الحديث عن مؤامرة تستهدف علاقات مصر الخارجية، أمر لا يمكن تجاهله، خاصة وأن حادث الطائرة الروسية، ومقتل المواطن الإيطالي "جوليو ريجيني"استهدف العلاقات الثنائية المتنامية بين القاهرة وكل من موسكو وروما. واليوم بالتزامن مع اقتراب دخول حاملة المروحيات "جمال عبد الناصر" ـ التي كانت تعرف باسم "ميسترال" وانتقلت ملكيتها من فرنسا إلى مصر بموافقة روسية ـ إلى المياه الإقليمية المصرية، وفي ظل مواصلة تطوير علاقات التعاون العسكري بين البلدين، يستيقظ المصريون على نبأ اختفاء طائرة مصرية أقلعت من مطار "شارل ديغول" وعلى متنها مواطنين فرنسيين ومصرييين وجنسيات أخرى.
كثيرة هي الأزمات التي تستهدف الاقتصاد المصري، وأن اختفاء الطائرة القادمة من باريس يمكن أن يؤثر على إجراءات رفع الحظر المفروض على رحلات الطيران بين القاهرة وعدد من العواصم المهمة للسياحة المصرية التي تشهد تراجعا في الإيرادات بنحو 1.3 مليار دولار، بعد الحادث الأليم لطائرة الركاب الروسية فوق سيناء، كما أن خسائر قطاع السياحة وصلت إلى ما يقرب من 2.2 مليار جنيه مصري شهرياً (283 مليون دولار).
استهداف منطقة الشرق الأوسط بالفوضى المدمرة والصراعات والحروب الطائفية، مخطط يتم تنفيذه بشكل صارخ وفاضح، والبداية كانت في العراق ثم سوريا واليمن، وليبيا، ولكنهم فشلوا في مصر، فكان لابد من البحث عن وسيلة أخرى يمكن من خلالها ضرب جهود استعادة الوضع المستقر إلى بلد الأهرامات.
كثيرة هي تلك التساؤلات التي يطرحها حادث اختفاء الطائرة المصرية القادمة من باريس، ما هي الحقيقة التي تقف خلف استهداف الطيران المدني وقطاع السياحة في مصر؛ ولماذا كتب على المصري أن يواجه هذا الموقف الصعب، فكل خطوة يخطوها إلى الأمام يجد من يحاول دفعه إلى الخلف بقسوة متناهية.
الطائرة المفقودة خرجت من مطار "شارل ديغول"، وبالتالي فإن سلطات هذا المطار مسؤولة عن تأمين الرحلة فنياً وأمنياً قبل الإقلاع، فهل تشارك مصر في التحقيقات حول ملابسات الحادث، وهل يمكن أن نسمع عن قرار بحظر الطيران إلى المطارات الفرنسية باعتبارها باتت غير آمنة؟ وهل يمكن التعامل مع الحادث من جانب الدول الغربية على غرار تلك التي كانت مع المطارات المصرية عقب حادث الطائرة الروسية فوق سيناء؟.
مصر التي كانت سببا في إفشال مخطط الولايات المتحدة في تقسيم المنطقة على أساس عرقي وطائفي، وتواجه مشروع الشرق الأوسط الكبير، وتقف في مواجهة طموحات أردوغان لاستعادة حلم الخلافة العثمانية الدموية.
ومصر التي توافقت رؤيتها مع روسيا والصين في خلق نظام عالمي جديد يقوم على أساس التعددية والديمقراطية في إدارة شؤون المجتمع الدولي، ويرفض الهيمنة والسيطرة الأمريكية، والقادرة على مواجهة كافة مخططات التقسيم، لا يمكن إلا أن تكون هدفا لقوى الشر التي تزرع التطرف والعنف والإرهاب في المنطقة والعالم.
(المقالة تعبر عن رأي كاتبها)