أطفال لبنان... عندما تصب الحرب الألم على معاناة طفل مصاب بالسرطان

لم ترحم الحرب التي تدور رحاها في الشرق الأوسط الحجر ولا البشر، ولم تستثن نيرانها الأطفال ولا النساء، بيد أن المعاناة تكون أشد وطأة وقسوة بالنسبة لطفل يعاني أصلا من مرض السرطان، وسط زحام الكوارث التي تدور من حوله.
Sputnik
قصص الحرب الحزينة لا حدود لقساوتها بالنسبة للأطفال، الذين يعانون من المرض العضال، حيث تتشعب المشكلات وتتعقد لتبدأ من المشكلات الأمنية المرتبطة بالنزوح وصولا إلى مشكلة تأمين المسكن والدواء ولا تنتهي بالمشكلات الاقتصادية لمناطق تعاني بالأساس من أزمات اقتصادية عميقة منذ عقود.

أطفال مصابون يعانون بلا مراكز علاجية

قصة الطفل إيليو البعلبكي، واحدة من الكثير من القصص المؤلمة، إذ استطاع أخيرا تخطي الأزمة التي حلت به وبعائلته بعد مغادرة بلدته في جنوب لبنان وبقائه بلا علاج لأيام عدة.
الطفل إيليو البعلبكي من لبنان خلال مراحل علاجه من مرض السرطان ويعاني حاليا من قسوة النزوح بعد الضربات الإسرائيلية على بلاده

وصفت والدة الطفل سماح البعلبكي، كيف اضطرت هي وإيليو وجزء من عائلتها للنزوح من بلدة حداثا في قضاء بنت جبيل في جنوب لبنان، بعدما تم استهداف البلدة من قبل الجيش الإسرائيلي، ما أدى إلى تدمير كامل منازل البلدة بما فيها منزل عائلتها.

الطفل إيليو البعلبكي من لبنان خلال مراحل علاجه من مرض السرطان ويعاني حاليا من قسوة النزوح بعد الضربات الإسرائيلية على بلاده
وقالت أم الطفل إن عائلتها اضطرت للنزوح من بلدتها تحت القصف الإسرائيلي ما أدى إلى إصابة إيليو بحالة هلع وذعر، خصوصا خلال محاولة تفادي القصف أثناء توجهها إلى بيروت، عبر اللجوء إلى بساتين وبنايات حتى تمكنت من الوصول إلى الضاحية الجنوبية لبيروت.
تقرير صادم يكشف تفاصيل استخدام الجيش الإسرائيلي أسرى فلسطينيين كدروع بشرية
وأشارت إلى أن عددا من أولادها الأكبر سنا، علقوا في البلدة، لكن نتيجة القصف الإسرائيلي الكثيف على الضاحية اضطرت العائلة مرة جديدة للهرب وقضت ليال عدة في السيارة.

أجواء غير صحية واشتداد المرض

ونوهت الوالدة سماح البعلبكي، إلى أنه في هذه الأثناء تمكنت العائلة من التواصل مع مركز علاج في بيروت حتى يتمكن إيليو من تناول جرعات العلاج، إلا أن وضعه تأثر سلبا بنتيجة النزوح القسري وحالة التوتر والهلع وعدم الاستقرار عدا عن انشغال الأسرة بتأمين خروج باقي الأولاد من "حداثا" إلى بيروت، إضافة إلى تأثره سلبا بالأجواء غير الصحية التي رافقت الانتقال إلى الضاحية، والنوم لعدة ليال في السيارة في ظل القصف قبل الانتقال إلى منزل مشترك مع عائلة صديقة، حيث لا تتوفر فيه شروط صحية مثالية، علما أن مناعة مريض السرطان تكون ضعيفة، ما يحتم تأمين شروط صحية تمنع الاختلاط مع عدد كبير من الناس لمنع انتقال أمراض وفيروسات معدية للمريض.
1 / 5
الطفل إيليو البعلبكي من لبنان خلال مراحل علاجه من مرض السرطان ويعاني حاليا من قسوة النزوح بعد الضربات الإسرائيلية على بلاده
2 / 5
الطفل إيليو البعلبكي من لبنان خلال مراحل علاجه من مرض السرطان ويعاني حاليا من قسوة النزوح بعد الضربات الإسرائيلية على بلاده
3 / 5
الطفل إيليو البعلبكي من لبنان خلال مراحل علاجه من مرض السرطان ويعاني حاليا من قسوة النزوح بعد الضربات الإسرائيلية على بلاده
4 / 5
الطفل إيليو البعلبكي من لبنان خلال مراحل علاجه من مرض السرطان ويعاني حاليا من قسوة النزوح بعد الضربات الإسرائيلية على بلاده
5 / 5
الطفل إيليو البعلبكي من لبنان خلال مراحل علاجه من مرض السرطان ويعاني حاليا من قسوة النزوح بعد الضربات الإسرائيلية على بلاده

وأشارت والدة إيليو إلى أنه بسبب الظروف الصعبة التي رافقت انتقال عائلتها إلى بيروت، انتكست صحة الطفل، وأصيب بعدة أمراض منها التهاب حلقه وأذنيه ما أدى إلى انخفاض مناعته، الأمر الذي منعه من أخذ العلاج في إحدى المناسبات لأن تراجع المناعة لا يسمح للمريض بتناول جرعة العلاج.

