https://sarabic.ae/20250606/200-ألف-بطاقة-معطلة-الخزانة-الأمريكية-توقف-شريان-تهريب-الدولار-من-العراق-1101377987.html
200 ألف بطاقة معطلة.. "الخزانة الأمريكية" توقف شريان تهريب الدولار من العراق
200 ألف بطاقة معطلة.. "الخزانة الأمريكية" توقف شريان تهريب الدولار من العراق
سبوتنيك عربي
تدور في العراق الآن معركة صامتة لا تقل ضراوة عن أي صراع سياسي كما هو الحال في البلاد، لكن هذه المرة المستهدف هو "بطاقات الدفع الإلكتروني"، التي رُصد تحولها إلى... 06.06.2025, سبوتنيك عربي
2025-06-06T12:00+0000
2025-06-06T12:00+0000
2025-10-29T15:12+0000
العراق
الخزانة الأمريكية
الدفع الإلكتروني
تهريب أموال
تقارير سبوتنيك
حصري
https://cdn.img.sarabic.ae/img/101357/89/1013578904_0:795:2593:2253_1920x0_80_0_0_a5c5d0fac185ba06e1ec17cb6bdb2cdc.jpg
قبل أيام قليلة، كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال"، في تحقيق مطوّل، أن "شبكات استخدمت بطاقات "فيزا" و"ماستر كارد" لتهريب الدولار، بعدما شددت وزارة الخزانة الأمريكية الرقابة على التحويلات البنكية، في أواخر عام 2022".وفي سياق مواجهة هذه العمليات، عطّلت "فيزا" و"ماستر كارد" أكثر من 200 ألف بطاقة عراقية، وأزالت آلاف التجار المشبوهين في الإمارات من شبكتيهما، كما أدرجت وزارة الخزانة الأمريكية 3 شركات عراقية على القائمة السوداء، بحسب التحقيق.الجهات الحكومية العراقية تتحمل المسؤوليةيقول الأمين العام للتيار الاجتماعي الديمقراطي في العراق، علي كاظم الرفيعي، لـ"سبوتنيك": "قضايا تهريب العملة وغسيل الأموال ليست مقتصرة على العراق، بل تعد ظاهرة معروفة عالميا، ولهذا السبب توجد في معظم المصارف حول العالم أقسام متخصصة في مراقبة ومنع عمليات تبييض الأموال".ووفقا للسياسي العراقي، فإن "المعلومات التي ترد من وزارة الخزانة الأمريكية بشأن شبهات غسيل الأموال أو التحويلات غير المشروعة يجب أن يتم التعامل معها من منطلق السيادة، بحيث لا تعتمد تلقائيا دون تحقق، بل ينبغي على البنك المركزي العراقي أن يتأكد من صحتها وأن يتخذ الإجراءات القانونية اللازمة إذا ثبت وجود مخالفات".وفي ما يتعلق بقرارات الحظر الأخيرة التي فرضت على 14 مصرفا عراقيا من التعامل بالدولار، بالإضافة إلى أربعة مصارف أخرى، يوضح الرفيعي أن هذه الإجراءات "التي طالت نحو 20 مصرفا، تترك أثرا سلبيا واضحا على القطاع المصرفي، لا سيما في ظل حاجة العراق إلى بيئة استثمارية مستقرة في مرحلة إعادة الإعمار والتنمية"، معتبرا أن "استمرار مثل هذه السياسات من شأنه أن يعيق جهود التنمية وجذب الاستثمارات".فوي 16 فبراير/ شباط 2025، كشفت وكالة "رويترز" عن "اعتزام البنك المركزي العراقي منع 5 مصارف أهلية من التعامل بالدولار الأمريكي، وذلك في أعقاب اجتماعات أجراها مع مسؤولين من وزارة الخزانة الأمريكية والاحتياطي الفيدرالي، ضمن جهود مشتركة لمكافحة غسل الأموال وتهريب العملة والأنشطة المالية غير القانونية".المصارف المشمولة بالمنع، بحسب الوكالة، هي بنك المشرق العربي الإسلامي، المصرف المتحد للاستثمار، مصرف السنام الإسلامي، بنك مسك الإسلامي، وأمين العراق للاستثمار والتمويل الإسلامي. وتأتي هذه الخطوة في إطار الضغوط الأمريكية المتزايدة للحد من تسرب الدولار إلى جهات تعتبرها واشنطن "غير مشروعة"، وعلى رأسها إيران.