لقاء مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة مع "سبوتنيك"
في الأول من يوليو/ تموز المقبل، ستتولى روسيا الاتحادية رئاسة مجلس الأمن الدولي لمدة شهر.
Sputnikفي هذا السياق، تحدث المندوب الروسي الدائم لدى المنظمة، فاسيلي نيبينزيا، لـ"سبوتنيك"، عن المواضيع ذات الأولوية بالنسبة لروسيا، وعن الضمانات التي ستطلبها موسكو في حالة المفاوضات بشأن أوكرانيا، وآفاق المحادثة مع نظام زيلينسكي، والرد على مصادرة الأصول الروسية، فضلا عن مسألة قبول فلسطين في الأمم المتحدة.
ما هي المواضيع التي ستخصص لها الاجتماعات الرئيسية لمجلس الأمن الدولي برئاسة روسيا في يوليو المقبل؟ ما هي الأحداث الجانبية المتوقعة؟
خلال رئاستنا، نخطط لثلاثة أحداث رئيسية. أولا، هناك مناقشة مفتوحة حول التعاون المتعدد الأطراف لبناء نظام عالمي أكثر عدلا وديمقراطية واستدام. وهذا نوع من الاستمرار في المناقشة التي بدأت تحت الرئاسة الروسية، في أبريل (نيسان) من العام الماضي. إذا كنتم تتذكرون، فقد ناقش أعضاء الأمم المتحدة، بمبادرتنا، في شكل نقاش مفتوح، سبل تعزيز تعددية الأطراف الفعالة من خلال دعم أهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة. أثار طرحنا اهتمامًا كبيرًا، وتبين أن المحادثة كانت مفيدة للغاية.
فاسيلي نيبينزيا
مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة
وأضاف: "خططنا لهذا العام، نود أن نقترح مناقشة ما ينبغي أن تكون عليه معايير النظام العالمي العادل حقا، الذي تؤخذ فيه مصالح جميع الدول في الاعتبار، والمساهمة المحتملة للأمم المتحدة في بنائه، وسبل استعادة جو من الثقة والتعاون البناء في المنظمة العالمية، فضلاً عن "معادلة أمنية" عالمية جديدة محتملة".
وأشار إلى أن "الحدث الرئيسي الثاني فهو إجراء مناقشة مفتوحة حول قضايا التسوية في الشرق الأوسط، في 17 يوليو (المقبل). ليست هناك حاجة للتعليقات هنا. وللأسف، لا توجد مؤشرات حتى الآن على أن التركيز سيكون على موضوع آخر غير التصعيد المستمر في غزة وعواقبه الكارثية".
وأوضح أنه "من المتوقع أن يترأس وزير الخارجية، سيرغي لافروف، كلا الاجتماعين، يومي 16 و17 يوليو(المقبل)".
وتابع: "في 19 يوليو، سيكون الحدث الرئيسي الثالث هو المناقشة حول تعاون الأمم المتحدة مع المنظمات الإقليمية، وبالتحديد منظمات معاهدة الأمن الجماعي ورابطة الدول المستقلة ومنظمة شنغهاي للتعاون، وهذا موضوع ساخن، حيث تقوم هذه المنظمات بالكثير من الأعمال المفيدة في المنطقة، والتي لا تحظى دائمًا بالتغطية المناسبة على منصة الأمم المتحدة، على النقيض من الاتحاد الأوروبي، على سبيل المثال، الذي لا يتردد في الانخراط في الترويج الذاتي النشط، على الرغم من أن مساهمته الحقيقية في تعزيز السلام والأمن الدوليين، خاصة في سياق الأزمة الأوكرانية، موضع شك".
