المعارك التي أظهرت في الآونة الأخيرة قوة "حزب الله" اللبناني، مقارنة بحركة "حماس" في قطاع غزة، مما يجعل الدخول في حرب طويلة أمرا مكلفا على مستوى الاقتصاد والجنود لإسرائيل، كما يرى مراقبون.
لكن هناك من يعتقد بأن إسرائيل قادرة على الاستمرار في هذه الحرب لسنوات طويلة، وليس لمجرد أشهر أو أسابيع، وذلك في ظل الدعم الأمريكي المستمر، على كافة المستويات.
ويتواصل الاستهداف المتبادل جنوبي لبنان، بين "حزب الله" من جهة والجيش الإسرائيلي من جهة أخرى، منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة، في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حيث يتبادل الجانبان القصف عبر الحدود بشكل شبه يومي.
ويرد "حزب الله" بهجمات صاروخية تستهدف في المقام الأول شمال إسرائيل، لكن نطاق الهجمات الصاروخية زاد بشكل ملحوظ في الأيام الأخيرة. وفي كل يوم، يتم تسجيل عشرات الرشقات الصاروخية باتجاه المناطق المأهولة بالسكان الإسرائيليين، والتي يتم خلالها إصابة المباني السكنية، مما يؤدي إلى وقوع إصابات.
دعم أمريكي
قال جورج علم، المحلل السياسي اللبناني، إن إسرائيل تستطيع أن تحارب لسنوات وليس لأشهر أو أسابيع في لبنان وغزة، طالما أن الولايات المتحدة الأمريكية تدعمها بشكل مطلق، بأحدث أنواع الأسلحة بالمخابرات والتقنيات والأموال والاقتصاد.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، فبين الفترة والأخرى تقدم الولايات المتحدة مليارات الدولارات إلى إسرائيل، كل القنابل الذكية والأسلحة الحديثة الأمريكية في عداد إسرائيل، وفي كل مرة يكون هناك خطر ما على إسرائيل ترسل واشنطن حاملات الطائرات والبوارج الملحقة دفاعا عن أمن إسرائيل.
وتابع: "لذلك أعتقد أن إسرائيل قادرة فعلا على أن تقود حربا طويلة ومدمرة، كما فعلت في غزة، وهي تحاول بطبيعة الحال تكرار المشهد في لبنان".
ويرى أن ما يحدث يقود إلى غياب المبادرات الدولية الفاعلة، سواء على مستوى الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي والاتحاد الأوروبي، هناك الكثير من الاجتماعات والتصريحات حول ضرورة وقف إطلاق النار، وتنفيذ القرار رقم 1701.
وقال إن كل هذه البيانات لم تؤثر على تهدئة الأوضاع، في حين استغل نتنياهو الوضع والانتخابات الأمريكية ليمضي قدما في اعتداءه تنفيذا لبنك أهداف يريد تحقيقه في لبنان وغزة عن طريق القوة.
كلفة باهظة
اعتبر سركيس أبو زيد، المحلل السياسي اللبناني، أن الحرب الطويلة بالنسبة لإسرائيل مكلفة ومرهقة وخسائرها كبيرة، صحيح أنها في غزة استطاعت أن تستمر عاما كاملا وتدمر وتقتل عددا كبيرًا، على صعيد البنية التحتية والبشر، لكنها تكبدت خسائر كبيرة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، من يتابع الاقتصاد الإسرائيلي يرى أنه يعاني كثيرا، وهناك إرهاق داخل الجيش، وأزمات كبيرة، لكن إسرائيل استطاعت طمسها والتغطية عليها بسبب الدعم الأمريكي والمساعدات الأوروبية الأمريكية المستمرة.
بالنسبة للبنان، بحسب أبو زيد، الحرب متعبة ومرهقة على إسرائيل بشكل أكبر، ومكلفة جدا بخلاف غزة، لأن "قوات حزب الله نظامية وقوية ولديها قدرات، وتملك عمقا جغرافيا في سوريا ولبنان، على عكس غزة المحاصرة من جميع الجهات".
وأكد أن الحرب مع لبنان مرهقة أكثر، لأن حزب الله يمتلك صواريخ طويلة الأمد تتجاوز 100 كيلو متر ومتطورة، ويمكن أن تكبد إسرائيل خسائر كبيرة، مشيرًا إلى أن تهديد إسرائيل المتكرر بالحرب الطويلة من أجل تسريع التسوية وجر الولايات المتحدة الأمريكية إلى الصراع مع إيران.
وأوضح أن إسرائيل تريد أن يكون هناك خلاف بين واشطن وطهران، حتى لا يتم أي اتفاق تعتبره خطرا استراتيجيا عليها، لكن الحرب الطويلة ستكون مرهقة وتولد تناقضات داخل إسرائيل، وعلى الجبهة اللبنانية ستكون الكلفة أكبر وأصعب.
ويعتقد أن إسرائيل تهدد بالحرب الطويلة لكن تتفاداها بلبنان في الوقت نفسه، لكن الميدان من سيحسم هذه المعارك، ويجب الانتظار حتى موعد الانتخابات الأمريكية، حيث ستضح خلال هذه الفترة مآلات الأحداث كاملة.
وأعلن "حزب الله" اللبناني، يوم الثلاثاء، استهداف عشرات المواقع التابعة للجيش الإسرائيلي وتموضعات لجنوده في القطاعين الشرقي والغربي من جنوب لبنان.
وأكد "حزب الله"، في بيان له يسلط فيه الضوء على العمليات التي نفذها خلال الـ24 الساعة الماضية ضد الجيش الإسرائيلي، أن قواته "استهدفت قوة مشاة للجيش الإسرائيلي حاولت التسلل إلى الأراضي اللبنانية من جهة بلدة مركبا، وذلك بواسطة قذائف المدفعية، وقصفت مستوطنة كريات شمونة وثكنة زبدين في مزارع شبعا بصلية صاروخية".
وكانت السلطات اللبنانية قد دعت، أمس الاثنين، "مجلس الأمن الدولي إلى اتخاذ موقف من الاعتداءات الإسرائيلية على قوات اليونيفيل ومنع تكرارها".
وقدّمت بعثة لبنان الدائمة لدى الأمم المتحدة في نيويورك، في بيان لها، شكوى متطابقة إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ومجلس الأمن الدولي، رداً على الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة التي استهدفت مواقع اليونيفيل في جنوب لبنان.
وتصاعدت التوترات بين إسرائيل وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (اليونيفيل) في جنوب لبنان، حيث دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إلى سحب الجنود الأمميين من مناطق القتال التي تشهد نشاطا لـ"حزب الله".