وأضاف الخوري، في حديث لإذاعة "سبوتنيك"، أن "التموضع الاستراتيجي لأوروبا ليس في أفضل حال، لا سيما مع تقدم الأمم في مجال التكنولوجيا"، لافتًا إلى أن "الغاز الروسي كان له دورًا كبيرًا في دعم الاقتصاد الأوروبي، منذ انتصار الثورة الروسية، عام 1917، حيث كان المشروع "اللينيني" قائمًا على تصدير الطاقة مقابل تصدير التكنولوجيا، وخط "التيار الشمالي" ساهم بشكل كبير في نهضة أوروبا الاقتصادية، إذ قدمت روسيا الغاز بأسعار منخفضة نسبيًا بالنسبة لتكاليف النقل العالمية، مما ساعد على تحقيق الرفاه في أوروبا وجعلها نموذجًا للنمو الاقتصادي".
وأشار الخوري إلى أنه "مع بدء العملية العسكرية الروسية الخاصة، قام الغرب بتدمير هذه القناة الحيوية للغاز الروسي، ما أثر بشكل كبير على الاقتصاد الأوروبي، حيث أصبح من الصعب تعويض الغاز الروسي بأسعار مشابهة، مما زاد من التحديات الاقتصادية التي تواجهها القارة".
وقال الكاتب في الاقتصاد السياسي إن "أوروبا اليوم تعيش حالة قلق بسبب محاصرتها بالحرب، وفارق الإنتاجية التكنولوجية مع الولايات المتحدة يتسع، بينما تسرّع الولايات المتحدة في تقدمها التكنولوجي، وتجد أوروبا نفسها غارقة في مشاكلها الاقتصادية والأمنية، مما يضعها في موقف صعب ويزيد من تحدياتها في مواجهة المنافسة العالمية".
مشيرًا إلى أن "تصريحات قيادات أوروبا تؤكد أنهم يشعرون كما لو كانوا ينتحرون، نظرًا للمصير القاتم والواقع المميت الذي يواجهونه بتصفيق قيادييها، في الوقت نفسه، تستفيد الولايات المتحدة من أموال أوروبا التي تُستثمر في اقتصاد التكنولوجيا الأمريكي، مما يعمق الفجوة التكنولوجية بين القارتين، والفارق في الإنتاجية بين أوروبا والولايات المتحدة بلغ 20%، وإذا استمرت الاتجاهات الحالية، فإن الفجوة ستتسع بشكل كبير خلال خمس سنوات، مما يجعل أوروبا تابعة تكنولوجيا للولايات المتحدة الأمريكية".
ولفت الخوري إلى أن "هناك نزاعًا قويًا في أوروبا قد يؤدي إلى تفكك القارة، إذ أنها تواجه تحديات كبيرة نتيجة عدم تكيّف قياداتها مع الواقع العالمي الجديد، بينما تتسم الدول الصاعدة بتحديث عقلياتها منها روسيا والصين، وبالتالي يبدو أن هناك دورًا خبيثًا للولايات المتحدة في التآمر على أوروبا، مما يساهم في زعزعة استقرارها وتعميق أزماتها السياسية".
وتابع قائلًا: "من قال إن أوروبا قارة عجوز، لم يخطئ، وكان الحل الوحيد لأوروبا للخروج من هذه الازمة يكمن عبر تعميق العلاقة الاستراتيجية مع روسيا، لكنها اختارت الاتجاه المعاكس، مما أدى إلى تعزيز المصالح الأمريكية، وإذا استمر الوضع الحالي، فإن واشنطن هي المستفيد الوحيد من بقاء الوضع على ما هو عليه حتى لو استمر لأكثر من مئة عام، ومشكلة أوروبا مع أمريكا ونجاتها مع روسيا".