وردا على سؤال "سبوتنيك"، هل ستأخذ موسكو نتائج المؤتمر حول أوكرانيا في سويسرا في الحسبان بطريقة أو بأخرى؟ هل مارس الغرب ضغوطا على دول الجنوب العالمي على منصة الأمم المتحدة من أجل جلب أكبر عدد ممكن من الضيوف إلى هذا المؤتمر؟ هل يمكن اعتبار هذا المؤتمر فاشلاً بالنظر إلى عدد الدول التي رفضت المشاركة فيه؟
الحدث الذي بادرت إليه سويسرا من قبل واضعيه على أنه "مؤتمر سلام". وهذه محاولة أخرى للتضليل. يحاول الغرب بكل الوسائل المتاحة جر دول الجنوب العالمي إلى "اجتماع" معادٍ لروسيا، ومن المفترض أن يكون لهذا الحدث جدول أعمال "بنّاء"، في حين أن الهدف الرئيسي من الناحية العملية هو تقديم إنذار نهائي لروسيا في شكل ما يسمى "خطة السلام"، التي وضعها فلاديمير زيلينسكي.
وتابع: "قد تحدث عنها صراحةً في مقابلاته الأخيرة. ومن الواضح أن هذا ما يراهنون عليه. شركاؤنا في الأمم المتحدة يفهمون ذلك أيضًا. يقابل بعضهم هذه السياسة بعدم الفهم على الأقل، بينما يصفها بعضهم الآخر بالغباء والنفاق الصريح. وفي الوقت نفسه، لا يخفى على أحد أن محادثات السلام من دون روسيا هي طريق إلى المجهول ولن يكون من الممكن حل النزاع دون مشاركتنا".
وأوضح أن "الغرب الجماعي يلوي بعنف أذرع دول الجنوب لإجبارها على حضور الاجتماع في بورغنستوك. ومن المعروف أن النظام الداخلي لهذا الحدث ينص على أن يلقي رئيس الوفد كلمة لمدة دقيقتين، وهذا يعني شيئًا واحدًا فقط، تحت ستار المشاركة في صياغة مبادرات السلام، يُطلب من البلدان النامية في الواقع أن تتصرف كجهات إضافية، وكل ما عليهم فعله هو أن يصادقوا على إنذار نهائي متفق عليه مسبقا".
وأشار إلى أنه بالإضافة إلى "صيغة زيلينسكي"، تم طرح مبادرات أخرى أكثر جدارة بالملاحظة لحل الأزمة.
وردا على سؤال "سبوتنيك"، يدرك الجميع أن الصراع في أوكرانيا سينتهي عاجلاً أم آجلاً بالمفاوضات. فمن الذي ينبغي له أن يتخذ الخطوة الأولى نحو المفاوضات، كييف أم واشنطن؟ هل سيكون من الضروري تسجيل الاتفاقيات في الأمم المتحدة على شكل قرار لمجلس الأمن؟
أجاب نيبينزيا: "لقد أكدنا، مراراً وتكراراً، استعدادنا للحوار، وهذه ليست مجرد بيانات ذات طبيعة إعلانية، ففي أبريل (نيسان) 2022، وقّع مفاوضونا بالأحرف الأولى على اتفاقيات إسطنبول، ووقعها أيضاً رؤساء الوفد الأوكراني". وفقا له، من الواضح أن "رعاة" كييف الأنجلوسكسونيين لم يكونوا في حاجة إلى مثل هذا النهج السريع للتوصل إلى تسوية سلمية، وقد فعلوا كل شيء لمنع ذلك.
وأضاف نيبينزيا: "شاهد الجميع مقابلة زعيم فصيل "خادم الشعب" في البرلمان الأوكراني، ديفيد أراهاميا، الذي ترأس الوفد الأوكراني في إسطنبول. قال مباشرة، إن كل شيء كان جاهزًا، ولكن جاء بوريس جونسون (رئيس الوزراء البريطاني السابق)، وقال إنه من الضروري مواصلة القتال. الاستنتاج المنطقي الوحيد الذي توصلنا إليه، نتيجة لذلك، هو أن نظام زيلينسكي، غير قادر على التفاوض".
وأؤكد نيبينزيا أنه "عندما يكون شركاؤنا السابقون مستعدين للمفاوضات، فإن موقفنا سيبقى دون تغيير، فنحن بحاجة إلى ضمانات واضحة بشأن وضع أوكرانيا المحايد وعدم الانحياز والاعتراف بالحقائق على الأرض".
