باحث اقتصادي: التعريفات الجمركية بمثابة "حرب عالمية تجارية" وتداعياتها كارثية

أعلنت الصين، اليوم الجمعة، عن سلسلة من الرسوم الجمركية والقيود الإضافية على السلع الأمريكية ردا على الرسوم الجمركية الشاملة التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الثاني من أبريل الجاري.
Sputnik
وقالت وزارة المال الصينية إنها ستفرض رسوما جمركية إضافية بنسبة 34% على جميع السلع الأمريكية ابتداءً من 10 أبريل/نيسان.
الصين ترد على الرسوم الجمركية الأمريكية: 34% على كل ما يأتي من الولايات المتحدة
ويترقب العالم تداعيات الإجراءات الأمريكية والأخرى المضادة، على الاقتصاد العالمي في ظل مخاوف باشتعال حرب اقتصادية تؤثر بدرجة كبيرة على الأوضاع العالمية.
قال الدكتور أيمن عمر، الأكاديمي والباحث في الشؤون الاقتصادية والسياسية، إنه لم يحدث في تاريخ الصراعات بين الدول أن قامت إحدى الدولى العظمى بفرض هكذا نوع من أنواع الرسوم الجمركية على هذا العدد الكبير من الدول.
وأضاف في حديثه مع "سبوتنيك"، أن الإجراءات التي اتخذها ترامب، تعد الحرب العالمية التجارية الأولى، مع تحول في أدوات الحرب من الأسلحة العسكرية والنووية إلى الأسلحة الاقتصادية وفي مقدمها الرسوم الجمركية على الواردات، حيث بدأ ترامب هذا النوع من الحروب خلال ولايته الأولى، ولكنها اقتصرت فقط على بعض الخصوم والأعداء السياسيين منهم الصين وإيران وكوريا الشمالية.
وفق عمر، يهدف ترامب من وراء ذلك تصحيح الخلل في الميزان التجاري الأمريكي الذي يعاني من عجز مع العديد من الدول وعلى رأسها الصين، خاصة أن الولايات المتحدة تأتي في المرتبة الثانية عالميا في حجم التجارة الخارجية بعد الصين بقيمة تقترب من 7 تريليون دولار، مع صادرات بقيمة 3.05 تريليون (الثالثة عالميا) وواردات بقيمة 3.83 تريليون دولار(الأولى عالميا). وتعتبر المكسيك المصدر الأول للولايات المتحدة تليها الصين ثم كندا.
يوضح عمر أن العجز التجاري بلغ في عام 2024 بين الولايات المتحدة والصين 295.4 مليار دولار لصالح الصين، بعد أن بلغت الفجوة التجارية بينهما 418 مليار دولار في عام 2018، ولكن الرسوم الجمركية منذ ولاية ترامب الأولى وحتى ولاية بايدن جعلت هذه الفجوة تتقلص إلى هذا الحد، وهذا ما دفع ترامب لفرض هذه الرسوم الجمركية الحالية.
وزير الخزانة الأمريكي: روسيا وبيلاروسيا ليستا على قائمة الدول التي ستتأثر بالرسوم الجمركية
وتابع عمر: "إن كان لهذه الرسوم تداعيات إيجابية على المالية العامة الأمريكية كما يتوهم ترامب لناحية تأمين موارد مالية لخزينة الدولة والمساهمة في تقليص الدين العام الأمريكي الذي وصل إلى السقف المسموح به، وعلى الاقتصاد الأمريكي لناحية تخفيض الاستيراد والعجز في الميزان التجاري الأمريكي وتخفيض تدفق الدولار إلى خارج الولايات الولايات المتحدة، بالإضافة إلى تشجيع الصناعات الأمريكية الوطنية وتحفيز الناتج المحلي".
ويرى عمر أن الرسوم الجديدة لها تداعيات سلبية كثيرة، إذ تسهم في رفع أسعار السلع المستوردة وتاليا في ازدياد معدل التضخم، فترهق المواطنين الأمريكيين وتؤثر على مستوى معيشتهم وخاصة في السلع الرئيسية التي تستوردها وهي "السيارات والأدوية والأجهزة الكهربائية والإلكترونية واللحوم والنفط الخام والجوالات والحواسيب والرقائق الالكترونية التي تدخل في صناعة السيارات والطائرات والأسلحة وغيرها".
ويرى أنه من أخطر تداعياتها إشعال حرب تجارية عالمية وفق قاعدة المعاملة بالمثل، إذ شملت هذه الرسوم دولا عدة بنسب متفاوتة أدناها 10% وأقصاها 50%، وهذا ما يؤدي إلى اختلالات في تدفق البضائع والسلع وكلفة النقل والشحن والتأمين وتأثر سلاسل التوريد وإمدادات المواد الأولية، مما يجعل الاقتصاد العالمي عرضة للاهتزازات واللا استقرار ومهيأ أكثر وأكثر للأزمات.
ولفت إلى أن الإجراء انعكس ذلك مباشرة على أسواق البورصة العالمية عقب قرار ترامب إذ تراجعت مؤشرات الأسهم العالمية في تعاملات الخميس مع لجوء المستثمرين إلى الملاذات الآمنة.
رئيس منظمة التجارة العالمية يحذر من خطر "اندلاع حرب" الرسوم الجمركية
كما انخفض مؤشر نيكي الياباني إلى أدنى مستوى في 8 أشهر، وتراجع مؤشر هانغ سينغ لهونغ كونغ 1.52%، ومؤشر شنغهاي الصيني 0.24%، ومؤشر سنسيكس الهندي 0.42%، ومؤشر سنغافورة 0.30%.
وتراجعت الأسهم الأوروبية خلال تعاملات اليوم إلى أدنى مستوى في شهرين. وتراجع الدولار أمام اليورو بنسبة 1%. وكل ذلك يؤشر إلى حالة الخوف واللااستقرار من تداعيات هذه الرسوم مستقبلا.
وكشف ترامب، مساء الأربعاء، عن رسوم جمركية إضافية بنسبة 34% على جميع واردات السلع الصينية إلى الولايات المتحدة، وفي المقابل أعلنت الصين أنها أضافت أيضًا 11 شركة أمريكية إلى "قائمة الكيانات غير الموثوقة"، بما في ذلك شركات تصنيع الطائرات بدون طيار، وفرضت ضوابط تصدير على 16 شركة أمريكية لمنع تصدير المواد الصينية ذات الاستخدام المزدوج.
وأعلنت وزارة التجارة عن فتح تحقيقات لمكافحة الإغراق في أنابيب الأشعة السينية الطبية المقطعية المستوردة من الولايات المتحدة والهند، بالإضافة إلى ذلك، فرضت بكين ضوابط على تصدير 7 أنواع من المعادن الأرضية النادرة إلى الولايات المتحدة، بما في ذلك الساماريوم والغادولينيوم والتيربيوم.
مناقشة