هل تنجح"مفاوضات جنيف" في وقف الحرب السودانية؟

تشهد المرحلة الحالية من الصراع بين قوات الدعم السريع والجيش، العديد من المؤتمرات والمبادرات الإقليمية والدولية لوقف الحرب وإيصال المساعدات الإنسانية بعد تزايد أعداد النازحين نتيجة اتساع رقعة الحرب، آخر تلك التحركات المفاوضات غير المباشرة في جنيف.
Sputnik
ما الذي يمكن أن تقدمه المفاوضات غير المباشرة بين الجيش السوداني والدعم السريع..وهل ذهب الطرفان إلى تلك المفاوضات بنوايا حقيقية لوقف الحرب أم للظهور بمظهر الراغب في السلام أمام العالم؟
بداية، يقول المحلل السياسي السوداني، وليد علي: "إن الأزمة السودانية يلازمها سوء الطالع، حيث أن المبادرات المتعددة أفقدت القضية حضورها الإقليمي والدولي وعوضا عن ذلك أفقدت الشعب السوداني الثقة في أي مبادرة".

تفاوض على استحياء

وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": "إن وفد الجيش وفق المعلومات المتوفرة لدينا والذي تمثله مفوضة الشئون الإنسانية رفض أو تلكأ في الجلوس للتفاوض بعد هجوم قوات الدعم السريع الكبير قبل يومين على مدينة سنار من أربع محاور، و أبدت قيادة الجيش اعتراضها على التفاوض في ظل هذا الهجوم الشرس".
لماذا زار رئيس الحكومة الإثيوبية السودان في هذا التوقيت؟
وتابع علي: "يبدو أن المسهلين للاجتماع في جنيف أو الراعين له قد مارسوا ضغطا كبيرا على الدعم السريع لوقف الهجوم أثناء التفاوض لإنجاح العملية الإنسانية المقصودة من تلك الجلسات غير المباشرة بغرض إيصال المساعدات للمتضررين في مناطق سيطرة طرفي الحرب، وبالفعل بدأت الجلسات بصورة خجولة بعد أن أوقف الدعم السريع الهجوم على سنار منذ الأمس".

الصلاحية والتفويض

وأشار المحلل السياسي إلى أن "وفد الدعم السريع يمثله مجموعة تعتبر من القيادات الرفيعه في المؤسسة إلى حد ما، بينما يمثل وفد الجيش موظفه بدرجة وزير اتحادي ولكن ليس لها أي قدرة على اتخاذ قرارات دون الرجوع لقيادة الجيش السوداني، هذا بالاضافة لغياب الجهات الأمنية المؤثرة الحكومية التابعة للجيش السوداني عن هذا اللقاء، وقد يكون هذا مؤشر على عدم رغبة الجيش في التوصل لحل عبر هذه الاجتماعات، وقد يكون إرساله لهذا الوفد المحدود الصلاحية و التفويض فقط لتفادي الملامة من الأمم المتحدة".
السيسي: مصر لن تألو جهدا لوقف الحرب في السودان
ويكمل علي: "من جانب آخر فإن الدعم السريع يحاول منذ بداية الحرب إظهار جانبه بأنه شديد الالتزام ظاهريا بأي عملية تفاوض، لكن على أرض الواقع فإنه يستمر في ارتكاب انتهاكات مروعة تجاه المدنيين داخل أي نطاق جغرافي يسيطر عليه عسكريا، ويستغل أو يتحجج بعدم جدية الجيش السوداني في التفاوض حتى يظهر نفسه أكثر جدية أمام المجتمع الدولي، ويبدو أن الدعم السريع يهتم فقط بصورته أمام المجتمع الدولي ويعتقد أنه بإظهار هذه الجدية في الحضور قد ينجو من التقارير التي تتهمه بعدد من الجرائم التي يرقى بعضها لمستوى الإبادة العرقية، خاصة في إقليم دارفور".
الجيش السوداني والدعم السريع يتبادلان الاتهامات حول تدمير جسر الحلفايا في الخرطوم

فشل مؤكد

ويؤكد علي: "في ظل هذه التعقيدات التي يعيشها طرفي الصراع، سوف تفشل أي مبادرة بخصوص ملف السودان، وتعتبر هذه التعقيدات سببا في تعدد المبادرات، حيث أن الجهات التي تقترح هذه المبادرات تعتقد أن في قدرتها إحداث اختراق في أحد طرفي الصراع لتجاوز إحدى تعقيداته، لكنها تصطدم بمعضلة أخرى، هذا ما جعل الأمر أشبه بسوق أو بازارات سياسية حول الأزمة السودانية، والسبب الرئيسي لتعدد هذه البازارات هو طرفي الصراع، نظرا لعدم جديتهم في الوصول إلى حل، ويظل الشعب السوداني في انتظار المعجزة".

