وأضاف الدبلوماسي المصري في حواره مع "سبوتنيك"، أن مشاركة هذا العدد في القمة ورغبتها في الانضمام للتجمع، يعكس حالة من الاستياء الشديد وعدم الرضى عن النظام الدولي الحالي، خاصة في ظل سعي عدد محدود من الدول لرسم وتسيير العالم وفق مصالحه الخاصة، كما نرى في أوروبا والأزمة الأوكرانية، وكذلك ما يحدث في منطقة الشرق الأوسط... إلى نص الحوار.
بداية سعادة السفير كيف ترى مشاركة مصر للمرة الأولى ضمن الأعضاء الرسميين لمجموعة "بريكس"...وانعكاس ذلك على العلاقات الثنائية مع روسيا، وكذلك مع دول المجموعة؟
بداية وجب التأكيد على أن مصر تشاطر الدول الأعضاء في التجمع أجندتها، الاقتصادية أو التجارية، وما تسعى إليه الدول الأعضاء فيما يتعلق بالواقع المؤسف للنظام الدولي الراهن وضروريات تغييره.
كما أذكر أنه من ضمن المبادىء التي يجب توافرها في الدول الراغبة في الانضمام للمجموعة، خلق عالم متعدد الأقطاب، ودعم تعددية الأطراف، والتسوية السلمية للمنازعات الدولية، والمساواة في الحقوق والواجبات، واستبعاد الهيمنة، وكذلك دعم قيام نظام مالي ونقدي عادل ومنصف يأخذ في الاعتبار مصالح جميع الدول، وهو ما يتوافق مع أجندة مصر.
أيضا يجب الإشارة إلى التصريحات التي صدرت عن المتحدث باسم الرئاسة المصرية، والتي تعكس هذا التوجه، كما تتمتع مصر بعلاقات متميزة مع روسيا والصين والهند، بما يمنحها ميزة هامة، يمكن البناء عليها ضمن الأجندة الثنائية.
كما أن زيادة المبادلات التجارية بالعملات المحلية تأتي في مقدمة الأجندة الثنائية لمصر وروسيا، وأجريت بشأنها العديد من المشاورات واللقاءات بين الجانبين.
بالإضافة لكل ما سبق، فإن دول بريكس خلال قمة فورتاليزا التي عقدت بالبرازيل عام 2014 أسست بنك تنمية سمي "بنك التنمية الجديد "(إن دي بي)، إضافة إلى تأسيس مؤسسة "صندوق الاحتياطي النقدي" (سي آر إيه)، والتي تهدف إلى توفير الحماية ضد ضغوط السيولة العالمية وهذا يشمل قضايا العملة حيث تتأثر العملات الوطنية للدول الأعضاء سلبًا بالضغوط المالية العالمية.
بالتأكيد هناك فرص كبيرة للاستفادة من الآليات التي تتيحها المجموعة، وكذلك من خلال الشراكات الثنائية، واتفاقيات التجارة الحرة الموقعة مع بعض الدول.
في ظل ما تشهده المنطقة على صعيد غزة ولبنان وما يمثله من تحديات...كيف يمكن قراءة مشاركة 36 دولة بالقمة وانعكاس ذلك على القضايا الراهنة؟
مشاركة هذا العدد في القمة ورغبتها في الانضمام للتجمع، يعكس حالة من الاستياء الشديد وعدم الرضاء عن النظام الدولي الحالي، خاصة في ظل سعي عدد محدود من الدول رسم وتسيير العالم وفق مصالحه الخاصة، كما نرى في أوروبا والأزمة الأوكرانية، وكذلك ما يحدث في الشرق الأوسط.
كما يتضح بصورة جلية أن دولتين لا يحترمان الأسس والقواعد والقوانين الدولية، التي وضعت بمشاركتهما، وهو ما يفسره مشاركة هذا العدد من الدول في قمة "بريكس"، إذ تبرهن هذه المشاركة على الرغبة الكبيرة في العدالة والمساواة والندية، واحترام الشؤون الداخلية للدول والنماذج الوطنية لكل دولة.
من الطبيعي أن هذا التجمع يثير القلق لدى الغرب، وهو ما نراه في تصريح بعض قاداتهم، ما يعني أن هناك رغبة قوية مدعومة من دول الجنوب العالمي، لإقرار خطوات هامة تعيد التوازن، إزاء الخلل الواضح واستعمال القوة في العلاقات الدولية.
