الحكومة اليمنية تلجأ للطاقة الشمسية كحل استراتيجي لتوفير التيار الكهربائي دون انقطاع

دفعت الأزمة المتفاقمة في قطاع الكهرباء بالعاصمة اليمنية المؤقتة عدن، وجميع المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، المسؤولين نحو اعتماد الطاقة الشمسية كحل مستدام لتوفير الكهرباء بشكل مستمر، وذلك بدعم من الإمارات العربية المتحدة، في إطار تعزيز استخدام الطاقة المتجددة وتقليل الاعتماد على الوقود في توليد الكهرباء.
Sputnik
القاهرة - سبوتنيك. ويعود التحوّل إلى الطاقة الشمسية بعد أن توقفت صادرات النفط، التي كانت تشكل المصدر الأساسي للإيرادات الحكومية، بسبب الهجمات التي شنتها جماعة "أنصار الله" على موانئ التصدير في أكتوبر/ تشرين الأول 2022، الأمر الذي دفع الحكومة إلى البحث عن حلول بديلة لتوفير الكهرباء وسط أزمة مالية حادة، تأثرت بها الخدمات الأساسية، وعلى رأسها الكهرباء.

ولاقت هذه المبادرة دعما من التحالف العربي، حيث قامت دولة الإمارات العربية المتحدة، العضو الفاعل في التحالف، بتمويل 4 محطات للطاقة الشمسية في مناطق يمنية عدة، توزعت بين العاصمة عدن، ومحافظة شبوة في الجنوب الشرقي، ومحافظة تعز في الجنوب الغربي ومحافظة الحُديدة.

اليمن.. قصف جوي إسرائيلي يستهدف محطة لتوليد الكهرباء جنوب صنعاء
وأسهمت كلفة الوقود الكبيرة المستخدمة في محطات توليد الكهرباء التقليدية في تعزيز توجه الحكومة نحو الطاقة الشمسية، إذ أعلن رئيس الوزراء السابق أحمد بن مبارك، في مايو/ أيار 2024، عن إنفاق الحكومة أكثر من تريليون و10 مليارات ريال على الوقود في عام 2023.

محطات الطاقة الشمسية

بدأت الحكومة اليمنية مشاريعها مع إنشاء محطة للطاقة الشمسية في عدن، التي تم تدشينها في منتصف يوليو/ تموز 2024، بقدرة إنتاجية تصل إلى 120 ميغاوات، مع إمكانية زيادتها إلى 600 ميغاواط في المستقبل. كما أفاد المتحدث باسم مؤسسة الكهرباء في عدن، نوار أبكر، أن "المشروع استغرق حوالي مليون و300 ألف ساعة عمل بمشاركة أكثر من 2000 عامل وفني، وقد تم تركيب أكثر من 211 ألف لوح شمسي".

وفي المرحلة الثانية من المشروع، التي تم تدشينها بدعم من أبوظبي في الأسبوع الماضي، تم إضافة 120 ميغاواط جديدة ليصل إجمالي القدرة الإنتاجية إلى 240 ميغاوات. ومن المتوقع أن تغطي المرحلة الثانية احتياجات حوالي 687 ألف منزل سنويا، بالإضافة إلى تقليل نحو 142 ألف طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون سنويا.
اليمن والإمارات يوقعان اتفاقية لإنشاء محطة طاقة شمسية في عدن بقدرة 120 ميغاوات
أما محطة الطاقة الشمسية الثانية في اليمن، تم إنشاؤها في محافظة شبوة، التي دُشنت بقدرة 53 ميغاواط، وتضم المحطة أكثر من 86 ألف لوح شمسي، وتستطيع توسيع قدرتها إلى 120 ميغاواط في المستقبل.

وتعتبر محطة "المخا" في محافظة تعز، من المشاريع المتميزة، حيث تم تدشين المرحلة الأولى بقدرة 20 ميغاواط في 2023، على مساحة 250 ألف متر مربع. بينما تجري حاليا المرحلة الثانية التي من المتوقع أن تضاعف الطاقة الإنتاجية إلى 40 ميغاواط لتخدم نحو 200 ألف شخص.

