إحدى المشاكل الصحية التي ألحقها "كوفيد" بسكان العالم، وأكثرها إرباكًا هي زيادة عدد الأطفال الذين يعانون بما يُعرف بـ"البلوغ المبكر" لسبب مجهول، وهي بداية مبكرة بشكل غير طبيعي للبلوغ.
رصدت أكثر من دراسة ارتفاعًا في أعداد هذه الحالة النادرة، مما يسلط الضوء على وجود صلة محتملة بين الفيروس ومحفز للمراهقة المبكرة.
وأشارت دراسة أجراها باحثون من جامعة غازي ومستشفى مدينة أنقرة في تركيا إلى أنه قد لا يكون له أي علاقة بالعدوى على الإطلاق. لكن أبحاث أخرى أشارت إلى أن الوقت الذي يقضيه الأشخاص أثناء الحجر على الأجهزة الذكية ولساعات متواصلة، ربما يكون هو السبب.
في دراستين منفصلتين، في عام 2023، عرّض الباحثون فئرانًا ذكورًا وإناثًا غير ناضجة للضوء المنبعث من شاشات (LED)، ووجدوا أن تلك التي تعرضت للضوء الأزرق لفترات أطول أظهرت علامات النضج في وقت أقرب من البقية.
تقول عالمة الغدد الصماء في جامعة، غازي والمؤلفة الرئيسية، أيلين كيلينك أوغورلو، في دراسة أجرتها على الفئران الإناث: "لقد وجدنا أن التعرض للضوء الأزرق، الكافي لتغيير مستويات الميلاتونين، قادر أيضًا على تغيير مستويات الهرمونات التناسلية والتسبب في بداية مبكرة للبلوغ في نموذج الفئران لدينا. بالإضافة إلى ذلك، كلما طالت مدة التعرض، كلما كانت البداية مبكرة".
على الرغم من أن النتائج لم تتمكن من تحديد سبب تعرض المزيد من الأطفال في جميع أنحاء العالم للبلوغ المبكر بشكل قاطع، إلا أنه اكتشاف يجب أن يؤخذ على محمل الجد مع اعتمادنا بشكل متزايد على التكنولوجيا الرقمية الشخصية.
إحصائيًا، يبدأ معظمنا في مرحلة البلوغ بحلول سن 12 عامًا، وعادة من 9 إلى 14 عامًا لدى الأولاد، و8 إلى 13 عامًا لدى الفتيات.
لذا عندما قفز عدد الفتيات اللائي أبلغن عن شكل مجهول السبب من البلوغ المبكر في تركيا، من 25 في أبريل/ نيسان 2019، إلى 58 في مارس/ آذار 2020، أصيب الباحثون بالحيرة.
وكان أحد الاحتمالات المثيرة للاهتمام هو الارتفاع الحاد في استخدام الأجهزة الذكية. أو بشكل أكثر دقة، زيادة كبيرة في الوقت الذي نقضيه في التعرض للضوء الأزرق المنبعث من هواتفنا وأجهزتنا اللوحية كل يوم.
قد تكون هذه العلاقة متأصلة بعمق في وظائفنا، وأي خلل خطير في هذا النمط قد يعبث بصحتنا بطرق عميقة، على الأرجح من خلال تعطيل تدفق هرمون يسمى "الميلاتونين".
في حين يُنظر إليه عمومًا على أنه المادة الكيميائية التي تساعدنا على النوم في المساء، فإن تثبيط "الميلاتونين" في وقت حاسم في نمونا قد يخبر الجسم أيضًا أنه الوقت المناسب لزيادة الهرمونات التي تحضر الجسم للبلوغ.
ووفقا للدراسة المنشورة في مجلة "ساينس أليرت" العلمية، فإنه نظرًا لأن هذه دراسة أجريت على الفئران، فلا يمكننا التأكد من تكرار هذه النتائج لدى الأطفال، ولكن هذه البيانات تشير إلى أن التعرض للضوء الأزرق يمكن اعتباره عامل خطر لبداية البلوغ في وقت مبكر.