في 17 مارس/ آذار الجاري، وقع النائب العام سعود بن عبدالله المعجب، مذكرة تفاهم مع محافظ الهيئة العامة للزكاة والدخل المهندس سهيل بن محمد أبانمي، لمكافحة جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب والتعاون والتنسيق المشترك لمواجهة مخاطر هذه الجرائم.
وكذلك تم عقد اجتماعات ثنائية دورية بين المختصين في النيابة العامة والهيئة العامة للزكاة والدخل لرفع مستوى التعاون والتنسيق، وفقاً للاختصاصات المناطة بكل جهة، وإعداد آلية عمل تساهم في الربط الإلكتروني بين الجهازين، بهدف تبادل البيانات والمعلومات بشكل سريع وآمن، يعزز قدرات الطرفين في مكافحة جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب حسب اختصاص كل جهة، بحسب ما نشرته صحيفة "عكاظ" السعودية.
وبحسب خبراء الجانب السعودي، تساهم الخطوة بدرجة كبيرة في الحد من الجرائم، والكشف المبكر عن أي محاولات لغسل الأموال قبل دخولها في دوائر المال النظيف.
الدكتور أصيل الجعيد، أستاذ القانون الجنائي في معهد الإدارة العامة في الرياض، قال إن "آفة أي اقتصاد حديث هي جريمة غسل الأموال، والتي بسببها تجد الجريمة المنظمة قناة تصريف لتحويل أموالها الناتجة عن نشاطات إجرامية إلى ظهورها كأموال نظيفة ناتجة عن أنشطة قانونية".
صور متعددة
الصعوبة الكبيرة التي تكتنف مكافحة جريمة غسل الأموال، يراها الخبير القانوني السعودي في حديثه لـ"سبوتنيك"، تكمن في صورها المتعددة بشكل كبير، وكلما تماهت الأموال الفاسدة مع الأموال النظيفة في السوق صعب التفرقة بينهما وملاحقة المجرمين.
وجوب الكشف مبكرا عن الجرائم أصبح ضرورة، وهو ما يشير إليه القانوني السعودي من خلال عمل الإدارة العامة للتحريات المالية برئاسة أمن الدولة السعودية، حيث تكثف التحركات تجاه هذه الجرائم بالتعاون مع الجهات الأخرى وما يردها من تقارير وبلاغات.
حول أهمية الربط الإلكتروني، يوضح الجعيد أنه" يحد بدرجة كبيرة من جريمة غسل الأموال، حيث أن اتجاه المملكة لتفعيل المدفوعات الالكترونية وحث كافة جهات الأعمال عليها، تندرج في إطار السياسة الوقائية الجنائية السليمة".
كما يلمح إلى فائدة أخرى تتمثل في جعل عملية التحقيق الجنائي في مثل هذه الجرائم أسهل، بحسب الخبير، حيث أن تقارير المالية الالكترونية متوافر على بعد ضغطة زر، ومنها تعرف الأنشطة التجارية والتعاملات المالية ومدى منطقية كمية الأموال المنقولة، بين عدة حسابات لشركة أو عدة شركات ومقارنتها مع النشاط التجاري المسجل الكترونيا، للتأكد من أنها تعكس بالفعل النشاط التجاري الحقيقي على أرض الواقع أم لا.
تحليل البيانات
كما يساهم الربط الالكتروني في توضيح مدفوعات الأشخاص والشركات والتعاقدات، حيث تساعد الجهات المختصة في تحليل البيانات لتصل لنتيجة تؤكد جريمة غسل أموال أو شبهة غسل أموال.
ويؤكد القانوني السعودي أن "المملكة العربية السعودية قامت بجهود حثيثة تجاه مكافحة جريمة غسل الأموال، وفقا لإجراءات الجولة الرابعة من عمليات التقييم لدول مجموعة العمل المالي (فاتف)، التي تتطلب من الدول تقديم تقارير حول التقدم المحرز في الالتزام بالمعايير الدولية الخاصة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتمويل انتشار التسلح".
كما قامت اللجنة الدائمة لمكافحة غسل الأموال ومقرها البنك المركزي السعودي، بالتعاون مع اللجنة الدائمة لمكافحة جرائم الإرهاب وتمويله في رئاسة أمن الدولة، واللجنة الدائمة الخاصة بتنفيذ قرارات مجلس الأمن وفق الفصل السابع في وزارة الخارجية.
كما تضمن تقرير المتابعة الأول للمملكة بقسميه الالتزام الفني والفعالية، حيث شمل جهود وإجراءات المملكة في مجال المكافحة منذ اعتماد تقرير التقييم للمملكة في منتصف عام 2018.
تصنيف المملكة
وبحسب الخبير أظهر التقرير تقدم المملكة في مستوى الالتزام بالمعايير الدولية، حيث أصبحت المملكة ملتزمة بشكل كبير في ثمان وثلاثين توصية، بدلاً من ست وثلاثين توصية من التوصيات الأربعين للمجموعة، بحسب الجعيد.
كما أعيد تصنيف التزام المملكة بالتوصيات (الثانية، والثامنة عشرة، والحادية والعشرين) إلى "ملتزم إلى حد كبير" نتيجة تحديث المعايير المرتبطة بها مؤخرا من قبل مجموعة العمل المالي، وهي توصيات تتعلق بالتعاون والتنسيق المحلي، والمجموعات المالية والرقابة الداخلية عليها، وسرية الإبلاغ عن الاشتباه بالجرائم، وهو ما أكده القانوني السعودي.
ظواهر خطرة
من ناحيته، قال أستاذ القانون بمعهد الادارة العامة بالرياض والمحكم الدولي، محمد بن أحمد المقصودي، إن "جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب من الظواهر الخطرة التي تواجه الكثير من دول العالم، لما لها من آثار اقتصادية واجتماعية وسياسية خطيرة".
وأضاف المقصودي في حديثه لــ "سبوتنيك"، أن "الربط الإلكتروني بين تلك الجرائم جاء لضمان جودة العمل واتقانه بين الجهات المختصة في السعودية".
وبحسب أستاذ القانون السعودي، فذلك النهج المستمر في التطور لمكافحة تلك الجرائم العابرة للقارات يهدف لشمول محاربة كافة التعديات على حقوق المجتمع والدولة.
الإجراءات التي اتخذتها المملكة، بحسب القانوني السعودي، ساهمت في تناقص الجرائم المنظمة بشكل ملحوظ، وتحقيق الردع العام والخاص ضد مقترفي تلك الوقائع.
الجدير بالذكر أن نظم مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتمويل انتشار التسلح في المملكة تم تقييمها من قبل مجموعة العمل المالي (فاتف) ومجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (مينافاتف) واعتمد تقرير التقييم للمملكة بتاريخ 28 / 6 / 2018.