وفي السنوات الأخيرة، بدأت العديد من الأطباء وعلماء الأحياء أن تولي اهتماما لحقيقة أن استهلاك كميات كبيرة من الملح يزيد بشكل كبير من احتمالات الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، فضلا عن الخرف وأشكال أخرى من الخرف في كبار السن والشباب الذين ينتمون إلى طبقات اجتماعية مختلفة.
وكما يشير فاراكو وزملائه، فإن آلية تأثير الملح على عمل الدماغ وأجهزة الدورة الدموية لا يزال لغزا للعلماء. وتكمن المشكلة في حقيقة أن الإنسان لا يمكنه التخلي عن الملح لأنه يحتوي على الصوديوم والكلوريد الضرورية للخلايا العصبية والجهاز الهضمي.
وحاول فاراكو وفريقه لمعرفة لماذا تناول الكثير من الملح يضر الجسم، عن طريق مشاهدة حياة الفئران، الذين أضافوا إلى غذائهم كميات هائلة من الملح، التي تتجاوز بـ 8- 16 أضعاف المعيار المعتاد.
وشهدت أجساد الفئران، بعد مرور بضعة أسابيع، تغييرات جذرية، كانخفاض تدفق الدم إلى الدماغ بشكل حاد، وزيادة الضغط، والتغيرات بلغت سلوكهم، فوثق العلماء العلامات الأولى لسوء ردة الفعل والذاكرة.
واتضح، أن الملح يسبب أنواع معينة من الهيئات المناعية تتكاثر بنشاط في الأمعاء الدقيقة من الفئران. أنها، بدورها، تنتج انترلوكين 17، الذي يشيسر إلى الالتهاب. فعندما تدخل المادة الخلايا المعوية، فإنها توقف إنتاج جزيء هام، وهو أول أكسيد النيتروجين.
وكما يعتقد العلماء اليوم، فإن هذه المادة تتحكم بعدد كبير من العمليات المختلفة في الجسم، بما في ذلك التوسع وانكماش الأوعية الدموية والشيخوخة. الدخول في الجسم عدد كبير من المواد التي تحتوي على النترات ومركبات النيتروجين الأخرى، في بعض الحالات، كما تظهر التجارب، يمكن أن تبطئ الشيخوخة وأن تزيد العمر المتوقع.
وبالتالي، فإن انخفاض تركيز أول أكسيد النيتروجين في الجسم يؤدي إلى الكثير من الآثار السلبية، والتي، كما أظهرت تجارب أخرى، يمكن القضاء عليها بطريقتين: تقليل كمية الملح في الطعام أو إضافة أرجينين، وهو حمض أميني تنتج منه خلايا الجسم أول أكسيد النيتروجين.