ويضاف إلى حالة إيليو وضع الأسرة وخصوصا الوالدة التي عاشت حالة ذعر وقلق على حالة ابنها، علما أن الكثير من عائلات الأطفال المصابين بالسرطان تعيش نفس الصعوبات لتأمين العلاج والظروف المناسبة لشفاء أبنائها كما حالة عائلة إيليو.

مراكز معالجة السرطان... ضغط كبير وعجز في الميزانية

وحول عمل المراكز الصحية المختصة بعلاج حالات السرطان، قالت المديرة التنفيذية للشؤون الإدارية وشؤون الموظفين في مركز "سرطان الأطفال" في بيروت، الدكتورة منال الأزهري باشا، إن المركز يعاني من صعوبات جمة في ظل الحرب التي تشنها إسرائيل ضد لبنان والتي باتت تطال كل المناطق اللبنانية والتي أدت إلى تشريد عدد كبير من الأطفال الذين يتلقون العلاج في المركز مع عائلاتهم.
اليونيفيل: دبابتان تابعتان للجيش الإسرائيلي دمرتا البوابة الرئيسية لموقعنا في بلدة رامية جنوبي لبنان

وأوضحت باشا أن هذه الصعوبات تضاف إلى العوائق التي نجمت عن تفجر الأزمة الاقتصادية في البلاد في العام 2019، والتي أدت الى نقص في دواء السرطان أو انقطاعه، عدا عن انقطاع عدد من المواد الأساسية الأخرى المرافقة للعلاج، علما أن المركز يتولى علاج نحو 400 طفل مصاب بالسرطان.

وقالت الدكتورة باشا إن الصعوبة الأكبر الآن تتمثل في تعذر وصول الأطفال إلى مراكز تلقي العلاج، مشيرة إلى وجود فروع للمركز في مختلف المناطق اللبنانية، لذلك فلقد أشارت الدكتورة باشا إلى أن المركز شكل خلية أزمة للتواصل مع المرضى وتحديد مكان إقامتهم الجديد لوصلهم مع أقرب مركز علاج لأماكن لجوئهم حتى يتمكنوا من الحصول على علاجهم، علما أن مريض السرطان لا يستطيع الانقطاع عن العلاج لأن هذا سيؤدي إلى تراجع وضعه وتأخر شفائه.
الطفل إيليو البعلبكي من لبنان خلال مراحل علاجه من مرض السرطان ويعاني حاليا من قسوة النزوح بعد الضربات الإسرائيلية على بلاده

وأضافت أن من الصعوبات أيضا تأمين الأدوية المرافقة للعلاج، لذلك فلقد لجأ المركز إلى توفير هذه المواد مسبقا لمدة شهر، وشددت على أن المركز بات يعاني من عجز مالي قيمته 3 مليون دولار مطالبة الدولة اللبنانية والمؤسسات والأفراد للمبادرة بالتبرع للمركز لمعالجة هذه المشكلة.

أردوغان: إسرائيل لا تستهدف الاستقرار في فلسطين ولبنان فقط بل تعمل على توسيع النار لتشمل كامل المنطقة
وأشارت الدكتورة باشا الى مشكلات إضافية يعاني منها المركز وتتمثل بتعرض الموظفين والأطباء إلى التهجير والنزوح وعدم قدرة البعض منهم من الوصول إلى فروع المركز المختلفة.

تقصير حكومي وأطفال بلا علاج

وبدورها، نوهت الدكتورة ندى سبيتي، طبيبة الدم وأورام عند الأطفال واليافعين، إلى أن الحرب الحالية التي تشنها إسرائيل ضد لبنان أثرت سلبا على لبنان ككل وعلى الأطفال المصابين بالسرطان على وجه الخصوص.

وأوضحت الدكتورة سبيتي، أن نسبة الشفاء بين الأطفال المصابين بالسرطان تكون عالية جدا وقد تصل إلى 90 أو 95%، خصوصا إذا ما تأمن العلاج والظروف الصحية الملائمة للمريض، بشرط أن يكون العلاج منتظم وذو نوعية جيدة ومتواصلة.

وأشارت الطبيبة إلى أن أبرز المشكلات التي يعاني منها الأطفال المرضى بالسرطان حاليا هي في عدم قدرتهم على الوصول إلى فروع المراكز لتلقي العلاج، لافتة إلى أن انقطاع أو تأخر الأطفال المرضى عن العلاج يمكن أن يؤدي الى تراجع حالتهم أو انقطاع الأمل من شفائهم.
نتنياهو لغوتيريش: يجب سحب قوات اليونيفيل من جنوب لبنان

وأضافت أن ما يفاقم من مشكلات المرضى هو ظروف النزوح والعيش في مراكز إيواء أو منازل مزدحمة لا تتوفر فيها الظروف الصحية الملائمة لعدم انتقال الأوبئة أو الفيروسات، خصوصا أن مناعة مرضى السرطان تكون ضعيفة جدا، وبالتالي فهم بحاجة الى بيئة معقمة ومعزولة عن الازدحام للتخفيف من احتمال انتقال العدوى. لذا فإن هذا الوضع يشكل عاملا يؤثر سلبا على تعافي وشفاء المرضى، عدا عن عدم التأكد من سلامة الغذاء أو نظافة الحمامات المشتركة في مراكز الإيواء.

وشكت الدكتورة سبيتي من عدم مبادرة الدولة اللبنانية إلى وضع خطة طوارىء تلحظ إيجاد مركز إيواء خاص بحالة الأطفال المرضى بالسرطان على الرغم من مرور عام كامل على اندلاع الحرب بين لبنان واسرائيل.
مناقشة