ورغم ما يشكّله من فرصة استراتيجية لنهضة اقتصادية شاملة، لعقود ظل هذا الملف خارج دائرة الفعل الحكومي في العراق، بينما تتعاظم الخسائر وتهدر الإمكانيات وسط صمت رسمي وإجراءات خجولة لا توازي حجم الثروة المدفونة.
ويحتل العراق المرتبة الثانية عالمياً من حيث احتياطي الفوسفات، إذ تقدّر كميات الفوسفات في صحرائه الغربية بأكثر من 10 مليارات طن، ما يشكل نحو 9% من إجمالي الاحتياطي العالمي، وتتركز أهم المناجم في منطقة عكاشات، الواقعة قرب مدينة القائم في أقصى غرب البلاد، وفقاً لتقديرات دولية.
ويقول عضو مجلس النواب العراقي، محمد عنوز، في حديث لوكالة "سوتنيك": "العراق لا يقتصر على كونه بلداً غنياً بالنفط، بل يمتلك ثروات طبيعية ضخمة أخرى مثل الفوسفات، إلى جانب طاقات بشرية وعلمية كبيرة قادرة على إحداث نقلة نوعية في مسار التنمية إذا ما تم استثمارها بالشكل الصحيح".
وتابع: "الخلل يكمن في غياب الإدارة العادلة والمنصفة، خصوصاً في توزيع الموارد وتوظيف الكفاءات الوطنية المؤهلة، حيث يتم إهدار الطاقات دون تخطيط حقيقي"، مؤكداً أن "الوقت
والموارد البشرية لا يقلّان أهمية عن المال العام، ويجب حمايتهما من الهدر".ويدعو عنوز إلى "إعادة النظر في منظومة الإدارة العامة وتوفير مستلزمات فاعلة للنهوض بقطاعات الدولة"، مشيراً إلى أن "الاستمرار في هذا النهج سيؤدي إلى ضياع المزيد من الفرص التي يستحقها الشعب العراقي".
ويأتي هذا التوجه بعد أن تلقت الحكومة العراقية، في العام الماضي، عروضاً من خمس شركات، لكنها اعتبرتها غير مرضية ومنخفضة بشكل كبير مقارنة بحجم المشروع وأهميته الاقتصادية.
في حين، يقول عضو مجلس النواب العراقي، صالح الخزعلي، خلال حديثه لـ "سبوتنيك": "البرلمان، من خلال لجانه المختصة، يتابع ملف استثمار الموارد الطبيعية غير النفطية"، مشيراً إلى "توجيه وزارة الصناعة بضرورة التحرك الجاد في هذا الاتجاه، خصوصاً فيما يتعلق بالثروات الموجودة في المناطق الصحراوية والمهملة منذ سنوات".
وأكد أن "العراق لا يملك فقط النفط، بل يمتلك ثروات طبيعية كبيرة كالفوسفات والغاز المصاحب، ويمكن من خلال استثمارها بشكل علمي ومنهجي تحقيق إيرادات مالية ضخمة ترفد الموازنة
وتقلل من الاعتماد على تصدير النفط الخام فقط".وأوضح أن "العمل لا يجب أن يقتصر على بيع النفط، بل يجب أن يمتد إلى قطاع المشتقات النفطية، بما يسهم في تعظيم موارد الدولة ويخلق فرصاً صناعية متقدمة، إلى جانب الاهتمام الجاد بملف السياحة والآثار الذي يمكن أن يشكّل مصدر دخل ثابت ومستدام".
وأشار إلى "وجود هدر واضح في الإمكانات المالية والموارد الطبيعية بسبب ضعف السياسات الاستثمارية"، لافتاً إلى أن "الإجراءات
الحالية لا تزال خجولة ولا ترقى إلى مستوى الطموح".وتكشف أبرز خمسة مناجم في العراق عن ثروات معدنية ضخمة لا تزال غير مستغلة بسبب عقود من التحديات الأمنية.
ووفقاً لتقرير نشرته منصة "الطاقة"، فإن من بين هذه المعادن الكبريت، الفوسفات، الملح الصخري، والحديد والمنغنيز والزنك والرصاص. ورغم هيمنة النفط على الاقتصاد، بدأ العراق مؤخراً بالاهتمام بقطاع التعدين، في محاولة لجذب استثمارات دولية وتنويع مصادر الدخل.
إلى ذلك، يعرب عضو مجلس النواب العراقي، علاء الحيدري، عن أسفه لاستمرار تجاهل الثروات الطبيعية التي تزخر بها الأراضي العراقية، مثل الفوسفات والكبريت، مؤكداً أن الاعتماد على النفط كمصدر وحيد لتعظيم الإيرادات يمثل تهديداً حقيقياً لاستقرار الاقتصاد الوطني.
وأوضح أن "مجلس النواب قد طالب مراراً بضرورة الإسراع في استثمار هذه الثروات لدعم
الاقتصاد العراقي، خصوصاً في ظل التقلبات العالمية في أسعار النفط"، مبيناً أن "غياب التنوع الاقتصادي يبقي البلاد تحت رحمة الأسواق الخارجية".
وتابع: "إهمال الفوسفات والكبريت وغيرها من الموارد لا يفقد العراق فقط فرصة تعظيم إيراداته، بل يهدد مستقبل أجياله القادمة"، داعياً الحكومة إلى "اتخاذ خطوات جادة لتنفيذ ما تم التعهد به ضمن البرنامج الوزاري".
أما منجم السماوة في المثنى، فيصنّف من أبرز مواقع استخراج الملح الصخري في العراق، ويتميز بجودة عالية تصلح للصناعات الغذائية والكيميائية.
وفي السليمانية، تبرز مناطق قرة داغ وبيرسبي كمواقع واعدة لرواسب الحديد، حيث تحتوي الصخور الرسوبية على خامات الهيماتيت
والماغنيتيت بنسب تركيز تتراوح بين 30 و45%.