دول خارجية وراء الأزمةفي المقابل، يقول القيادي في التيار المدني الديمقراطي العراقي المعارض، مسعد الراجحي، لـ"سبوتنيك": "هناك مؤشرات دقيقة تفيد بتوجه الإدارة الأمريكية نحو تشديد الإجراءات المرتبطة بتحويل الأموال من العراق إلى الخارج"، مشيرًا إلى أن "السبب المباشر لذلك يعود إلى انعدام الشفافية والدقة، وضعف مستوى التعاون في ملف التعاملات المالية والنقدية".وبحسب الراجحي، "هذه الشبكات مرتبطة بمصالح وأجندات خارجية وتستفيد من الثغرات في الرقابة المالية داخل العراق"، لافتًا إلى أن "الإدارة الأمريكية قامت مؤخرا بحجب نحو 200 ألف بطاقة دفع إلكتروني، بينها بطاقات من نوع "ماستر كارد"، وذلك نتيجة شبهات تتعلق باستخدامها في تهريب الأموال".وتابع السياسي العراقي: "بعض الموظفين داخل المؤسسات المالية يتعرضون لضغوط من جهات حزبية أو مسلحة لاستخدام هذه البطاقات في عمليات مشبوهة، أو يتم الاتفاق معهم لتسهيل تهريب الأموال عبر هذه الوسائل الحديثة، وهو ما يعكس هشاشة الرقابة وغياب الشفافية في إدارة النقد العراقي"، مؤكدًا أن "هذا الوضع ألقى بظلاله السلبية على الاقتصاد الوطني، وأدى إلى إرباك في حركة الأموال والأعمال".وفي 19 يوليو/ تموز 2023، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على 14 مصرفا عراقيا، ضمن حملة تهدف إلى كبح تعاملات إيران بالدولار الأمريكي في تلك الفترة.وشملت العقوبات كلا من مصرف المستشار الإسلامي للاستثمار والتمويل، القرطاس الإسلامي، الطيف الإسلامي، مصرف إيلاف، مصرف أربيل للاستثمار والتمويل، البنك الإسلامي الدولي، مصرف عبر العراق، مصرف الموصل للتنمية والاستثمار، مصرف الراجحي، مصرف سومر التجاري، مصرف الثقة الدولي الإسلامي، مصرف أور الإسلامي، مصرف العالم الإسلامي للاستثمار والتمويل، ومصرف زين العراق الإسلامي.العراق بعيد عن تطور العالمفي غضون ذلك، يرى صاحب أحد المنافذ، حيدر طالب، أن "العراق ما يزال منشغلا بقضايا لا تواكب التطورات الكبرى التي يشهدها العالم، بينما لا تزال الجهات العراقية تتعثر في معالجة قضايا كان من المفترض تجاوزها منذ زمن بعيد، كملف تهريب العملة وتفشي الفساد في المنافذ الحدودية."وأضاف طالب في حديث لـ"سبوتنيك": "استمرار هذا الواقع من دون حلول فعلية سيفاقم من معاناة المواطنين ويضرب الاقتصاد الوطني"، مشددًا على ضرورة أن "تتحمل وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية العراقية، بما فيها الأمن الوطني وجهاز الأمن القومي، مسؤولياتها بشكل فعّال في ضبط المنافذ وإصدار قوانين حقيقية تحد من عمليات التهريب"، وأشار إلى "وجود شراكات غير معلنة بين بعض المسؤولين السياسيين وبعض العاملين في المطارات والمنافذ الحدودية لتسهيل عمليات تهريب العملة وتبديلها بطرق غير قانونية".واختتم حديثه: "معالجة هذه الظواهر تتطلب إرادة سياسية حقيقية، وتشريعات صارمة تُطبَّق بعدالة على الجميع، بعيدًا عن نفوذ الجهات المتنفذة، حفاظًا على ما تبقى من الثقة بين المواطن والدولة".أسباب إيقاف عدد من البطاقات الإلكترونيةفي وقت تسارعت فيه عقوبات "الفيدرالي الأمريكي"، استبعد البنك المركزي العراقي، العام الماضي، 4 مصارف أهلية من المشاركة في مزاد بيع العملة، وهي مصرف الأنصاري، مصرف الشرق الأوسط، مصرف القابض، ومصرف آسيا، وذلك استجابة لتحذيرات صادرة عن وزارة الخزانة الأمريكية، التي اتهمت هذه المصارف بالضلوع في عمليات تهريب العملة.