ففي هذا اليوم من عام 1946 أعلن رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل بدء الحرب الباردة بين الغرب متمثلا في الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، والشرق متمثلا في روسيا وغيرها من الجمهوريات السوفيتية المتحدة.
كما أن تشرشل أعلن في نفس الكلمة التي ألقاها في مدينة فولتون الأمريكية بحضور الرئيس الأمريكي ترومان، أن الغرب بصدد إقامة الجدار الحديدي في أوروبا لفصل أوروبا الغربية عن أوروبا الشرقية.
ولفت مدير منتدى "فالداي" للحوار الدولي، أوليغ باربانوف، إلى أن أحد زعماء العالم الغربي، تشرشل، أعلن في مدينة فولتون ما تبلور في قرارة نفسه في وقت سابق ولكنه لم يفصح عن ذلك من قبل لسبب مفهوم هو أن الحرب العالمية الثانية لم تضع أوزارها بعد وأن الغرب رأى له مصلحة في استمرار وقوف روسيا إلى جانب أمريكا حتى قهر اليابان. وليس هذا فقط، بل شدد الغرب على ضرورة أن تقاتل روسيا القوات اليابانية الموجودة في الصين لكي تتفادى الولايات المتحدة الأمريكية سقوط المزيد من القتلى في صفوف قواتها التي حاربت اليابان في البحر.
وبعد انتهاء الحرب "الساخنة" لم ير زعماء الغرب ما يمنعهم من إعلان نية بدء الحرب الجديدة "الباردة" ضد حلفاء الأمس وهو ما لاحظه أعداء الأمس أيضا. فمثلا، لم يُخف أحد أركان النظام النازي المهزوم، غيرينغ، خلال محاكمتهم في مدينة نورنبرغ، سروره لإفساد الحلفاء الغربيين علاقاتهم مع روسيا حتى أنه توقع إنهاء محاكمتهم في وقت قريب والإفراج عنهم لأن أمريكا تحتاج، برأيه، إليهم لمحاربة روسيا السوفيتية. ولحسن الحظ لم تصدق توقعاته، ونال مُشعلو نار الحرب العالمية جزاءهم.
ويرى بعض الخبراء الآن أن العالم أو بالأحرى قسمه الغربي يسير إلى بدء الحرب الباردة الجديدة أو بعث الحرب الباردة التي تم الإعلان عن بدئها في عام 1946 من جديد.
في كل الأحوال فإن العالم يرى اليوم دلائل على القطيعة الجديدة وإنشاء الجدار الحديدي الجديد. وكشف عن ذلك اقتراح الرئيس الأمريكي الجديد بايدن لإنشاء "عصبة الديمقراطيات" لمواجهة "عصبة الطغاة"، وهو اقتراح يستوي مع منطق الحرب الباردة.
وأكد الناطق باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف، للصحفيين أن الكثير مما ورد في "خطاب فولتون" يظل كما هو بدون تغيير، منوها إلى أن جميع الآلات التي ظهرت في العالم الغربي بعد الحرب العالمية الثانية مثل حلف الناتو، أنشأها الغرب لمواجهة روسيا.
وأضاف أن: "هذه الآلات تواصل عملها ضدنا، وتضطرنا إلى اتخاذ الإجراءات الكفيلة بحماية بلادنا".