عملية نوعية خلف الخطوط... الاستخبارات العراقية تضرب "داعش" في سوريا... فيديو

في وقت تتشابك فيه خرائط الصراع وتتصاعد فيه نيران الحروب الإقليمية، اختارت بغداد أن تتحرك بـ"صمت قاتل" خارج حدودها، لتوجّه ضربة استخبارية دقيقة في عمق الأراضي السورية.
Sputnik
عملية مشتركة، تتجاوز بعدها العسكري، لتكشف حجم التنسيق الخفي بين العراق والتحالف الدولي، وتبعث برسالة حاسمة أن معركة العراق مع الإرهاب لم تنته بعد، وأن أمنه لن يترك رهينة لفراغ أو انسحاب قد يعيد شبح "داعش" (منظمة إرهابية محظورة في روسيا ودول عدة) إلى الواجهة من جديد، على حد قول المراقبين.
وقبل أيام قليلة، أعلنت قيادة العمليات المشتركة تنفيذ عملية أمنية نوعية خارج حدود العراق، تمثلت بإنزال جوي داخل الأراضي السورية، أسفرت عن إلقاء القبض على مطلوبين للقضاء العراقي.

وذكرت خلية الإعلام الأمني في العراق، في بيان، أن "العملية نفذت من قبل خلية الصقور الاستخبارية التابعة لوكالة الاستخبارات والتحقيقات الاتحادية في وزارة الداخلية، وأسفرت عن اعتقال هدفين مهمين مطلوبين للقضاء العراقي، وذلك بالتنسيق مع القوات الأمنية السورية، وبإسناد فني ودعم من التحالف الدولي".

الألغام الصامتة... الموت المختبئ تحت أرض العراق
وأوضح البيان أن "العملية جرت بتوجيه ومتابعة مباشرة من القائد العام للقوات المسلحة، حيث نفذت قوة محمولة جوا إنزالا دقيقا شمال شرقي سوريا، نجحت خلاله في الوصول إلى الهدفين المحددين وإلقاء القبض عليهما"، دون الإشارة إلى وقوع خسائر.

قدرة وجاهزية القوات العراقية

وقال الخبير في الشؤون الحربية صبحي البدري، في حديث لـ"سبوتنيك"، إن "العملية التي نفذتها القوات العراقية، بالتنسيق مع التحالف الدولي وبموافقة الجانب الأمريكي ضد تنظيم "داعش"، وأسفرت عن مقتل عدد من عناصر التنظيم، تمثل رد فعل حاسما وإيجابيا على جرائم التنظيم، ولا سيما بعد تورطه بقتل شهود أمام قياداته".

وأوضح البدري أن "نجاح عملية الإنزال يعكس مستوى عاليا من الجاهزية والكفاءة لدى القوات العراقية، وقدرتها على تنفيذ عمليات نوعية خارج الحدود عند الضرورة"، مشيرًا إلى أن "ذلك يعد مؤشرًا مهمًا على الاستعداد الاستباقي لمواجهة العدو قبل انتقاله إلى مناطق أخرى داخل العراق أو خارجه".

هجرة بلا نهاية... لماذا تستمر مغادرة مسيحيي العراق رغم تحسن الأمن؟
وأضاف البدري أن "رد الفعل لم يكن إيجابيا فحسب، بل يحمل دلالات أوسع، من بينها التزام التحالف الدولي بالاتفاقات المبرمة مع الحكومة العراقية، والتنسيق العالي في تنفيذ العمليات المشتركة، بما يؤكد قوة الشراكة الأمنية بين الطرفين".

ووفقا للبدري، فإن لهذه العملية مردودًا إيجابيًا على أمن المنطقة، ولا سيما في سوريا، لافتًا إلى أن "الخبرة العراقية المتراكمة في مجال محاربة تنظيم "داعش" تعد عنصرا أساسيا في تعزيز الاستقرار، والقوات العراقية باتت قادرة على إدارة هذا الملف بكفاءة عالية".