أما الاتجاه الثاني، بحسب السعدي، "يتعلق بتجاوزات ومخالفات من قبل بعض المستخدمين، حيث تم إيقاف بطاقاتهم لغرض التدقيق والتحقيق، وفي بعض الحالات قد تعاد الخدمة إليهم، بينما في حالات أخرى يتم إيقافها بشكل دائم ويُمنع صاحب البطاقة من الحصول على واحدة جديدة مدى الحياة بسبب طبيعة المخالفة".وأشار إلى أن "غالبية الشركات استكملت إجراءات فتح الحسابات المراسلة، في حين لا تزال بعض الشركات تعمل على استكمال المتطلبات"، مضيفًا: "هذا التوجه من البنك المركزي يعكس خطوة ذكية رغم ما قد يرافقها من تبعات اقتصادية على المدى القصير، لكنه يصب في مصلحة الاقتصاد العراقي بشكل عام".وعلى صعيد آخر، أعلن البنك المركزي العراقي، في 16 ديسمبر/ كانون الأول 2024، عدم منح رخصة لشركات التداول بالأسهم والمعادن والعملات المشفرة، فيما أشار إلى أنه ماض في اتخاذ كافة الإجراءات القانونية بحق الشركات الوهمية، وسط تحذيرات من وجود شركات وهمية للتداول الإلكتروني بالأسهم تدَّعي أنها مرخصة من قبل البنك، في إشارة إلى أنها وسيلة استخدمت لتهريب الأموال خلال السنوات القليلة الماضية.
https://sarabic.ae/20250309/الكويت-تسحب-الجنسية-من-متورطين-في-سرقة-25-مليار-دولار-وتسلمهما-للعراق-1098525367.html
https://sarabic.ae/20250517/رئيس-الوزراء-العراقي-يؤكد-دعم-بلاده-للقضايا-العربية-ويدعو-إلى-حلول-جذرية-في-القمة-العربية-الـ34-1100660233.html
https://sarabic.ae/20240812/خبير-اقتصادي-يكشف-لـسبوتنيك-العوامل-التي-تهدد-سعر-صرف-الدينار-العراقي-أمام-الدولار-الأمريكي-1091661678.html
https://sarabic.ae/20240608/وزير-النفط-العراقي-يعلن-عن-مشروع-يوفر-نحو-350-مليون-دولار-سنويا-لخزينة-الدولة-1089640757.html
https://sarabic.ae/20241212/البنك-المركزي-العراقي-يرد-على-حقيقة-تسريب-صوتي-أثار-جدلا-في-البلاد-1095739150.html
https://sarabic.ae/20241212/البنك-المركزي-العراقي-يرد-على-حقيقة-تسريب-صوتي-أثار-جدلا-في-البلاد-1095739150.html
https://sarabic.ae/20250310/بعد-قرار-واشنطن-وقف-الإعفاء-الممنوح-مقابل-الكهرباءهل-تنجح-أمريكا-في-إبعاد-العراق-عن-إيران؟-1098555906.html
https://sarabic.ae/20250104/الحكومة-العراقية-تعيد-50-مليار-دينار-إلى-خزينة-الدولة-بعد-ملاحقة-الفاسدين-1096466357.html
https://sarabic.ae/20240924/باحث-اقتصادي-يوضح-لـسبوتنيك-تأثيرعملية-حذف-الأصفار-من-الدينار-العراقي-على-سعر-الصرف-1093066469.html
https://sarabic.ae/20250301/البنك-المركزي-العراقي-يتجه-لإصدار-عملة-رقمية-كبديل-تدريجي-عن-الورقية-1098281352.html
العراق
سبوتنيك عربي
feedback.arabic@sputniknews.com
+74956456601
MIA „Rossiya Segodnya“
2025
حسن نبيل
https://cdn.img.sarabic.ae/img/07e9/0a/1d/1106517939_262:0:1222:960_100x100_80_0_0_cbebb5a4b9bf81d8d883cf2ac4afd064.jpg
حسن نبيل
https://cdn.img.sarabic.ae/img/07e9/0a/1d/1106517939_262:0:1222:960_100x100_80_0_0_cbebb5a4b9bf81d8d883cf2ac4afd064.jpg
الأخبار
ar_EG
سبوتنيك عربي
feedback.arabic@sputniknews.com
