحول جدوى هذه المخططات، شدد الأصفري على أن هذه الخطوط الأمنية "لا قيمة لها" لأنه من المرجح أن تنشأ مقاومة شعبية في هذه البلدان، تعمل حتى طرد المحتل الإسرائيلي منها.
وقال إن على إسرائيل العودة إلى حدودها، مشيرا إلى اتفاق الهدنة في سوريا لعام 1974، حيث استغلت الأحداث الأخيرة لاحتلال المزيد من المناطق وهو ما يعد مؤشرا خطيرا.
ولفت إلى تكرار السيناريو ذاته في الجنوب اللبناني رغم وجود هدنة، وكذلك في قطاع غزة الذي يشهد قصفا ودمارا وتقدما توسعيا للقوات الإسرائيلية، معتبرا أن الحكومة اليمينية المتطرفة في إسرائيل لا تفهم ولا تعلم إلا لغة القوة في التعامل مع محيطها.
تغيير جغرافي
من جانبه أكد الأكاديمي والمحلل السياسي الفلسطيني الدكتور ماهر صافي، أن "إسرائيل تسعى إلى فرض سيطرتها على مناطق معينة وتأمين حدودها في منطقة الشرق الأوسط، وتحديدا في فلسطين وسوريا ولبنان".
وأوضح في حديثه لـ "سبوتنيك"، أن إنشاء هذه الخطوط الأمنية في كل من غزة ولبنان وسوريا يهدف إلى تعزيز الأمن القومي الإسرائيلي، في ظل عملية الاشتباك والمطاردة الساخنة، والخروقات المستمرة وعمليات التوغل داخل الأراضي الفلسطينية، والسورية واللبنانية وذلك لتأمين حدودها وضم أراض جديدة إليها.
وأضاف أن إسرائيل تسعى من وراء ذلك إلى إحداث تغييرات جغرافية في المنطقة، وتنفيذ التصريحات والرؤى التي يرددها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تجاه الشرق الأوسط.
وشدد صافي على أن هذه الخطوط ستؤدي إلى نزوح السكان من هذه المناطق، وبذلك تكون إسرائيل قد حققت هدفها الاستراتيجي المتمثل في تهجير السكان من مناطقهم، محذرًا من أن هذا المخطط سيؤدي إلى زيادة التوترات في المنطقة والتأثير على الاستقرار الإقليمي.
واختتم حديثه بالإشارة إلى أن إسرائيل تهدف إلى فرض منطقة عازلة في قطاع غزة بعمق 3 كيلومترات غرب الخط الأصفر، وذلك بحجة تعزيز إجراءاتها الأمنية.
ودخل اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و"حماس"، حيّز التنفيذ في 10 أكتوبر 2025، وفي الـ13 من الشهر ذاته، وقّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إعلانا بشأن تثبيت وقف إطلاق النار في غزة.
وبموجب الاتفاق، أفرجت حركة حماس عن جميع الرهائن الـ 20، الذين بقيوا على قيد الحياة منذ أحداث 7 أكتوبر 2023، مقابل إفراج إسرائيل عن نحو 2000 معتقل فلسطيني من غزة، بينهم محكومون لفترات طويلة.