إظهار القوة
كانت دريسدن سابع أكبر مدينة ألمانية قبل الحرب العالمية الثانية، وعاش فيها 650 ألف شخص. ولم تتعرض دريسدن إلى أي هجوم جوي في بداية الحرب، إذ لم توجد فيها منشآت عسكرية عدا مصنع الأقنعة الواقية ومعمل البصريات. وفي نهاية الحرب تدفق إليها الهاربون من القنابل البريطانية والأمريكية، معتبرين دريسدن مدينة آمنة لاحتوائها على وفرة من التحف المعمارية. وازداد عدد سكانها بحوالي 200 ألف شخص.
وقيل في رواية رسمية إن دريسدن أصبحت هدفا للقصف الجوي لوجود منشآت النقل التي يمكن أن يستخدمها الجيش الألماني.
وكان هناك سبب آخر يتعلق بتقدم القوات الروسية (السوفيتية) نحو العاصمة الألمانية برلين، كشف عنه بيان التعليمات للطيارين العسكريين الانجليز. وجاء فيه ان الهدف من الهجوم، إلى جانب توجيه الضربة الموجعة للعدو، إظهار قوة سلاح الجو الملكي البريطاني للروس.
ويرى بعض المؤرخين أن الهدف من الهجوم على دريسدن تدمير البنى الأساسية حتى لا تستفيد منها القوات السوفيتية التي اقتربت من مدينة دريسدن.
العاصفة النارية
وكانت بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية تملكان أسطولا كبيرا من قاذفات القنابل ولم تخجلا من استخدامه وفقا لتكتيك يزيد فعالية الهجوم الجوي باستخدام القنابل الحارقة التي تتسبب في إعصار ناري تصل حرارته إلى 1500 درجة مئوية.
وهاجمت حوالي 800 طائرة قاذفة بريطانية من طراز "أفرو لانكاستر" و311 طائرة أمريكية من طراز "بي-17" مدينة دريسدن. وألقت الطائرات البريطانية 1478 طنًّا من القنابل الشديدة الانفجار و1182 طنا من القنابل الحارقة على المدينة النائمة لتُحدث إعصارا ناريا، ثم ألقت الطائرات الأمريكية 771 طنا من القنابل في يوم 14 فبراير، و466 طنا في اليوم التالي.
وقالت مارغاريت فراير، وهي من سكان دريسدن، عن قصف مدينتها "إن كل شيء حوْلي تحوَّل إلى جحيم".
وقتلت نار الجحيم 25 ألف شخص حسب تقديرات المؤرخين الألمان. ومات الكثيرون بسبب نقص الأوكسجين.
مدينة الأنقاض
ووفقا لتقدير أعدته شرطة دريسدن بعد أن انتهت الطائرات البريطانية والأمريكية من إلقاء القنابل، تم تدمير 78 ألف دار سكنية تدميرا كاملا بالإضافة إلى العديد من المباني الأخرى غير السكنية منها 50 مبنى تاريخيا.
واعتبر بعض الشخصيات الاجتماعية منهم الكاتب الألماني الحائز على جائزة نوبل، غونتر غراس، قصف دريسدن بمثابة جريمة الحرب. وأشار الصحفي الأمريكي كريستوفر هيتشينس إلى أن الهدف من الهجوم الجوي على دريسدن تدريب الطيارين على إلقاء القنابل. ووصف المؤرخ الألماني يورغ فريدريخ قصف دريسدن بالعملية الإرهابية.