+74956456601
MIA „Rossiya Segodnya“
سبوتنيك عربي
feedback.arabic@sputniknews.com
+74956456601
MIA „Rossiya Segodnya“
حسن نبيل
https://cdn.img.sarabic.ae/img/07e9/0a/1d/1106517939_262:0:1222:960_100x100_80_0_0_cbebb5a4b9bf81d8d883cf2ac4afd064.jpg
العراق, الخزانة الأمريكية, الدفع الإلكتروني, تهريب أموال, تقارير سبوتنيك, حصري
العراق, الخزانة الأمريكية, الدفع الإلكتروني, تهريب أموال, تقارير سبوتنيك, حصري
200 ألف بطاقة معطلة.. "الخزانة الأمريكية" توقف شريان تهريب الدولار من العراق
12:00 GMT 06.06.2025 (تم التحديث: 15:12 GMT 29.10.2025) حسن نبيل
مراسل "سبوتنيك" في العراق
حصري
تدور في العراق الآن معركة صامتة لا تقل ضراوة عن أي صراع سياسي كما هو الحال في البلاد، لكن هذه المرة المستهدف هو "بطاقات الدفع الإلكتروني"، التي رُصد تحولها إلى أداة فعالة في لعبة تهريب الدولار إلى خارج العراق، عن طريق وزارة الخزانة الأمريكية.
قبل أيام قليلة، كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال"، في تحقيق مطوّل، أن "شبكات
استخدمت بطاقات "فيزا" و"ماستر كارد" لتهريب الدولار، بعدما شددت وزارة الخزانة الأمريكية الرقابة على التحويلات البنكية، في أواخر عام 2022".
ووفق التحقيق، قفزت تحويلات الدولار عبر هذه البطاقات من 50 مليون دينار شهريا إلى أكثر من 1.5 مليار دولار، خلال أبريل/ نيسان 2023، حيث "كان المحتالون يملؤون البطاقات بالدنانير داخل العراق، ثم يسحبون الدولار من دول مثل الإمارات وتركيا والأردن، بسعر الصرف الرسمي، ليعيدوه إلى العراق ويبيعوه في السوق السوداء".
ويشير التحقيق إلى تواطؤ مصارف وشركات مثل "مصرف العراق الأول" و"كي كارد"، كما تم استغلال بطاقات"كيو آي كارد" المستخدمة في دفع رواتب المتقاعدين وموظفي الحكومة، في عمليات التحويل المشبوهة.
وفي سياق مواجهة هذه العمليات، عطّلت "فيزا" و"ماستر كارد" أكثر من 200 ألف
بطاقة عراقية، وأزالت آلاف التجار المشبوهين في الإمارات من شبكتيهما، كما أدرجت وزارة الخزانة الأمريكية 3 شركات عراقية على القائمة السوداء، بحسب التحقيق.
الجهات الحكومية العراقية تتحمل المسؤولية
يقول الأمين العام للتيار الاجتماعي الديمقراطي في العراق، علي كاظم الرفيعي، لـ"سبوتنيك": "قضايا تهريب العملة وغسيل الأموال ليست مقتصرة على العراق، بل تعد ظاهرة معروفة عالميا، ولهذا السبب توجد في معظم المصارف حول العالم أقسام متخصصة في
مراقبة ومنع عمليات تبييض الأموال".
وأضاف الرفيعي: "هذه الظاهرة موجودة بالفعل في العراق، وقد جرى استغلال بعض أدوات الدفع الحديثة، مثل بطاقات "ماستر كارد"، في تنفيذ عمليات تهريب وغسيل أموال بطرق متعددة"، مشيرًا إلى أن "المسؤولية في هذا الملف لا تقع على جهة واحدة فقط، بل تشمل مؤسسات الدولة كافة، وعلى رأسها البنك المركزي العراقي، الذي يجب أن يضطلع بدوره الإشرافي والرقابي بشكل كامل".
ووفقا للسياسي العراقي، فإن "المعلومات التي ترد من وزارة الخزانة الأمريكية بشأن شبهات غسيل الأموال أو التحويلات غير المشروعة يجب أن يتم التعامل معها من منطلق السيادة، بحيث لا تعتمد تلقائيا دون تحقق، بل ينبغي على البنك المركزي العراقي أن يتأكد من صحتها وأن يتخذ الإجراءات القانونية اللازمة إذا ثبت وجود مخالفات".
