فهي تحاكي الشبح في صمتها ورشاقتها وقدرتها على التخفي، وتستطيع، بشهادة خبراء سلاح أميركيين، التفوق بسهولة حال المقارنة بنظيرتها الغواصة "فيرجينيا" الأمريكية، والقيام بمهام غاية في الدقة والمهارة بفضل تسليحها الذي يمكنها من قصف أهداف على البر، وتحت الماء، وعلى السطح، وزرع الألغام، في مزيج فريد من المهام العسكرية جعل خبراء الغواصات الأميركيين أنفسهم يصفونها بأنها "غواصة لا مثيل لها يتعين الحذر منها".
انضمت أول غواصة من طراز "ياسن" (المشروع 885M)، والمسماة "سيفيرودفينسك"، إلى البحرية الروسية في 2013، وأعقب ذلك بناء ثلاث غواصات أخرى، لتصبح روسيا صاحبة أقوى أسطول من الغواصات النووية من مشروع 885M "ياسن" الهجومية.
الضرب المتنوع
"سيفيرودفينسك" كا- 560، تعد، وفقا لتقارير إعلامية أجنبية، أحدث غواصة نووية روسية، ويصف رئيس البرنامج الأمريكي لتطوير الغواصات الأمريكية، الأميرال ديف جونسون، غواصات "ياسن"، بأنها "غواصات لا مثيل لها، ويتعين أن يتم اتخاذ الحذر من تطويرها"، حيث إن الغواصات من هذا المشروع تنتمي إلى الجيل الرابع، وكذلك الغواصات الأمريكية "فيرجينيا".
ومن جانبه يري، الخبير العسكري، ألكسندر موزغوفوي، وفقا لقناة "زفيزدا" الروسية، أن الجانب الأمريكي يرى أن غواصات " فيرجينيا" متعددة الأغراض، لكن لدينا "ياسين" أكثر تنوعاً، حيث تمتلك "ياسن" أنظمة تسليح يمكن أن تصل إلى الأرض، والمياه السطحية، والأهداف تحت الماء، وزرع الألغام، حيث لا يوجد لها مثيل في العالم.
الغواصة الرشيقة
وعلى عكس معظم تصميمات الغواصات السوفييتية، فإن الغواصات من طراز "ياسن" لا تستخدم "البنية المزدوجة"، بل تمتلك بدلاً من ذلك تصميماً هجيناً ومبتكراً يمنحها بنية أخف من حيث مستويات الضغط على بدن الغواصة.
و"سيفرودفينسك"، هي الغواصة الروسية الأولى التي تزود بجهاز سونار كروي، يطلق عليه "Irtysh-Amfora". وبالنتيجة، سيكون لدى "سيفرودفينسك" أنابيب طوربيدية في وسط الغواصة، على عكس الغواصات الأمريكية.
وتمتلك الغواصة ثمانية أنابيب طوربيدية، منها أربعة أنابيب 650 مم بينما الأخرى 533 مم. ويمكن للغواصات من طراز "ياسين" أن تحمل 30 طوربيدا.
فروق "ياسن" و"فيرجينيا"
ويضيف الخبير الروسي، ألكسندر موزغوفوي، أنه إذا قارنا الغواصات الروسية بالأمريكية" فيرجينيا" التي هي من نفس الجيل، نجد أن لدى "ياسن" عمق عمل أكبر، فالأمريكية تغوص حتى عمق 500 متر، لكن الغواصة الروسية تستطيع الغوص إلى عمق 600 متر، بالإضافة إلى أن "ياسن" تمتلك أنواعاً كثيرة من الأسلحة المضادة للغواصات الحديثة.
ويشير الخبير إلى أن "ياسن" لا تصدر ضوضاء، وتحاكي في ذلك "فيرجينيا"، حيث قام المصممون الروس المحليون بتطبيق نظام خاص للضوضاء، مما قلل من مستوى الضوضاء عشرة أضعاف.
التسليح
تمتاز غواصة "سيفيرودفينسك" التي تحتوي على 24 قاذفاً عمودياً للصواريخ، بوضع أسلحتها- الطوربيدات والصواريخ- في وسط جسمها، وليس في مقدمتها، وتحتوي على جهاز السبر المائي "أمفورا"، وهو جهاز تنصت (أذن) مرهف السمع يمكن الغواصة من سماع أخفت الأصوات تحت سطح الماء.
كما تتميز الغواصة الروسية بطبقة تغطي جسمها القادر على إعاقة الرادارات المعادية والحيلولة دون اكتشافها، ويبلغ الوزن الأقصى للغواصة "ياسن" 9500 طن، وطولها 120متراً، وعرضها 15متراً، وغاطسها 8.4 مترات.
وينتمي المفاعل النووي للغواصة إلى الجيل الرابع العامل بالماء المضغوط، ولا يحتاج إلى إعادة الشحن إلا بعد مرور 24 عاماً. وتبلغ سرعتها الصامتة القصوى تحت الماء 28 عقدة. وتسلحيها مكوناً من 24 أنبوب إطلاق للصواريخ، و10 أنابيب لإطلاق الطوربيدات، وطاقمها 95 فرداً.
أما الغواصة الأمريكية "فيرجينيا"، فتحمل 12 صاروخ "توماهوك" و28 طوربيداً لأربعة أنظمة، وتستطيع صواريخ الغواصات الأمريكية مهاجمة السفن، وتدمير الأهداف الشاطئية فقط.
8 غواصات جديدة
ويري ألكسندر موزغوفوي، أنه إذا كانت أمريكا تمتلك 11 غواصة من نوع "فرجينيا"، ستكون خائفة أيضا من غواصات "سيفيرودفينسك"، حيث يري الجيش الأمريكي أن الغواصة الروسية تخلق مشاكل كبيرة لواشنطن، مشيرا إلى أن الأميركيين يطلقون برنامجاً جديداً لتحديث "فرجينيا"، وهم في طريقهم إلى تزويد نموذجها الحديث بوحدة قتالية جديدة لزيادة عدد صواريخ كروز إلى 40 صاروخاً.
وعلى الجانب الآخر، يشير موزغوفوي، إلى أن روسيا تواصل أيضاً بناء الغواصات متعددة الأغراض مثل "قازان"، و"نوفوسيبيرسك"، و"كراسنويارسك" و"أرخانغيلسك"، ومن المقرر بحلول عام 2020، أن يصل ما تمتلكه روسيا من مشروع غواصات "ياسن" إلى 8 غواصات جديدة المتعددة المهام، ذلك الشبح الروسي الذي يمخر في باطن البحار والمحيطات ولا مثيل له عالمياً.