الاعتداء الذي استدعى ردا مباشرا من عناصر الجيش السوري عبر سلاحي المدفعية والصواريخ لمواقع المسلحين في اللطامنة وكفرزيتا شمال مدينة حماة السورية، أعاد طرح الأسئلة عن وفرة منظومات "التاو" الأمريكية لدى الجماعات المسلحة، وتقنين استخدامها تبعا لمجريات عسكرية وسياسية محددة، وتحديدا تزامن الاستخدام الميداني لهذا السلاح مع تلويح منظمة حظر انتشار الأسلحة الكيماوية بـاحتمال استخدام السارين في بلدة اللطامنة، والتصنيف الأمريكي لذراع القاعدة "هيئة تحرير الشام" كمنظمة إرهابية!.
وقال الخبير العسكري العميد المتقاعد علي مقصود لوكالة "سبوتنيك": ان الولايات المتحدة الامريكية هي من أصدر الأوامر العملياتية لـ"جبهة النصرة" وما يعرف حاليا بـ"هيئة تحرير الشام" لاستخدام هذه الأسلحة الأمريكية وهي تريد أن تقول من خلال ذلك إن لديها أوراق يمكن أن تلقي بها إذا كان هناك مقابل، أي أنها تعمل على تصنيع أوراق جديدة بعد أن فقدت كل رصيدها واستخدمت كل ما لديها من أوراق.
وأضاف العميد مقصود: إن الولايات المتحدة الأمريكية تسعى في هذه المرحلة ومن خلال ما تصنعه من أوراق أن يكون لها نصيب وحضور وشراكة في مخرجات "أستانا" لذلك حملت المبعوث الاممي ستيفان دي مستورا رسالة تتضمن الحضور الأمريكي على طاولة المفاوضات في 26 من الشهر الجاري بجنيف، وفي عمل اللجان المكلفة مراجعة الدستور السوري الحالي، وللغاية نفسها نرى أن الولايات المتحدة تقربت من تركيا وعقدت معها اتفاقا على خارطة طريق في مدينة منبج يتضمن تسيير دوريات مشتركة تركية امريكية، مستغلة اقتراب موعد الاستحقاق الانتخابي الرئاسي التركي ومدى قوة تأثير العامل "الكردي" في هذا الاستحقاق، وفي سبيل ذلك أعطت للرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورقة هو بحاجة ماسة لها في جبهته الداخلية ومعركته الانتخابية.
وكان مسلحو "النصرة" استخدموا صواريخ "التاو" لأول مرة من خلال الهجوم على معسكر وادي الضيف في ريف إدلب، وفي تلك الآونة كان التنظيم الإرهابي حصل على هذا المنظومات قبل شهر واحد فقط من خلال (مسرحية استيلاء) على مستودعات مسلحي "جبهة ثوار سوريا"، وتماشيا مع الضرورات الإعلامية التي ستثار حول القضية، استبقت "جبهة النصرة" استخدام تلك المنظومات الصاروخية في معركتها ضد الجيش السوري في وادي الضيف، بنشر فيديوهات تستعرض من خلالها تلك (الغنائم) مؤكدة أنها حصلت عليها من مستودعات "حركة حزم"، في الفوج 46 بالريف الغربي لمحافظة حلب، وظهرت كميات كبيرة من صواريخ "التاو"، وكان لافتاً حينها وجود مواد غذائية عليها شعارات "لأجل الشعب السوري" مصدرها الولايات المتحدة الأمريكية، وقد تكرر هذا السيناريو في المنطقة الشرقية عندما كانت قوات سوريا الديمقراطية تتقاسم السيطرة مع تنظيم "داعش" على مناطق بريفي الحسكة ودير الزور، حيث أكد شهود عيان أن الطيران الحربي التابع للتحالف الدولي الذي تقوده واشنطن كان يقوم بشكل منتظم بإلقاء صناديق تحوي أسلحة متنوعة وإمدادات تسقط (ودائما بمحض الصدفة) ضمن مناطق سيطرة مسلحي "داعش" بزعم أنها سقطت عن طريق الخطأ، وأن الجهة المقصودة بهذه المساعدات هي قوات سورية الديمقراطية.
ويرى مراقبون أن مسرحيات (الغنائم) التي عادة ما تتكرر كلما احتاجت "النصرة" دفعات جديدة من التسليح، تساهم في تجنيب المخابرات الأمريكية أي مساءلة عن تسليح تنظيم القاعدة، كما تبرئ المسلحين (المعتدلين) من تهمة لعب دور "الجسر" في تمرير الأسلحة إلى تنظيمات إرهابية. مؤكدين أن الولايات المتحدة الأمريكية هي المسؤول الأول عن توضيح كيفية وصول صواريخ "التاو" إلى مسلحي جبهة النصرة، لكونها المصنع الوحيد لهذه الصواريخ وبالتالي هي التي تعرف لمن باعتها أو قدمتها مجاناً.