ويشير الرفيعي إلى أن "التحويلات غير القانونية، خصوصا تلك التي يشتبه في وصولها إلى جهات داخل إيران، تعد مساسًا خطرًا في الاقتصاد الوطني، وتستدعي رقابة مشددة من الجهات المعنية"، وتابع: "البنك المركزي، إلى جانب الوزارات والمؤسسات ذات العلاقة، مطالب بوضع سياسات واضحة وقواعد صارمة للحد من تهريب العملة وتبييض الأموال، بما يحافظ على استقرار المنظومة المالية في العراق".
وفي ما يتعلق بقرارات الحظر الأخيرة التي فرضت على 14 مصرفا عراقيا من التعامل بالدولار، بالإضافة إلى أربعة مصارف أخرى، يوضح الرفيعي أن هذه الإجراءات "التي طالت نحو 20 مصرفا، تترك أثرا سلبيا واضحا على
القطاع المصرفي، لا سيما في ظل حاجة العراق إلى بيئة استثمارية مستقرة في مرحلة إعادة الإعمار والتنمية"، معتبرا أن "استمرار مثل هذه السياسات من شأنه أن يعيق جهود التنمية وجذب الاستثمارات".
وطالب السياسي العراقي، الحكومة والبنك المركزي "بتحمل مسؤولياتهما الوطنية في ضبط حركة الأموال وضمان الشفافية والامتثال للمعايير الدولية، بما يعزز الثقة بالاقتصاد العراقي ويحمي سيادته المالية".
فوي 16 فبراير/ شباط 2025، كشفت وكالة "رويترز" عن "اعتزام البنك المركزي العراقي منع 5 مصارف أهلية من التعامل بالدولار الأمريكي، وذلك في أعقاب اجتماعات أجراها مع مسؤولين من وزارة الخزانة الأمريكية والاحتياطي الفيدرالي، ضمن جهود مشتركة لمكافحة غسل الأموال وتهريب العملة والأنشطة المالية غير القانونية".
ووفقاً لمصادر الوكالة، جرت الاجتماعات الأسبوع الماضي في دبي، ونتج عنها قرار من شأنه أن يقيد بشكل كبير قدرة تلك المصارف على تنفيذ عمليات مالية دولية، وهو ما سينعكس على جزء كبير من الأنشطة المصرفية خارج العراق.
المصارف المشمولة بالمنع، بحسب الوكالة، هي بنك المشرق العربي الإسلامي، المصرف المتحد للاستثمار، مصرف السنام الإسلامي، بنك مسك الإسلامي، وأمين العراق للاستثمار والتمويل الإسلامي. وتأتي هذه الخطوة في إطار الضغوط الأمريكية المتزايدة للحد من تسرب الدولار إلى جهات تعتبرها واشنطن "غير مشروعة"، وعلى رأسها إيران.
في المقابل، يقول القيادي في التيار المدني الديمقراطي العراقي المعارض، مسعد الراجحي، لـ"سبوتنيك": "هناك مؤشرات دقيقة تفيد بتوجه الإدارة الأمريكية نحو تشديد الإجراءات المرتبطة بتحويل الأموال من العراق إلى الخارج"، مشيرًا إلى أن "السبب المباشر لذلك يعود إلى انعدام الشفافية والدقة، وضعف مستوى التعاون في ملف التعاملات المالية والنقدية".
وأضاف: "بعض هذه التحويلات كانت تصب في مصلحة دول خارجية، تُدار وفق أجندات تتعارض مع مصلحة العراق الاقتصادية، وهو ما دفع باتجاه فرض عقوبات أثرت بشكل مباشر على الاقتصاد الوطني"، لافتًا إلى أن "هذه الإجراءات أدت إلى استنزاف أكثر من 4 مليارات دولار من الأموال العراقية، فضلا عن تعطيل نشاط ما يزيد عن 3 آلاف منفذ ومصرف حديث، بعضها متورط أو مشتبه به في قضايا تتعلق بتهريب وغسيل الأموال".
