وأوضحت المذكرة أن التهم تشمل "القتل العمد والتعذيب المؤدي إلى الوفاة وحرمان الحرية، مع إمكانية تعميمها عبر الإنتربول ومتابعتها دوليا، استنادا إلى دعوى من ذوي الضحايا"، مؤكدًا "استمرار الإجراءات القانونية لملاحقة مرتكبي الجرائم المرتبطة بالنظام السابق"، وفقا لوكالة الأنباء السورية "سانا".
في الإطار، قالت الدكتورة بدرة قعلول، رئيسة المركز الدولي للدراسات الاستراتجية والأمنية بتونس، إن "
مذكرة التوقيف غير ملزمة لأي دولة في وضعها الراهن، حتى رغم قانونيتها داخل البلد لكنها ليس لها أي صفة دولية في صورتها الحالية، خاصة وأن الرئيس السابق يقيم خارج البلاد".
وأضافت قعلول، في حديثها مع "سبوتنيك"، أن "المحاكمات وإصدار مذكرات التوقيف جرت في عديد من الدول، التي شهدت ثورات أو انقلابات وهي عادة تستهدف الرأي العام الداخلي في كثير من الحالات، كما في الحالة السورية التي تعاني الكثير من الأزمات، ولديها أولويات خاصة بالشارع تتطلب العمل عليها".
فيما قال الدكتور عمر عبد الله امبارك، أستاذ القانون بجامعة سرت الليبية، إن "مذكرة التوقيف هذه صدرت عن قاضٍ محلي في دمشق، وهي لا تُقيّد حركة بشار الأسد، في الخارج، لأنها صادرة من سلطة قضائية محلية داخلية وليست عن المحكمة الجنائية الدولية أو بموجب اتفاقيات تسليم ثنائية أو متعددة الأطراف".
وأضاف امبارك في حديثه مع "سبوتنيك"، أن "الرئيس السوري السابق متواجد في روسيا وقد تم منحه حق اللجوء لاعتبارات إنسانية، وهو ما يضمن له الحق في التنقل، وفق وثيقة سفر تسمح له بذلك، ويبقى هذا الحق مقيدا بعدم السماح له بالسفر إلى بلده الأصلي".
وأكد أنه "لن يكون لمذكرة التوقيف أي أثر دولي مباشر، ولا يمكن لأي دولة أخرى أن تنفذها أو تعترف بها إلزاما".
وتابع: "وحتى في هذه الحالة، فإن سوريا اليوم بسبب ما تمر به من
وضع سياسي غير مستقر، وعدم وجود حكومة منتخبة، فإن علاقاتها القضائية الدولية ضعيفة ومعظم الاتفاقيات مجمدة بسبب الوضع السياسي".
ويرى أنه "لن يكون هناك تعاطٍ دولي مع ما صدر عن القضاء السوري، إذ لا يوجد إلزام قانوني على أي دولة لتنفيذ أوامر التوقيف السورية الصادرة بحق الرئيس السوري السابق بشار الأسد، خصوصًا في ظل الوضع القانوني الذي يتمتع به كلاجئ إنساني".
وفق الأكاديمي الليبي، "قد تستغل المذكرة الصادرة عن القضاء السوري كورقة سياسية من بعض الدول، التي كان لها عداء مع بشار الأسد، لكنه ليس التزامًا قانونيًا يقع على عاتق هذه الدول".
ويعتقد الدكتور عمر عبد الله امبارك، أن "الخطوة موجهة للرأي العام السوري، أكثر من الدولي، وتحمل رسالة للداخل بأن النظام القضائي يتعامل مع ملفات حساسة مرتبطة بأحداث 2011، وربما قد تكون جزءًا من صراع داخلي بين أطراف في السلطة أو محاولة لإعادة رسم صورة القضاء في سوريا".
وأضاف في حديثه مع "سبوتنيك"، أن "الرئيس الأسد على الأغلب لن يتحرك خارج روسيا نظرا لحساسية الأمر وبعض المواقف الدولية".
وبشأن شرعية القرارات الصادرة عن "سلطة غير منتخبة"، أوضح الوزان: "
الاعتراف الدولي بالحكومة الحالية يمنحها شرعية، كما ينسحب ذلك على القرارات الصادرة عنها، غير أن ما يشهده العالم من توترات وما يحدث في غزة وما يحدث من ازدواجية للمعاير يجعل مذكرة التوقيف دون فعالية، لكن الخطوة قد ترضي الداخل السوري وبعض الرأي العام فقط دون أي أثر".
فيما يقول الدكتور علي السرحاني، الخبير السياسي المغربي، أنه "رغم مراعاة الجوانب القانونية، فإن كل دولة تبقى سيدة موقفها، مع مراعاة الاتفاقيات الثنائية بين الدول، التي تستوجب إرسال أي شخص مطلوب، وهي غير موجودة في الحالة الراهنة".
وأضاف السرحاني في حديثه مع "سبوتنيك"، أن "العلاقات الدولية محكومة باعتبارات عليا ومصالح متبادلة، ما يعني أن هذه الخطوة ستظل مجرد خطوة رمزية دون أي أثر يطال الرئيس بشار الأسد، وأسرته".
في الإطار، قال الدكتور نبيل ميخائيل، أستاذ العلوم السياسية بجامعة جورج واشنطن، إن "المذكرة الصادرة يقتصر تنفيذها حتى الآن على الداخل السوري".
وأشار إلى أن "الدول الكبرى تسعى لتهدئة الأوضاع في سوريا، ولم تناقش مع الإدارة الحالية الملاحقة القضائية للرئيس السابق، بما فيها الولايات المتحدة".
يذكر أنه في الـ8 من ديسمبر/ كانون الأول 2024، غادر الرئيس السوري السابق بشار الأسد، البلاد وتنحى عن منصبه، وأعلنت المعارضة المسلحة حينها سيطرتها الكاملة على العاصمة دمشق، والحكم في البلاد.