مياه الأمطار تغرق الخيام وتعمق معاناة الفلسطينيين في قطاع غزة

يواجه قطاع غزة شكلا جديدا من المعاناة مع هطول الأمطار التي مزقت الخيام الهشة، وتضاعفت آثار المنخفض الجوي على آلاف الأسر الفلسطينية التي فقدت منازلها خلال الحرب، حيث تحولت مخيمات النازحين إلى برك من الطين والماء.
Sputnik
وداخل أحد مخيمات النازحين في مدينة غزة، استيقظ السكان على كارثة جديدة، فمياه الأمطار اقتحمت خيامهم وأغرقت أمتعتهم وجرفتها، كما تسللت المياه إلى أجساد النازحين وأطفالهم، الذين يعيشون فصلا جديدا من المأساة الإنسانية في قطاع ما زال منهكا بما خلفته الحرب الإسرائيلية.
ويحاول النازحون داخل المخيم إنقاذ ما يمكن إنقاذه من الأمتعة قبل أن تتلف من المياه والطين، وداخل إحدى الخيام لم تستطع النازحة عبير المصري منع دموعها وهي تنظر إلى ما أصاب الخيمة الوحيدة التي تؤوي 8 أفراد من عائلتها.
وتقول النازحة عبير المصري والدموع تتساقط من عينيها لوكالة "سبوتنيك": "منذ اليوم الأول للشتاء ونحن نعاني والآن كل شيء غرق بالماء، ويوجد داخل الخيمة مرضى وعدد من أطفالي مصابون ويحتاجون إلى رعاية خاصة، وأنا أحاول من قبل طلوع الشمس السيطرة على المياه ومنعها من دخول الخيمة، لكن جهودي على مدار ساعات لم تمنع غرق الخيمة، بل وغرقت الأمتعة وجميع الملابس، ولا يوجد لدينا بديل، وأرضية الخيمة باتت مثل بركة ماء، ولا يوجد خيمة بديلة وظروفنا صعبة من جميع النواحي".
مياه الأمطار تغرق الخيام وتعمق معاناة الفلسطينيين في قطاع غزة
ويكافح العائدون من جنوبي القطاع بعد توقف الحرب، للصمود فوق ما تبقى من غزة داخل خيام مزقتها ظروف الحرب والنزوح، وقد أقيمت مخيمات للعائلات التي دمرت بيوتها، ولكن مع اشتداد المطر وعدم تهيئة المخيمات لظروف الشتاء القاسية غرقت خيام النازحين، وتسببت الأمطار بتمزيق عدد من الخيام وتدمير جزء من الأمتعة.
مياه الأمطار تغرق الخيام وتعمق معاناة الفلسطينيين في قطاع غزة
وتضيف عبير المصري: "أطالب بكل شيء لأنه لم يبق شيء، ولا يوجد أغطية ولا أمتعة ولا خيمة ولا مكان ولا نعرف أين نذهب، وزاد من معاناتنا المرض والجوع، ومع اشتداد وطأة الأمطار والبرد بتنا نواجه حرب جديدة من المعاناة في مواجهة قسوة فصل الشتاء".
مياه الأمطار تغرق الخيام وتعمق معاناة الفلسطينيين في قطاع غزة
وليس بعيدا عن خيمة عبير المصري، يحاول النازح حسام السويركي مع أطفاله دفع المياه لخارج الخيمة، وقد بدت حالة من التعب على وجوه الأطفال الذين نهشهم البرد منذ ساعات الصباح، ويحاول السويركي تغطية أطفاله بما تبقى من أقمشة جافة، ولكنها لا تدفع عنهم البرد.
مياه الأمطار تغرق الخيام وتعمق معاناة الفلسطينيين في قطاع غزة
ويقول النازح حسام السويركي لـ "سبوتنيك": "لم يعد لدينا مكان نعيش فيه، لقد تمزقت الخيمة بسبب أمطار الشتاء، وكنا من قبل نطالب بوقف الحرب واليوم نواجه حرب أخرى لا تقل قسوة بل وتزيد من معاناتنا التي خلفتها الحرب، وأصبح حلمنا الحصول على شادر أو غطاء يحمينا أو حل يساعدنا على الصمود في وجه الشتاء القاسي، ومنذ ساعات نعمل على دفع المياه خارج الخيمة ويساعدني أطفالي، ولكن ما خلفته المياه دمر الخيمة وحول المخيم إلى بركة من الماء والطين".
