كما يشارك عدد من رؤساء المنظمات الإقليمية، للبناء على الزخم الذي تم إرساء دعائمه خلال المؤتمر الوزاري الأول الذي عقد في مدينة سوتشي الروسية في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، حيث ستركز النسخة الثانية من المؤتمر الوزاري على قضايا التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثمار، ودعم الاستقرار والسلم والأمن وتحقيق التنمية.
وقال خبراء إن المؤتمر يمثل فرصة مهمة، لتعزيز الشراكة بين روسيا والدول الأفريقية في ظل التنافس الكبير بين الدول العظمى تجاه أفريقيا.
من ناحيته قال الخبير الاقتصادي المغربي، أوهادي سهيد، إن روسيا شريكا لأفريقيا إذ بلغت المبادلات التجارية بين روسيا وأفريقيا خلال سنة 2024، قرابة 25 مليار دولار.
وأضاف في حديثه مع "سبوتنيك"، أن الصادرات الروسية إلى أفريقيا تجاوزت 21 مليار دولار، وهو رقم متواضع بالمقارنة مع المبادلات التجارية الأفريقية الأوروبية التي تجاوزت في الفترة نفسها 350 مليار دولار.
وأشار الخبير إلى ارتفاع المبادلات بين روسيا وأفريقيا بنحو 10%، وتشمل الطاقة خصوصا النفط والغاز بالإضافة إلى الطاقة النووية، والمواد الزراعية خصوصا الحبوب، والتكنولوجيات الحديثة خاصة البنيات التحتية والسكك الحديد والاتصالات.
وتابع: "في إطار تنويع الشركاء تقوم الدول الأفريقية لتوحيد علاقاتها الاقتصادية مع روسيا، التي تعتمد على أسعار تفضيلية ، فضلا عن أن العلاقات تقوم على المصالح المشتركة دون إملاء لشروط معقدة كما تفعل دول الاتحاد الأوروبي.
وشدد على أن أن روسيا لا تتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأفريقية، ما يجعل التعاون الدبلوماسي سلسا ومفيدا للطرفين.
واستطرد: "يعد الاجتماع الوزاري الثاني بين روسيا وأفريقيا مناسبة مهمة للوقوف عند النتائج المحققة سلفا والتفكير جماعة في كيفية تطوير العلاقات الاقتصادية، في ظل حاجة روسيا إلى تمويلها للحرب مع أوكرانيا ورغبة الأفارقة لتحقيق توازن استراتيجي مع القوى العالمية وتحقيق الأمن الغذائي والاستفادة، من التجربة الروسية في مجالات عديدة وابتكار أساليب تمويلية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية بدول أفريقيا مع احترام لسيادتها".
ويرى أنه من المرتقب أن تستفيد الدول الأفريقية من التنافس القوي بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وروسيا والصين والقوى الصاعدة الأخرى كالهند وتركيا وإيران.
من ناحيته أكد الخبير الاقتصادي المغربي، رشيد ساري، أن العلاقات الروسية الأفريقية تمر بمرحلة مفصلية تتجاوز البروتوكولات الدبلوماسية لتصل إلى بناء شراكات استراتيجية عميقة ومستدامة، مشيرا إلى أن منتدى "روسيا-أفريقيا" يعكس رغبة مشتركة في صياغة نظام اقتصادي عالمي متعدد الأقطاب.
وأضاف ساري في حديثه مع "سبوتنيك"، أن قضية الأمن الغذائي تتصدر أولويات التعاون، خاصة في ظل التقلبات المناخية التي تشهدها القارة السمراء، ما جعلها من كبار مستوردي الأسمدة والحبوب الروسية. وأشاد بالدور الروسي في دعم الدول الهشة عبر تقديم شروط تفضيلية لتصدير القمح والحبوب.
أما في قطاع الطاقة، فقد أشار الخبير إلى آفاق واسعة للتعاون في مجالات النفط والغاز وتكريرهما، بالإضافة إلى المشاريع النووية السلمية. وسلط الضوء على التجربة الناجحة لمحطة "الضبعة" في مصر بالتعاون مع شركة "روساتوم"، والتي تفتح فرصاً هائلة لإنتاج الكهرباء وتطوير الشبكات في القارة.
توسيع مجالات الشراكة
وعدّد ساري قطاعات أخرى واعدة للتعاون المشترك، تشمل:
التعدين والمعادن الاستراتيجية.
البنية التحتية واللوجستيك.
التعليم والتكنولوجيا: عبر بناء شبكات من الكفاءات الأفريقية المتخرجة من الجامعات الروسية.
أرقام ومؤشرات اقتصادية
كشف ساري أن حجم التبادل التجاري بين الجانبين وصل إلى 24.5 مليار دولار في عام 2024، وهو المستوى الأعلى في تاريخ العلاقات الثنائية.
الصادرات الروسية نحو أفريقيا: بلغت حوالي 21.2 مليار دولار (أغلبها مواد زراعية، أسمدة، منتجات طاقة ومعادن).
الواردات الروسية من أفريقيا: تشمل المعادن، المنتجات الزراعية والمواد الأولية، مع ملاحظة وجود عجز تجاري لصالح روسيا تسعى الدول الأفريقية لتقليصه عبر تنويع الشراكات.
وأكد رشيد ساري أن مشاركة أكثر من 47 دولة أفريقية في المنتدى تعكس رغبة واضحة في تنويع الشركاء الدوليين، وأننا أمام تعددية قطبية اقتصادية غير متناظرة؛ فبينما تظل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والصين أقطابا كبرى، تبرز روسيا كلاعب نوعي في قطاعات السلاح، الغذاء، الطاقة، والنووي المدني.
وأشار ساري إلى أن أفريقيا اليوم تبحث عن تعزيز سيادتها الاقتصادية من خلال صفقات تحقق لها شروطا أفضل، وأن التقارب مع أقطاب مثل روسيا والصين (عبر تجمعات كـ "بريكس") يمنح الدول الأفريقية هامشا أكبر للمناورة في الاقتصاد العالمي الجديد.
وفي وقت سابق، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، إن المؤتمر الوزاري الثاني بين روسيا وأفريقيا في العاصمة المصرية سيوفر زخما إضافيا لتطوير العلاقات الروسية- الأفريقية.
وأضافت زاخاروفا في إحاطة صحفية، الخميس الماضي: "المؤتمر الوزاري الروسي -الأفريقي في مصر، سيكون أول حدث من نوعه على الأراضي الأفريقية. وتم توجيه الدعوة إلى كل وزراء الخارجية، والدول والهيئات التنفيذية لتجمعات التكامل في القارة. ويهدف هذا الاجتماع إلى إعطاء دفعة إضافية لتطوير الشراكة الروسية الأفريقية".
وأكدت زاخاروفا أن اللقاء يهدف إلى إعطاء دفعة إضافية قوية لتطوير الشراكة الروسية -الأفريقية، وسيسهم في تعزيز التعاون الروسي مع القارة، وسيسمح بمقارنة وجهات النظر حول القضايا الملحة على جدول الأعمال الروسي الأفريقي.