وفي مايو/ أيار الماضي، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً "بشأن الإبادة الجماعية في سريبرينيتسا"، إذ قال نيبينزيا إن هذه الخطوة فتحت "صندوق باندورا" (صندوق الشر)، وقد تظهر هذه الوثيقة قرارات أخرى بشأن الإبادة الجماعية.
وأشار نيبينزيا إلى أن أحد "الراعي الرئيسيي لهذه الوثيقة المثيرة للجدل كانت ألمانيا".
وأجاب نيبينزيا، متحدثا لـ"سبوتنيك"، ردا على سؤال عما إذا كانت روسيا لديها أي خطط لتقديم قرار إلى الجمعية العامة بشأن الإبادة الجماعية للشعب السوفيتي خلال الحرب العالمية الثانية: "إن اتخاذ القرار بشأن سريبرينيتسا، كان سابقة ستؤثر بالتأكيد على المزيد من المناقشات بشأن الاعتراف بالمآسي التاريخية الأخرى باعتبارها أعمال إبادة جماعية".
أوصت الجمعية العامة مجلس الأمن بالعودة إلى النظر في مسألة قبول فلسطين في الأمم المتحدة. متى سيبدأ مجلس الأمن في القيام بذلك، وهل هناك أي فرصة لقبول دولة فلسطينية في أسرة الأمم المتحدة هذا العام؟
أجاب نيبينزيا: "نحن مقتنعون بأن عضوية فلسطين في الأمم المتحدة، ستساعد في إطلاق عملية مفاوضات متساوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، حول مجموعة من قضايا الوضع النهائي، والتي ستكون نتيجتها إنشاء دولة فلسطينية داخل حدود عام 1967،
وعاصمتها القدس الشرقية".
وأشار، بالقول: "نعتقد أن المبادرة في هذا الأمر كانت وستبقى مع الفلسطينيين، ونحن على استعداد دائم لدعمهم. ومع ذلك، اسمحوا لي أن أذكركم أنه في 18 أبريل (نيسان الماضي)، استخدمت الولايات المتحدة بمفردها حق النقض ضد مشروع قرار مجلس الأمن ذي الصلة، ثم هددت بعد ذلك بفعل الشيء نفسه إذا أعيد النظر في هذه القضية في المجلس".
وأوضح أنه "حسب الفهم الأمريكي، ينبغي حل مسألتي الاعتراف بفلسطين وقبولها في الأمم المتحدة من خلال المفاوضات المباشرة مع إسرائيل. وفي الوقت نفسه، نسفت الولايات المتحدة نفسها هذه القضايا من خلال فرض نهج أحادي الجانب، متجاوزة الأساس القانوني الدولي المعترف به عالمياً بصيغة الدولتين، التي أقرها المجتمع الدولي".
ومضى، قائلا: "لقد طال انتظار تصحيح الظلم التاريخي المتمثل في حصول دولة على العضوية في الأمم المتحدة عام 1948، بينما حُرمت دولة أخرى من هذا الحق القانوني لثلاثة أرباع القرن، ونحن مقتنعون بأن عضوية فلسطين في الأمم المتحدة ستساعد على إطلاق عملية تفاوضية على قدم المساواة بين الفلسطينيين والإسرائيليين حول مجموعة من قضايا الوضع النهائي، تكون نتيجتها إقامة دولة فلسطينية على أساس حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، تتعايش بسلام وأمن مع إسرائيل، وفق القرارات القانونية الدولية المعتمدة".
وأجاب نيبينزيا، على السؤال التالي: يعلن بعض ممثلي المعسكر الغربي للدول عن إعداد بعض الآليات البديلة لفريق خبراء لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن الدولي بشأن كوريا الديمقراطية. هل تعرف ماذا يريدون أن يقدموا؟ هل هذا يناسب روسيا؟، قائلا:
روسيا لن تسمح بإعادة آلية فرض القيود على بيونغ يانغ في مجلس الأمن الدولي، على غرار فريق خبراء لجنة العقوبات.
ومنعت روسيا، في 28 مارس/ آذار الماضي، اعتماد مشروع قرار أمريكي في مجلس الأمن الدولي، يقضي بتمديد عمل لجنة مجلس الأمن رقم 1718 بشأن العقوبات
ضد كوريا الشمالية، لمدة عام واحد.