وبحسب الراجحي، "هذه الشبكات مرتبطة بمصالح وأجندات خارجية وتستفيد من الثغرات في الرقابة المالية داخل العراق"، لافتًا إلى أن "الإدارة الأمريكية قامت مؤخرا بحجب نحو 200 ألف بطاقة دفع إلكتروني، بينها بطاقات من نوع "ماستر كارد"، وذلك نتيجة شبهات تتعلق باستخدامها في تهريب الأموال".
12 ديسمبر 2024, 20:27 GMT
وتابع السياسي العراقي: "بعض الموظفين داخل المؤسسات المالية يتعرضون لضغوط من جهات حزبية أو مسلحة لاستخدام هذه البطاقات في عمليات مشبوهة، أو يتم الاتفاق معهم لتسهيل تهريب الأموال عبر هذه الوسائل الحديثة، وهو ما يعكس هشاشة الرقابة وغياب الشفافية في إدارة النقد العراقي"، مؤكدًا أن "هذا الوضع ألقى بظلاله السلبية على الاقتصاد الوطني، وأدى إلى إرباك في حركة الأموال والأعمال".
ودعا الراجحي إلى "ضرورة وجود تنسيق جاد ومسؤول بين الحكومة العراقية والجهات المالية الدولية، خاصة وزارة الخزانة الأمريكية، لضمان حماية الاقتصاد العراقي من مزيد من الاستنزاف والمخاطر"، مبينًا أن "استمرار هذا التراخي في ضبط المنظومة المالية يشكل خطرا جسيما يتطلب معالجة سريعة وجذرية على مستوى السياسات والإجراءات الرقابية".
وفي 19 يوليو/ تموز 2023، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على 14 مصرفا عراقيا، ضمن حملة تهدف إلى كبح تعاملات إيران بالدولار الأمريكي في تلك الفترة.
12 ديسمبر 2024, 20:27 GMT
وشملت العقوبات كلا من مصرف المستشار الإسلامي للاستثمار والتمويل، القرطاس الإسلامي، الطيف الإسلامي، مصرف إيلاف، مصرف أربيل للاستثمار والتمويل، البنك الإسلامي الدولي، مصرف عبر العراق، مصرف الموصل للتنمية والاستثمار، مصرف الراجحي، مصرف سومر التجاري، مصرف الثقة الدولي الإسلامي، مصرف أور الإسلامي، مصرف العالم الإسلامي للاستثمار والتمويل، ومصرف زين العراق الإسلامي.
وسبق هذا الإجراء، في يناير/ كانون الثاني 2023، قيام الخزانة الأمريكية بمنع 4 مصارف عراقية أخرى من الوصول إلى الدولار، بالتنسيق مع البنك المركزي العراقي، كما تم فرض قيود صارمة على التحويلات المالية داخل البلاد، ما أثّر بشكل واضح على نشاط القطاع المصرفي العراقي.
العراق بعيد عن تطور العالم
في غضون ذلك، يرى صاحب أحد المنافذ، حيدر طالب، أن "العراق ما يزال منشغلا بقضايا لا تواكب التطورات الكبرى التي يشهدها العالم، بينما لا تزال الجهات العراقية تتعثر في معالجة قضايا كان من المفترض تجاوزها منذ زمن بعيد، كملف تهريب العملة وتفشي الفساد في المنافذ الحدودية."
ويتساءل طالب، موجهًا كلامه إلى الحكومة ومؤسسات الدولة عن "كيفية استمرار عمليات التهريب في ظل وجود أجهزة أمنية واستخبارية متعددة؟"، مشيرًا إلى أن "بعض المتنفذين ممن يمتلكون السيطرة على المنافذ أو يرتبطون بجهات مسلحة، يملكون القدرة على التلاعب بأنظمة صرف العملة وتهريبها إلى الخارج، بينما المواطن البسيط الذي يعتمد على البطاقات الإلكترونية لتأمين لقمة عيشه، يجد نفسه محروما من خدمات أساسية بفعل قرارات عامة لا تميز بين المخالف وغير المخالف".
وأضاف طالب في حديث لـ"سبوتنيك": "استمرار هذا الواقع من دون حلول فعلية سيفاقم من معاناة المواطنين ويضرب الاقتصاد الوطني"، مشددًا على ضرورة أن "تتحمل وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية العراقية، بما فيها الأمن الوطني وجهاز الأمن القومي، مسؤولياتها بشكل فعّال في ضبط المنافذ وإصدار قوانين حقيقية تحد من عمليات التهريب"، وأشار إلى "وجود شراكات غير معلنة بين بعض المسؤولين السياسيين وبعض العاملين في المطارات والمنافذ الحدودية لتسهيل عمليات تهريب العملة وتبديلها بطرق غير قانونية".