كما تم تدشين محطة "الخوخة" في محافظة الحديدة في عام 2023، بقدرة 20 ميغاواط، وتُشغل أكثر من 32 ألف لوح شمسي على مساحة 403 آلاف متر مربع، مع خطة لرفع قدرتها إلى 40 ميغاواط في المستقبل.
هل تحقق الإصلاحات الاقتصادية للمركزي اليمني تحسنا في الأوضاع المعيشية وتهدئة الشارع؟
ومن المتوقع أن تسهم محطات الطاقة الشمسية في تحسين مستوى المعيشة لليمنيين بشكل مباشر، من خلال توفير الكهرباء بشكل مستمر للمنازل، الأمر الذي يساعد السكان على إنجاز أعمالهم اليومية بكفاءة أعلى.
كما تلعب هذه المحطات دورا حيويا في دعم المستشفيات والمراكز الصحية بالكهرباء المستقرة، ما يعزز جودة الخدمات الطبية المقدمة، ويضمن استمرارية الرعاية الصحية الأساسية.
وتسهم هذه المشاريع في تمكين المدارس والمؤسسات التعليمية من العمل دون انقطاع، ما ينعكس إيجابا على جودة التعليم ومستقبل الطلاب. ووفقا للقائمين على هذه المبادرات، فإن محطات الطاقة الشمسية التي تم إنشاؤها بتمويل إماراتي في اليمن، لا تعد مجرد مصدر للكهرباء النظيفة، بل تمثل نموذجا فعالا للتنمية المستدامة والاهتمام بالجانب الإنساني.
قيادي بالانتقالي الجنوبي لـ"سبوتنيك": عدن تعيش وضعا كارثيا.. غياب كامل للخدمات الرئيسية والكهرباء
وفي هذا السياق، اعتبر المتحدث باسم المجلس الانتقالي الجنوبي أنور التميمي، عبر منصة "إكس"، أن "بناء محطات تعمل بالطاقة الشمسية يمثل مشاريع استراتيجية بكل ما تحمله الكلمة من معنى"، مؤكدا أن "الدعم الإماراتي يتجاوز حدود الإغاثة الطارئة إلى بناء بنية تحتية اقتصادية وخدمية مستدامة، تدفع بعجلة التنمية في المناطق المستفيدة".
وأضاف التميمي: "إجمالي الطاقة الإنتاجية لمحطات الطاقة الشمسية في عدن وشبوة يبلغ نحو 300 ميغاواط، قابلة للزيادة، بالإضافة إلى مشروع سد حسان في محافظة أبين، الجاري تنفيذه أيضا بتمويل إماراتي سخي، ما يجعلنا أمام مشاريع تنموية كبرى لم يشهد الجنوب مثيلا لها منذ عقود".
ويأتي هذا في ظل تهدئة هشة يشهدها اليمن منذ إعلان الأمم المتحدة، في 2 أكتوبر/تشرين الاول عام 2022، عن عدم التوصل إلى اتفاق بين الحكومة اليمنية وجماعة "أنصار الله" لتمديد وتوسيع الهدنة التي استمرت ستة أشهر.
مع التدهور المستمر في كافة الخدمات الأساسية..من ينقذ اليمن من كارثة اقتصادية وإنسانية قادمة؟
ويُعاني اليمن من صراع مستمر للعام العاشر على التوالي بين الحكومة المعترف بها دوليا وجماعة "أنصار الله"، وقد خلف هذا النزاع واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، بحسب توصيف الأمم المتحدة.
ومنذ سيطرة "أنصار الله" على معظم المحافظات في شمال ووسط اليمن، بما فيها العاصمة صنعاء في سبتمبر/أيلول 2014، أطلق التحالف العربي بقيادة السعودية في مارس/اَذار 2015 عمليات عسكرية لدعم الحكومة اليمنية في استعادة تلك المناطق. وقد أودت الحرب، حتى نهاية عام 2021، بحياة نحو 377 ألف شخص، وألحقت بالاقتصاد اليمني خسائر تقدّر بـ126 مليار دولار، فيما أصبح 80% من السكان – البالغ عددهم نحو 35 مليون نسمة – بحاجة إلى مساعدات إنسانية، وفق تقارير الأمم المتحدة.
مناقشة