مياه الأمطار تغرق الخيام وتعمق معاناة الفلسطينيين في قطاع غزة
ويضيف السويركي: "نحن بحاجة إلى دعم ومساعدة عاجلة، من أجل هؤلاء الأطفال الذين يشعرون بالبرد الشديد في كل وقت، فلم يبق لدينا أغطية ولا أمتعة ولا حتى طعام، ولا شيء نستطيع أن نقاوم به هذا الشتاء، ولا نعرف ماذا نفعل أو كيف سننجو".
مياه الأمطار تغرق الخيام وتعمق معاناة الفلسطينيين في قطاع غزة
وأفادت الأمم المتحدة بأن الأمطار الغزيرة التي هطلت أخيرا في قطاع غزة تسببت في أضرار كبيرة لأكثر من 13 ألف أسرة، وتواجه هذه الأسر ظروفا إنسانية صعبة، خاصة مع قلة المساعدات.
مياه الأمطار تغرق الخيام وتعمق معاناة الفلسطينيين في قطاع غزة
وأعرب المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، عن خشيته أن "آلاف العائلات النازحة أصبحت معرضة بالكامل لظروف الطقس القاسية، مما يزيد من المخاوف المتعلقة بالصحة والحماية"، وذكر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا"، أن "العاملين الإنسانيين في قطاع غزة يقدمون الدعم للنازحين، ويبذلون جهود كبيرة للتخفيف من تأثير الأمطار على النازحين في جميع مناطق القطاع".
مياه الأمطار تغرق الخيام وتعمق معاناة الفلسطينيين في قطاع غزة
وتقول النازحة أم محمد عبد العال: "هذه خيمتي التي صمدت منذ عامين، وقد نزحت أكثر من مرة مع عائلتي خلال الحرب، واليوم هذه الخيمة تمزقت، ولم يعد لتسعة أفراد مأوى يعيشون فيه، ولا يوجد ملابس للأطفال تحميهم من برد الشتاء، ومنذ 8 أشهر لم يصلنا دعم أو مساعدة كبيرة، وكما ترى المنقطة هنا أصبحت مدمرة والمياه في كل مكان، وخيمتي يجب تغيرها الآن، ولا نعرف كيف نستطيع تأمين واحدة أخرى أو هل سيتم مساعدتنا بالحصول على خيمة جديدة".
مياه الأمطار تغرق الخيام وتعمق معاناة الفلسطينيين في قطاع غزة
وبالنسبة للنازح محمد الشريف، يؤكد أنه "لم تعد الخيمة صالحة للسكن، واضطر لإيواء أطفاله في المسجد القريب من المخيم"، وعندما اقتحمت عدسة "سبوتنيك" خيمته الغارقة تساءل: "أين سأنام أنا وعائلتي بعد اليوم؟"، وأضاف: "المياه في كل مكان ولا نستطيع السيطرة عليها، حتى ملابسي اخترقتها المياه، وقد بدلتها 4 مرات منذ الصباح، وطبعا خسرنا الأمتعة والطعام وكل شيء، وهذا حالنا مع فصل الشتاء".
مياه الأمطار تغرق الخيام وتعمق معاناة الفلسطينيين في قطاع غزة
ويعد المنخفض الجوي الأخير على قطاع غزة اختبارا لواقع جديد يزداد صعوبة في فصل الشتاء، ويغرق المزيد من أحلام الفلسطينيين بالنجاة واستعادة من تبقى حياة بعد توقف الحرب.
مياه الأمطار تغرق الخيام وتعمق معاناة الفلسطينيين في قطاع غزة
ويضيف النازح شادي أبو حمام: "نحن لا نعيش هنا، فلا توجد حياة وفي كل دقيقة نموت، وخيمتي الآن مليئة بالمياه والطين، ونريد مكان أفضل، لقد تعبنا من الظروف الصعبة المستمرة".
ويعاني قرابة 1.5 مليون فلسطيني في قطاع غزة وفق تقديرات المكتب الإعلامي الحكومي، من أوضاع إنسانية مأساوية وخطيرة، نتيجة انعدام مقومات الحياة وصعوبة الحصول على المساعدات والمستلزمات الأساسية ونقص الخدمات الحيوية بسبب استمرار الحصار الإسرائيلي على القطاع.
مناقشة