صناعات ذات صيت عالمي
عزوز كاهية، حرفي ستيني يعمل في صناعة الشاشية من قلب المدينة العتيقة في تونس، يروي لـ"سبوتنيك"، عن حكايته مع هذه الحرفة: "منذ كنت طفلا صغيرا، كنت أرافق والدي إلى دكانه الضيق المكدس بالصوف والأقمشة الحمراء الداكنة. كنت أراقب يديه وهما تحيكان الشاشية بدقة وصبر، وأسمع صوت المطرقة الصغيرة وهي تهوي على القالب الخشبي لتمنحها شكلها النهائي".
بشيء من الاعتزاز، يتابع كاهية: "هذه الحرفة ليست مجرد مهنة نقتات منها، بل هي هوية كاملة، أنا ورثتها عن أبي، وأبي ورثها عن جدي، واليوم أجد نفسي واحدًا من القلة، الذين ما زالوا يحافظون على أسرارها القديمة".
الشاشية التونسية تكتسح الأسواق
وعن سر اهتمام الأوروبيين بالصناعات التقليدية التونسية، أكد كاهية أن "الأمر لا يعود فقط إلى جمالية المنتج، بل لما يحمله من رمزية وقيمة تاريخية"، وأضاف: "حين يقتني الأوروبي شاشية تونسية، فهو لا يشتري قبعة عادية، بل يشتري قطعة من ذاكرة بلد، وحكاية حضارات تعاقبت على هذه الأرض. الأوروبيون يعشقون ما هو أصيل، ويقدّرون ما صنع باليد أكثر مما هو آتٍ من المصانع والآلات".
الصناعات التقليدية تزين معارض كبرى عدة
كما يوضح أن "التسويق الإلكتروني بات اليوم منفذًا حيويا للوصول إلى الأسواق الأوروبية، إذ بات بإمكان الحرفيين عرض منتجاتهم عبر المنصات الرقمية والتواصل مباشرة مع الحرفيين".
حرف تحمل هوية متجذرة
قطاع استراتيجي وداعم للتصدير
وفي حديث لـ"سبوتنيك"، قال الكاتب العام المساعد للجامعة العامة للسياحة والصناعات التقليدية محمد بركاتي: "قطاع الصناعات التقليدية في تونس، ليس مجرد نشاط اقتصادي ثانوي، بل هو قطاع استراتيجي وحيوي وعريق، يحمل في طياته موروثًا تاريخيًا ومخزونًا تراثيًا تراكم عبر مئات السنين، وهو يجسد الهوية التونسية في أبهى صورها".
واعتبر بركاتي أن "هذا التنوع هو أحد أهم عناصر القوة التي تمنح تونس فرصًا واسعة لتوسيع صادراتها"، مضيفًا: "حين يمتلك بلد مثل تونس هذا التنوع الكبير في المنتجات، فإنه يستطيع دخول أسواق متعددة وتلبية أذواق متنوعة".
أسواق تقليدية
وفيما يتعلق بالأسواق الموّردة للصناعات التقليدية التونسية، أوضح الكاتب العام المساعد للجامعة العامة للسياحة والصناعات التقليدية، أن تونس "لا تزال تتوجه بقوة الى أسواقها التقليدية في إشارة الى دول الاتحاد الأوروبي، على غرار فرنسا وإسبانيا وإيطاليا وبلجيكيا واليونان وألمانيا".
توجه نحو السوق الأفريقية
عراقيل تواجه القطاع
وقال الخبير في السياحة لطفي الكبير، لـ"سبوتنيك": "الصناعات التقليدية تمثل انعكاسا حقيقيا لنمط عيش التونسي الأصيل، وتحمل في طياتها بصمات الحضارات التي تعاقبت على البلاد، وهو ما يمنحها طابعا فريدا يجعل من اقتناء منتج تقليدي تونسي كالزربية أو الشاشية أو غيرهما، اقتناء لهوية ثقافية كاملة لا مجرد سلعة".
ودعا الكبير إلى "تحرك الجهات الرسمية المعنية بشكل جدي، فالمطلوب اليوم هو دعم الترويج للصناعات التقليدية، لأن الترويج حاليا مقتصر على مشاركة الحرفيين في المعارض الموسمية، وهذا أمر غير كاف"، مؤكدًا أهمية "تطوير آليات التسويق الحديثة وتفعيل المنصات الرقمية، إلى جانب معالجة الإشكاليات المتعلقة بضعف التمويل والمنافسة الخارجية غير العادلة".