هناك تجربة آنية تتمثل في خروج الغرب وخاصة فرنسا من دول الغرب الأفريقي... إلى أي مدى يمكن تكرار ذلك مع واشنطن في الشرق الأوسط؟
بالفعل هذا ممكن، وهناك بدايات واضحة، كما لا يخفى على أي مراقب للتطورات، أن السياسة الخارجية الأمريكية على مدار العقود الثلاثة الماضية، هي عنوان للفشل بكل المقاييس، حيث سعت منذ البداية وحتى الآن لتصبح إيران محور سياستها الخارجية، وحشد دول الإقليم للدخول في تحالف إقليمي يستوعب إسرائيل، والتغاضي عن حق الفلسطينيين في دولتهم وفقا لمقررات الشرعية الدولية.
في التقييم الآني للسياسة الأمريكية يمكن القول أنها لم تحقق أي شيء، إذ فشلت في العراق، وفي ليبيا،كما سبق ذلك في أفغانستان، كما يفشلون الآن في الملف الفلسطيني دون إحراز أي تقدم.
بكل تأكيد ما يحدثق هو مسلسل هزلي، وأصبح الجميع يعلم انعدام نفوذ الولايات المتحدة الأمريكية على أقرب حلفائها، واتضح ذلك عبر فشلها في إدخال المساعدات، بينما تتفانى لخدمة أهداف إسرائيل، التي لا يمكن أن تتطابق مع أهداف الشعب الأمريكي، ما يعني تراجع نفوذها على كافة المستويات.
ما الذي يمكن أن تضيفه مصر خلال عضويتها لمجموعة "بريكس"؟
من المؤكد أن انضمام أي دولة لأي تجمع دولي أو منظمة، يهدف للاستفادة والإفادة، فمن حيث المنظور الاقتصادي، يمكن للدول الأعضاء في البريكس الاستفادة من موارد مصر وموقعها ودورها في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.
في المقابل مصر لديها صعوبات اقتصادية وتجارية وتنموية، وبالتالي يمكن لمصر الاستفادة من الشراكة الثنائية مع الدول الأعضاء على مبدأ "المنافع المتبادلة".
هل ترى أن ما يحدث في المنطقة يأتي في إطار سعي الغرب لعرقلة "بريكس" وما يمكن أن تحدثه على كافة المستويات؟
محاولات الإعاقة بدأت منذ إعلان الرئيس بوتين عن مبادرة إنشاء "بريكس"، حين دعا مجموعة الدول، البرازيل والصين والهند، وانضمام جنوب أفريقيا لاحقا.
بالطبع لم يخف الغرب تخوفاته من التجمع، والذي يتزايد في الوقت الراهن، خاصة مع تزايد رغبة العديد من الدول بالانضمام للمجموعة، حيث يرى أن ذلك يمثل مخاطر على مصالح ورغبة القوى الغربية في الهيمنة على مقدرات العالم، وتمسكها بتسيير العالم وفق ما يخدم مصالحها الخاصة.
برأيك ما هي أبرز القضايا التي تتبناها مصر بعد انضمامها إلى مجموعة "بريكس" ومساهمتها في الاستقرار ووقف إطلاق النار في المنطقة؟
بداية يجب علينا أن نقدر مبادرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لدعوته الرئيس الفلسطيني محمود عباس لحضور القمة، وهي مبادرة تعكس سلامة السياسية الخارجية الروسية، والتي لا تعرف المراوغة أو الخداع أو النفاق.
كما نعلم أن روسيا والصين والبرازيل لديهم مواقف إيجابية هامة تجاه الملف الفلسطيني والملفات الأخرى في المنطقة، باستثناء موقف الهند تجاه فلسطين، وهو ما يشجع الرئيس السيسي لعرض الأوضاع كما تراها مصر في الإقليم، وتضع الأمور في نصابها، وتؤكد على الأمر لم يعد مقبولا أن تقع دولة تدعي أنها "عظمى" رهينة لحكومة عنصرية مجرمة، أدانها القضاء الدولي، دون أي بادرة على ما تدعيه بشأن الأدبيات الدولية.
كما يعد هذا التجمع هو الأنسب لطرح القضية الفلسطينية العادلة، خاصة أن الغالبية العظمى من دول الجنوب العالمي، لو كان الأمر بيدها ستصبح غدا ضمن أعضاء "بريكس"، وهو ما يؤكد عدم الرضاء عن النظام الدولي الحالي، لكن مسألة توسيع العضوية تحكمها قواعد وآليات.
أجرى الحوار: محمد حميدة