وتربط العديد من الثقافات التوائم بالصحة والحيوية، بينما يراهم آخرون تذكيرا فلسفيا بثنائية الحياة والموت والخير والشر، إذ يُنسب إلى بعض التوائم المشهورين "ولادة الأمم"، ويُوصف آخرون بـ"الآلهة".
وتشير الأبحاث الأخيرة إلى أن التوائم كانت في الواقع هي القاعدة، في وقت سابق، وليس حدثًا غير عادي يستحق الملاحظة.
قام العلماء بدراسة عدد الأطفال الذين يولدون من كل حمل، على مدار السنوات العديدة الماضية، وذلك لدراسة تطور الثدييات وتاريخ الحياة الإنجابية، واستخدموا قواعد البيانات العامة، للحصول على معلومات حول عدد النسل الذي يولد عادةً لكل نوع من الثدييات.
وبعد جمع كل هذه النقاط من البيانات لما يقرب من ألف نوع من الثدييات، أجرى العلماء سلسلة من الاختبارات الإحصائية لمعرفة احتمالية ولادة طفل واحد أو توأم لكل نوع، وفي نقطة زمنية معينة.
وبحسب الدراسة، تميل الغزلان إلى إنجاب شادن (صغير الغزال) واحد أو اثنين، في حين تميل الكلاب والقطط إلى إنجاب المزيد من الجراء في كل نسل.
سابقا، اعتقد الباحثون أن الثدييات التي تحمل توأمًا يجب أن تكون، وفق ما يسميه علماء الأحياء، "التطورية المشتقة أو المختلفة"، عن السمة الأجدادية الأكثر شيوعًا، إذ تلد جميع أنواع الثدييات تقريبًا طفلًا واحدًا فقط، على الرغم من وجود استثناءات.
لكن البحث الجديد قلب هذه الرواية رأسًا على عقب. في الواقع الثدييات التي تحمل طفلًا واحدًا هي مشتقة ومميزة. في وقت سابق من التطور، كان إنجاب طفلين في وقت واحد هو القاعدة، حيث أنجبت أسلافنا القديمة توائم بشكل متكرر.
وبناءً على النمذجة الرياضية، حدث التحول لدى الأطفال المفردين في وقت مبكر، منذ 50 مليون سنة على الأقل. ومن هناك، تطورت العديد من سلالات الثدييات، بما في ذلك سلالتنا.
كما يظهر البحث الجديد أن التحول من إنجاب التوائم إلى إنجاب الأطفال المفردين حدث عدة مرات في سلالة الثدييات، وهي إشارة واضحة إلى أنه كان من المفيد للثدييات تطوير جنين واحد فقط لكل حمل.
ولأن الحمل المتعدد الأجنة يتطلب المزيد من الطاقة من الأم، ولأن الأطفال يولدون أصغر حجمًا، وغالبًا في وقت مبكر، فقد كان أسلاف الثدييات الأوائل الذين أنجبوا ذرية كبيرة واحدة فقط يتمتعون بميزة البقاء على قيد الحياة.
لا تعني النتائج أن إنجاب التوائم اليوم يشكل عيبًا، لكن إنجاب التوائم اليوم يمثل تجربة مختلفة تمامًا عن تجربة أسلافنا.
وأشارت الدراسة إلى أن معدلات إنجاب التوائم تضاعفت تقريبًا في السنوات الأخيرة، فقد شهدت الولايات المتحدة الأمريكية على مدى السنوات الخمسين الماضية تطورات كبيرة في تقنيات الإنجاب المساعد. واليوم، يمثل التوائم حوالي 3% من المواليد الأحياء، على الرغم من أن الاتجاهات الأخيرة التي تشير إلى انخفاض في المعدلات.
والحقيقة أن النساء في الولايات المتحدة ينجبن أطفالاً بشكل روتيني في الثلاثينيات من العمر، ما يزيد من هذا الوضع، حيث أن النساء في المراحل المتأخرة من الخصوبة، أكثر عرضة لإنجاب التوائم.
وبحسب الدراسة المنشورة في مجلة "ساينس أليرت" العلمية، فإن إنجاب التوائم قد يكون خطيراً على الأم والطفل على حد سواء. فأكثر من نصف التوائم في الولايات المتحدة يولدون قبل الأوان ويقضي الكثير منهم وقتاً في وحدة العناية المركزة لحديثي الولادة.