وختم بالقول إن "القوات العراقية تعمل ضمن سيطرة وانضباط كاملين، وإن الجانب الأمريكي يدرك جيدا حجم الإمكانيات المتوفرة لديها، وخبرتها في ملاحقة الخلايا الإرهابية وتجفيف منابعها".
الرئيس العراقي يؤكد أهمية تكثيف المشاورات لاستكمال تشكيل الحكومة
ويتقاسم العراق وسوريا حدودا تمتد لأكثر من 600 كيلومتر، ورغم هذا القرب الجغرافي، بقيت العلاقات بين البلدين تشهد توترات متقطعة نتيجة تعارض المصالح وتباين الأولويات السياسية، إلا أن التحديات الأمنية المشتركة والتغيرات الإقليمية المتسارعة باتت تدفع الطرفين إلى إعادة النظر في فرص التنسيق والتعاون.

العملية تعكس عمق التنسيق الاستخباري

إلى ذلك، قال الصحفي الدولي بزورك محمد، إن "العملية الأخيرة التي نفذتها الأجهزة الاستخبارية العراقية بالتعاون والتنسيق الوثيق مع قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، وداخل الأراضي السورية، تعكس مستوى متقدما من الترابط في العقيدة الاستخبارية والعسكرية بين بغداد وواشنطن".

وأوضح محمد، في حديث لـ"سبوتنيك"، أن "هذه العملية تحمل رسالة واضحة مفادها أن أي تراجع أو انسحاب غير محسوب قد يخلق مخاطر حقيقية تهدد الأمن والاستقرار في العراق، رغم النجاحات التي حققتها الحكومة العراقية في الحفاظ على الاستقرار الداخلي، ولا سيما خلال عام يعدّ من أكثر الأعوام حساسية في ظل الصراعات الإقليمية المتصاعدة والحروب المتكررة في المنطقة، خاصة التوتر بين إسرائيل وإيران".

الجيش العراقي يؤكد التنسيق الوثيق مع سوريا لملاحقة الإرهابيين وتبادل المعلومات
وأشار إلى أن "الحكومة العراقية نجحت إلى حد كبير في إبعاد البلاد عن تداعيات تلك الصراعات، إلا أن خطر التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها تنظيم "داعش"، لا يزال يشكل تهديدا مباشرا للأمن والاستقرار، ما يستدعي استمرار العمليات الأمنية والعسكرية الاستباقية".

وبحسب محمد، فإن القوات العراقية، بما فيها طيران الجيش، ما زالت تواصل ضرباتها الجوية الدقيقة لاستهداف ما تبقى من فلول تنظيم "داعش" في المناطق الغربية من البلاد، خصوصا في محافظة الأنبار، التي لا تزال تضم بعض المعاقل النشطة للتنظيم.

وأضاف أن "الحكومة العراقية، وضمن إطار الاتفاقيات الأمنية القائمة، حققت نجاحات مهمة في تقليص حجم المخاطر الإرهابية، من خلال تنفيذ عملية إنزال جوي مشتركة مع القوات الأمريكية داخل الأراضي السورية، وتحديدا في منطقة تبعد نحو 60 كيلومترا جنوب محافظة الحسكة، أسفرت عن إلقاء القبض على عنصرين قياديين بارزين في تنظيم "داعش".
مستشار الأمن القومي العراقي: ندعم أمن واستقرار سوريا.. وضرورة الحفاظ على وحدتها وسيادتها
وختم محمد، بالقول إن "هذه العملية تؤكد استمرار النهج العراقي القائم على الضربات الاستباقية، والتنسيق الدولي الفاعل، لضمان أمن العراق ومنع عودة التنظيمات الإرهابية إلى المشهد".

وفي مارس/ آذار الماضي، عززت قيادة قوات حرس الحدود العراقية من وجودها العسكري على امتداد الشريط الحدودي مع سوريا، في إطار الجهود الرامية إلى منع أي عمليات تسلل أو خروقات أمنية.

وذكرت القيادة، في بيان، أن وحداتها "تواصل تنفيذ مهامها الأمنية على الحدود الممتدة من ربيعة إلى الوليد، من خلال انتشار ميداني مكثف ودوريات متواصلة على مدار الساعة، مدعومة بمنظومة تحصينات متطورة واستعداد قتالي عالٍ"، مبيّنة أن "المنطقة الحدودية بين العراق وسوريا، تشهد حاليًا استقرارًا أمنيًا ملحوظًا، دون تسجيل أي محاولات تسلل أو تهديدات تذكر".
الألغام الصامتة... الموت المختبئ تحت أرض العراق
الاستخبارات العراقية تعلن تنفيذ عملية ناجحة في سوريا
مناقشة