جنيف وجدة

من جانبه يقول القيادي وعضو المكتب الإعلامي في "المقاومة الشعبية" السودانية، خليل الضو: "في الحقيقة مفاوضات جنيف هي مفاوضات شبه خفية، وموافقة الحكومة السودانية عليها تهدف إلى إرسال رسالة للمجتمع الدولي، حتى لا يفهم بأن حكومة بورتسودان لا تريد سلاما".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": "أساس أي حوار حالي أو قادم سوف يكون "اتفاقيات منبر جدة" غير ذلك سوف يكون مرفوض جملة وتفصيلا، فلا يمكن التحاور مع ميليشيا كل يوم تقتل وتنهب في المواطن السوداني".
"الدعم السريع" تعلن عن ترحيبها بالمحادثات مع الجيش السوداني في جنيف
وتابع الضو: "شروط الاتفاق التي يتمسك بها الجيش مبنية على خروج الميليشيا(الدعم السريع) من المنازل وتسليم العتاد العسكري في معسكرات معينة، وهو ما نصت عليه اتفاقات منبر جدة ولم تقم الميليشيا بتنفيذ أي منها، لذلك لا أرى جدوى من منبر جنيف أو القاهرة أو أديس أبابا".

نوايا معروفة

وأشار الضوإلى أنه وبلا شك "إن أساس حل هذه المعضلة هو خروج الميليشيات من منازل المواطنين التي نزح منها أكثر من 11 مليون مواطن بسبب احتلال الميليشيا لمنازلهم، وسرق ونهب كل ممتلكاتهم"، مشيرا إلى "أن الأغنياء من الشعب بين عشية وضحاها أصبحوا يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، فكيف نتفاوض مع أمثال هؤلاء الذين يحاولون حتى الساعات الماضية الدخول إلى المناطق الآمنة لتهجير المواطنين".
إعلام: رئيس الوزراء الإثيوبي يعلن رغبته في التوسط بين الجيش السوداني و"الدعم السريع"
ولفت الضو: "إلى أنه ما زالت الميليشيا تجلب المرتزقة الأفارقة حتى هذه اللحظة فنواياها تجاه المواطن واضحة جدا، وما دخلت الميليشيا مكان وإلا سرعان ما يُهرول منها المواطن السوداني إلى مناطق سيطرة القوات المسلحة".
كانت قوات الدعم السريع في السودان قد أعربت عن ترحيبها، بدعوة الأمم المتحدة، لإجراء محادثات في العاصمة السويسرية جنيف، مع وفد الجيش السوداني للتشاور حول تسهيل إيصال المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين، في ظل الحرب الدائرة في البلاد، منذ أبريل/ نيسان 2023.
ونقل موقع "الراكوبة" عن "الدعم السريع"، بيانا أكدت فيه وصول وفدها إلى جنيف، لبدء المحادثات من أجل تخفيف المعاناة الإنسانية، التي تواجه الشعب السوداني بسبب الحرب.
يأتي بيان "الدعم السريع" بعدما أعلن الجيش السوداني، الخميس الماضي، صد هجوم لقوات الدعم السريع على مدينة سنار قرب منطقة جبل موية.
وقال الجيش السوداني، في بيان له، إن "أبطال القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى يسطرون أروع الملاحم، و يدحرون ميليشيا آل دقلو الإرهابية ويكبدونها خسائر في الأرواح والعتاد في مدينة سنار".
وفي وقت سابق، دعت الأمم المتحدة كلا من الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، لعقد مفاوضات غير مباشرة بغرض بحث تسهيل وصول المساعدات للمتضررين من القتال وحماية المدنيين.
البرهان: الجيش السوداني يحقق انتصارات قد تكون "غير مرئية للبعض"
وأرسل المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في السودان، رمطان لعمامرة، خطابا إلى رئيس مجلس السيادة الانتقالي والقائد العام للجيش السوداني، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، في 26 يونيو/ حزيران الماضي، مقترحا بإرسال وفد محدود رفيع المستوى إلى جنيف، في 10 يوليو/ تموز الجاري، لبدء نقاشات مع "الدعم السريع" برعاية الأمم المتحدة، وفقا لصحيفة "سودان تريبيون".
ويركز التفاوض على "الإجراءات التي يتعيّن اتخاذها لضمان توزيع المساعدات الإنسانية على جميع السكان السودانيين المحتاجين، إلى جانب بحث الخيارات لضمان حماية المدنيين"، بحسب الخطاب.
وأضاف الخطاب أن "الهدف من هذه المناقشات، هو تحديد سبل التقدم في التدابير الإنسانية المحددة وحماية المدنيين من خلال وقف إطلاق النار المحتمل".
وتستمر المواجهات العسكرية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في العديد من المناطق السودانية، باستخدام أسلحة مختلفة شملت الطائرات المسيرة.
وفجر الأربعاء الماضي، أسقط الجيش السوداني طائرات مسيرة تابعة للـ"دعم السريع" أثناء تحليقها على ارتفاعات منخفضة في أجواء منطقة شندي بولاية نهر النيل، حسبما ذكرت وسائل إعلام سودانية.
وتم إسقاط المسيرات التابعة للـ"دعم السريع" باستخدام المضادات الأرضية، حيث جرى التصدي لها قبل أن تتسبب في أضرار مادية أو بشرية، بحسب الإعلام المحلي.
واندلعت الحرب في السودان، في 15 أبريل/ نيسان 2023، بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي).
مناقشة