وردا على السؤال التالي: الغرب لا يتوقف أبدا عن مناقشة احتمالات مصادرة الأصول الروسية أو الأرباح منها. إذا اتخذت الدول الغربية مثل هذه الخطوة، فما هي الآليات التي ستستخدمها موسكو، وما هي المحاكم التي ستلجأ إليها؟
أجاب نيبينزيا: "نعتبر أي أفكار لمصادرة الأصول الروسية أو الأرباح الناتجة عنها انتهاكا صارخا لمبادئ وقواعد القانون الدولي، بما في ذلك مبدأ المساواة في السيادة بين الدول وما يترتب على ذلك من حصانة لممتلكات الدولة وأصولها. وإذا انتقلت الدول الغربية من التهديد إلى العمل، فسوف يتم استخدام كافة الأدوات المتاحة لحماية حقوق روسيا ومواطنيها".
أرسل مكتب المدعي العام لروسيا الاتحادية طلبات إضافية إلى الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وقبرص، فيما يتعلق بالهجمات الإرهابية على أراضي روسيا الاتحادية، بما في ذلك خطوط أنابيب الغاز "نورد ستريم". هل تخطط روسيا للذهاب إلى المحكمة فيما يتعلق بفشل هذه الدول في الالتزام بالاتفاقية الدولية لقمع الهجمات الإرهابية بالقنابل، فضلاً عن اتفاقية قمع تمويل الإرهاب؟
أجاب مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة: "نشير بانتظام إلى أن بعض الدول تسيّس جوانب التعاون الدولي في مجال مكافحة الإرهاب، ولا سيما فيما يتعلق بالمساعدة القانونية المتبادلة في المسائل الجنائية وتسليم المجرمين، فالاتفاقيات الدولية ذات الصلة، بما في ذلك الاتفاقيات التي ذكرتموها، وكذلك أحكام قرارات مجلس الأمن، تلزم الدول بأن تقدم لبعضها بعضا أكبر قدر ممكن من المساعدة فيما يتعلق بالتحقيقات الجنائية أو في سياق الإجراءات المتعلقة بتمويل أو دعم الأعمال الإرهابية، بما في ذلك المساعدة في الحصول على الأدلة. وأؤكد أن هذه التزامات قانونية دولية تقع على عاتق الدول، ويترتب على عدم الوفاء بها مسؤولية قانونية دولية وسيكون ذلك حاسماً في تحديد مسار أعمالنا في المستقبل".
سمح الغرب لكييف علانية باستخدام الأسلحة الغربية الموردة ضد أهداف على الأراضي الروسية. ما هي الخطوات التي يمكن أن تتخذها روسيا في هذا الصدد في الأمم المتحدة؟
أجاب نيبينزيا: "بطبيعة الحال، نطرح هذا الموضوع في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وقد عقدنا اجتماعاً منفصلاً بشأنه في 14 يونيو (حزيران الماضي)، ونعتزم التركيز فيه ليس فقط على العواقب الإنسانية لاستخدام الأسلحة الغربية ضد أهداف سلمية في روسيا، بل أيضاً على المخاطر الجيوسياسية لمثل هذه القرارات المتهورة".
وأضاف: "ليس لدينا أي أوهام بأن الوفود الغربية ستتظاهر مرة أخرى بأنها عمياء وصماء عن جميع الجرائم العسكرية وغيرها من جرائم نظام كييف، التي هي متواطئة فيها بشكل مباشر. وينطبق الأمر نفسه على الأمانة العامة للأمم المتحدة، التي ينبغي أن تلتزم بمبدأ المساواة في الحياد، ولكنها في الممارسة العملية تنتهكه باستمرار، كما أن مختلف وكالات الأمم المتحدة المتخصصة، بما في ذلك تلك التي تعمل في أوكرانيا، في مجال حقوق الإنسان والقضايا الإنسانية، بعيدة كل البعد عن الحياد".
وأشاربالقول: "جهودنا الرامية إلى تسليط الضوء على نفاق الغرب ومعاييره المزدوجة فيما يتعلق بالأزمة الأوكرانية في الأمم المتحدة، لم تذهب سدى".