فما الذي ينتظر الاقتصاد العالمي بعد إخفاق التوصل إلى اتفاق بين السعودية وروسيا لتخفيض الإنتاج، وعزم أرامكو على العمل بطاقتها القصوى؟
تواصل معدلات النمو
وتابع الخبير الاقتصادي، أن بالقراءة الثانية في المشهد الاقتصادي العالمي، فإن معدل النمو في الاقتصاد العيني بسيط، مقارنة بمعدل وتضخم الاقتصاد الرقمي والذي نشاهده دائما في الأسواق المالية، ووجود الفجوة الكبيرة بين هذين الرقمين جعل أي تصحيح أو أي حدث سياسي أو مرضي مثل كورونا الآن، قد جعل الأسواق المالية تتذبذب بمعدلات كبيرة.
وعزى الشهري السبب إلى وصول الأرقام المالية داخل الأسواق المالية كأرقام استثمارية رقمية أعلى من اقتصاد الواقع، والذي يقوم بعمليات التوظيف وإنشاء الشركات ويخلق عوائد استثمارية حقيقية وليس مضاربات في الأسواق المالية، وبأن هذه الأمور جميعها كانت مقدمات ما يمكن تسميته "اضطراب الاقتصاد الكلي"، مؤكدا أن الأسباب المشاركة في هذا الاضطراب متنوعه وترافقها أطراف متعددة، لذا لا يمكن عزل قضية النفط الذي هو نتيجة للواقع عن باقي المتغيرات، وانهيار أسعار النفط هو نتيجة لأداء الاقتصاد العالمي.
تدهور أسعار النفط
وحول مزيد من تدهور أسعار النفط نتيجة زيادة المعروض قال الشهري، إن الاقتصاد ديناميكي يعود للاستقرار حال وصل إلى معدلات متضخمة، والأجراء السعودي بعد الاجتماع الأخير لـ"أوبك+1"، وعدم حدوث اتفاق مع روسيا ليس هو السبب الرئيسي في التداعيات التي نشاهدها اليوم، حيث أن السياسة السابقة كانت تقول "أننا نتحكم في مستوى الأسعار من خلال التحكم في معدلات الإنتاج" وتلك السياسة كانت معلنة ما بين الدول المصدرة وروسيا.
وأوضح الشهري، أن الاقتصاد الآن أصبح مثل الظواهر الجوية يتم التنبؤ ولا يمكن الجزم بها، وتوصيفه للوضع الراهن أنه "اضطراب في الاقتصاد الكلي العالمي لأسباب وأطراف متنوعة ومن مناطق جغرافية متنوعة، والتقاء كل تلك الأسباب في 2020 قد تكون هى المفارقة، لذا اتخذت كل دول من الإجراءات ما يتناسب مع مصلحة اقتصادها".
السياسة النقدية
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن ايجابية أو سلبية انخفاض أسعار النفط سوف يجيب عنها الاقتصاد العالمي بنفسه، حيث وصل رؤساء ومدراء البنوك المركزية الذين بدأوا يفقدون سيطرتهم على الأدوات التي يستخدمونها في السيطرة على الاقتصاد، مثل أدوات السياسة النقدية والسياسة المالية مثل خفض ورفع سعر الفائدة، وفي بعض البنوك وصلت الفائدة إلى صفر والاقتصاد لا يتحرك بسبب أن تلك الأدوات فقدت قيمتها عندما تضخم الاقتصاد بشكل مبالغ فيه.
وقال الدكتور وضاح الطه، العضو الاستشاري في المعهد البريطاني للاستثمار في دبي لـ"سبوتنيك"، إن "انهيار أسعار النفط خلال الأيام الماضية تزامن مع أحداث مهمة أثرت على الاقتصاد العالمي، مثل تفشى فيروس كورونا في معظم دول العالم، والأثار التي ستنجم عن هذا الانخفاض بكل تأكيد ستختلف لو كنا في وضع عادي، وفي اعتقادي أن رد الفعل السعودي كان متسرعا بعض الشيء في الرد على الرفض الروسي للاتفاق، حيث كان الرد أو المبرر الروسي لرفض الاتفاق أن هناك حصصا تأخذ نتيجة التخفيض المستمر للإنتاج في أوبك، والمستفيد الأول من تلك الوقائع هى شركات النفط الصخري الأمريكية".
أضرار كبيرة
وتابع الخبير الاقتصادي، أن أرامكو أعلنت أنها ستزيد انتاجها من النفط إلى طاقتها القصوى والذي قد يصل إلى أكثر من 12 مليون برميل يوميا، وهى خطوة غير متأنية، وأن أول المتضررين منها هم المنتجين، لأن بعض المنتجين غير قادرين على زيادة الإنتاج لتعويض النقص في الأسعار، علاوة على أن هناك نقصا في الطلب العالمي.
وأضاف الطه، أن الهدف الأساسي من وراء تخفيض الإنتاج في أوبك والذي لم توافق عليه روسيا هو انخفاض الطلب على النفط وبشكل خاص الطلب الصيني والذي انخفض من 12 مليون برميل إلى ما يقرب من 3 مليون برميل.
عرض تخفيضات
ورفضت موسكو مقترحا بزيادة تخفيضات الإنتاج عن مستواها الحالي بواقع 1.5 مليون برميل يوميا حتى نهاية العام الجاري، ومن جهتها رفضت الرياض تمديد اتفاق خفض الإنتاج بالشروط الحالية لمدة 3 أشهر.
كما قامت السعودية على الفور بعرض تخفيضات في أسعار نفطها لشهر نيسان/أبريل المقبل، كما تحدثت تقارير إعلامية عن عزم المملكة زيادة إنتاجها من النفط الخام إلى أكثر من 10 ملايين برميل يوميا، ما ساهم في الهبوط الحاد في أسعار الذهب الأسود.
ويعود موقف روسيا الرافض لتخفيضات جديدة في الإنتاج لمخاوف من خسارة حصتها السوقية في ظل نمو إنتاج النفط الأمريكي، ووفقا لميخائيل ليونتيف المتحدث الرسمي باسم "روسنفط"، كبرى شركات النفط الروسية، فإن صفقة "أوبك+" كانت "بلا معنى" لروسيا، حيث أن الصفقة كانت تساهم في تراجع حصة روسيا في أسواق النفط لصالح النفط الصخري الأمريكي.
وأضاف أن الصفقة كانت تهيئ الظروف المناسبة لتموضع النفط الأمريكي في الأسواق، مشيرا إلى أن اتفاق "أوبك+" كان له دور إيجابي فقط في المرحلة الأولى من تنفيذه.