واختتم حديثه: "معالجة هذه الظواهر تتطلب إرادة سياسية حقيقية، وتشريعات صارمة تُطبَّق بعدالة على الجميع، بعيدًا عن نفوذ الجهات المتنفذة، حفاظًا على ما تبقى من الثقة بين المواطن والدولة".
أسباب إيقاف عدد من البطاقات الإلكترونية
في وقت تسارعت فيه عقوبات "الفيدرالي الأمريكي"، استبعد البنك المركزي العراقي، العام الماضي، 4 مصارف أهلية من المشاركة في مزاد بيع العملة، وهي مصرف الأنصاري، مصرف الشرق الأوسط، مصرف القابض، ومصرف آسيا، وذلك استجابة لتحذيرات صادرة عن وزارة الخزانة الأمريكية، التي اتهمت هذه المصارف بالضلوع في عمليات تهريب العملة.
وحول أسباب إيقاف عدد من البطاقات الإلكترونية، قال رئيس رابطة شركات الصيرفة العراقية، ضياء السعدي، لـ"سبوتنيك": "تعود الأسباب إلى 3 اتجاهات رئيسية، أولها يرتبط بكون بعض هذه البطاقات صادرة عن مؤسسات مالية مشمولة بعقوبات من قبل البنك الفيدرالي الأمريكي، وهو ما يؤدي إلى انقطاع الخدمة بشكل تلقائي وفوري نتيجة الربط المباشر مع الأنظمة المالية الدولية".
أما الاتجاه الثاني، بحسب السعدي، "يتعلق بتجاوزات ومخالفات من قبل بعض المستخدمين، حيث تم إيقاف بطاقاتهم لغرض التدقيق والتحقيق، وفي بعض الحالات قد تعاد الخدمة إليهم، بينما في حالات أخرى يتم إيقافها بشكل دائم ويُمنع صاحب البطاقة من الحصول على واحدة جديدة مدى الحياة بسبب طبيعة المخالفة".
24 سبتمبر 2024, 17:32 GMT
ويوضح السعدي أن "التوقفات الأخيرة، التي حصلت خلال يونيو (حزيران الجاري)، تعود إلى تعليمات أصدرها البنك المركزي العراقي في نيسان (أبريل) الماضي، حيث قرر الخروج من دور الوسيط في عمليات الدفع الإلكتروني، وطلب من جميع المؤسسات المالية المعنية، سواء كانت شركات دفع إلكتروني أو مصارف أن تمتلك حسابات مراسلة مباشرة لدى أحد البنوك الأمريكية، وهو ما عدّه خطوة تنظيمية مهمة تهدف إلى حماية النظام المالي العراقي من أي تبعات محتملة أو عقوبات دولية".
وأشار إلى أن "غالبية الشركات استكملت إجراءات فتح الحسابات المراسلة، في حين لا تزال بعض الشركات تعمل على استكمال المتطلبات"، مضيفًا: "هذا التوجه من البنك المركزي يعكس خطوة ذكية رغم ما قد يرافقها من تبعات اقتصادية على المدى القصير، لكنه يصب في مصلحة الاقتصاد العراقي بشكل عام".
وبيّن السعدي أن "البنك المركزي نجح في احتواء الضغط والتدقيق الدولي من خلال نقل المسؤولية إلى الشركات والمؤسسات المالية، لتكون العلاقة مباشرة بينها وبين البنوك المراسلة، وفقًا للمعايير والتدقيقات المعتمدة عالميًا، ما يعزز من متانة الجهاز المصرفي ويقلل من المخاطر المرتبطة بالوساطة".
وعلى صعيد آخر، أعلن البنك المركزي العراقي، في 16 ديسمبر/ كانون الأول 2024، عدم منح رخصة لشركات التداول بالأسهم والمعادن والعملات المشفرة، فيما أشار إلى أنه ماض في اتخاذ كافة الإجراءات القانونية بحق الشركات الوهمية، وسط تحذيرات من وجود شركات وهمية للتداول الإلكتروني بالأسهم تدَّعي أنها مرخصة من قبل البنك، في إشارة إلى أنها وسيلة استخدمت لتهريب الأموال خلال السنوات القليلة الماضية.
