وقال مراسل "سبوتنيك" في حلب: إن "مظاهرات حاشدة خرجت في مناطق مختلفة من ريف المحافظة الشمالي، استنكر خلالها المسلحون الموالون لتركيا، قيام أنقرة بقطع رواتبهم للشهر الثالث على التوالي، فيما يشبه تسريحاً تعسفياً واستغناءً غير مبرر عن خدماتهم، واقتصار عملية توزيع الرواتب والأموال على مسلحي الفصائل التركمانية".
وذكرت مصادر محلية من ريف حلب الشمالي لوكالة "سبوتنيك"، بأن "المظاهرات التي تتخذ طابعاً عرقياً، خرجت في عدة مناطق من ريف حلب، وبمشاركة واسعة من المسلحين السوريين (من القومية العربية) في مختلف التنظيمات التي تدعمها تركيا، حيث ركزت اللافتات التي حملها المشاركون في المظاهرات والهتافات التي تم ترديدها، على التعبير عن الغضب من توقف إرسال الرواتب والأموال، والاستمرار بمنح مسلحي التنظيمات التي تضم سوريين من القومية (التركمانية/ يدينون بالولاء للدولة العثمانية) على وجه التحديد لرواتب مسلحيها دون غيرهم".
ووسط تهديدات جدية بتوقفهم عن قتال الجيش السوري، وسريان التوقعات بأن توقيف الرواتب يهدف للضغط عليهم للخروج من ريف حلب والانتقال إلى جبهات قتال خارج سوريا، حمل المسلحون المتظاهرون، لافتات عبروا من خلالها عن غضبهم من اقتصار توزيع الأموال فقط على الموظفين "الإداريين" بما يسمى (المجالس المحلية) التي أسسها الجيش التركي في مناطق سيطرته شمال سوريا، وعدم توزيعها للمسلحين الذين أفنوا سنواتهم في خدمة تركيا.
وتضمنت بعض اللافتات عبارات هدد المسلحون العرب من خلالها بالتوقف عن قتال الجيش السوري لحين استلام الرواتب، كما تناول بعضها الآخر شكوى مريرة من الوضع المعيشي المتردي الذي يعانونه، وعدم قدرتهم على تأمين الغذاء.
المظاهرات الأضخم بحسب ما نقلته المصادر، شهدتها بلدة "مارع" التي تعتبر المعقل الرئيسي والأهم بالنسبة لمسلحي تركيا في عموم أنحاء شمال حلب، حيث شهدت تلك المظاهرات مشاركة أعداد كبيرة من المسلحين وعائلاتهم وأطفالهم، فيما خرجت مظاهرات مماثلة في مواقع متفرقة من منطقتي الباب وعفرين، إلا أن مظاهرات الأخيرة اتسمت بطابع خاص عن سابقاتها.
وباعتبار أن عفرين تشكل مركز الثقل الأكبر لنفوذ فصيل "العمشات"، فإن هذا الأمر أرخى بظلاله على طابع الاحتجاجات في المدينة، والتي عكست بشكل كبير حالة الانقسام العرقي الذي سببته الخطوة التركية حول توزيع الرواتب للمسلحين التركمان فقط، ونقلت مصادر محلية لـ "سبوتنيك" أن تهديدات أطلقها عدد من مسلحي الفصائل حول رفضهم القطعي القتال في أي معركة قادمة إلى جانب المسلحين (التركمان).
كما وجه مسلحو التنظيمات المشاركين في المظاهرات اتهامات بالجملة لقيادييهم، بالتخاذل في طلب مستحقاتهم المتأخرة منذ قرابة ثلاثة أشهر، معتبرين أن السبب الرئيسي في عدم صرف رواتبهم هو تخاذل وضعف قياديي الفصائل أمام تركيا، في حين ذكرت مصادر محلية لـ"سبوتنيك" معلومات متداولة بين مسلحي تركيا، حول أن الأخيرة تحاول الضغط عليهم بشكل أكبر للخروج من ريف حلب والانتقال إلى جبهات قتال خارج سوريا مقابل وعود بدفع المستحقات إلى جانب رواتب ومبالغ مالية كبيرة.
وتشير التوقعات إلى استمرار تفاقم مشهد المظاهرات في مناطق انتشار القوات التركية والميليشيات الموالية لها، في حال استمر تأخر وصول الرواتب، في حين توقعت مصادر "سبوتنيك" من ريف حلب الشمالي، أن يتطور مشهد المظاهرات، إلى حد الاقتتال والمواجهات المباشرة بين مسلحي الفصائل ذات القومية العربية من جهة، وباقي المسلحين السوريين التركمان والقوات التركية من جهة ثانية، وخاصة ما إذا تمكن الفريق الأول من الحصول على تمويل من دولة أخرى.