أصبح من المعروف في تالآونة الأخيرة أن شركة "لوكهيد مارتن" قامت بتوسيع عقدها لإنتاج أنظمة الحرب الإلكترونية "فايبر شيلد" لمقاتلات "إف-16"، كجزء من برنامج المبيعات العسكرية الأجنبية. وستصل القيمة الإجمالية للعقد إلى 897.4 مليون دولار، وسيتم تنفيذ الإنتاج في منشأة الشركة في "فورت وورث" في تكساس. ويتضمن البرنامج مبيعات لعدد من الجيوش الأجنبية، بما في ذلك القوات الجوية التايوانية.
وقبل أسبوعين، فرضت الصين المزيد من العقوبات على شركة "لوكهيد مارتن"، شملت هذه المرة 3 من كبار مديري الشركة، وعددا من الشركات التابعة لها، بما في ذلك مختبر تكامل أنظمة الصواريخ، ومختبرات "لوكهيد مارتن" للتكنولوجيا المتقدمة، ومشاريع "لوكهيد مارتن". وفُرضت العقوبات بسبب مبيعات الأسلحة الأمريكية لتايوان، حيث تعتبر بكين هذه الخطوات انتهاكا لسيادتها.
ما هي شركة "لوكهيد مارتن" ولماذا يظهر الاسم كثيرا في تايوان وأوكرانيا والسياسة الخارجية الأمريكية؟
تعد شركة "لوكهيد مارتن"، التي تأسست، في عام 1995، بعد اندماج شركة "لوكهيد" مع زميلتها العملاقة في الصناعة "مارتن ماريتا"، أكبر شركة للدفاع في الولايات المتحدة والعالم، متفوقة على الشركات العسكرية الأمريكية الضخمة مثل شركة "أر تي إكس"، وشركة "نورثروب غرومان"، و"بوينغ".
الشركة هي أكبر شركة أمريكية لتصنيع المعدات العسكرية وأنظمة الطائرات. وهي متخصصة في تطوير وإنتاج مجموعة واسعة من الأسلحة، بما في ذلك الطائرات المقاتلة "إف-35" (لايتينغ) و"إف-22 " (رابتور)، والقاذفات والمسيرات من طراز (يو-إي-في)، والمروحيات (هيركليز C-130)، والطائرات المتوسطة والكبيرة. والصواريخ البعيدة المدى (هيلفاير، جاسم)، والصواريخ الباليستية، وأنظمة حرب المعلومات والأمن السيبراني، بالإضافة إلى التشكيلات البحرية (الغواصات والسفن).
وتشمل التطورات التكنولوجية للشركة جوانب الذكاء الاصطناعي، والأنظمة الذاتية، والتقنيات الكمومية، وغيرها من التقنيات العسكرية المتقدمة.
شركة "لوكهيد مارتن" هي شركة مساهمة عامة مدرجة في مؤشر "S&P 500" مملوكة لصناديق استثمار كبيرة. وأكبر المساهمين هم عمالقة الاستثمار الأمريكيين "State Street Corp" بـ 15.1%، وشركة "Vanguard Group" بـ 8.99%، وشركة "BlackRock" بـ 7.7%.
وتنمو إيرادات الشركة كل عام مع زيادة الميزانية العسكرية الأمريكية. ففي الفترة، من نهاية مارس/آذار 2023 إلى نهاية مارس/آذار 2024، بلغت الأرباح، بحسب البيانات، نحو 70 مليار دولار، أي بزيادة 5.28% عن الـ 12 شهرا السابقة.
في الولايات المتحدة، اتُهمت الشركة مرارًا وتكرارًا بممارسة الضغط والعلاقات الوثيقة جدًا مع البنتاغون، والتأثير المفرط على تشكيل الميزانية العسكرية الأمريكية، ما أدى إلى زيادة الإنفاق العسكري.
على سبيل المثال، اتهم السيناتور الأمريكي الشهير، بيرني ساندرز، الذي ركز في حملاته بشكل خاص على المشكلات الاجتماعية وعدم المساواة، الشركة بإملاء أولويات وطنية لا تتطابق دائما مع مصالح الولايات المتحدة.
في الماضي، تورطت شركة "لوكهيد مارتن" في فضائح تنطوي على أنواع مختلفة من الانتهاكات والرشاوى داخل وخارج الولايات المتحدة.
وفي عام 2015، اتُهمت الشركة برشوة دافعي الضرائب، للفوز بعقد بمليارات الدولارات من الحكومة الأمريكية لتشغيل مختبرات الإدارة الوطنية للأمن النووي.
كما تم اتهام الشركة مرارًا وتكرارًا بتضخيم تكلفة منتجاتها وأبحاثها. على سبيل المثال، في ديسمبر/كانون الأول 2016، تحدث الرئيس الأمريكي آنذاك، دونالد ترامب، على صفحته على "تويتر" عن التكلفة المتضخمة بشكل غير مبرر لطائرات "إف-35"، والتي أدت في تلك اللحظة إلى انخفاض قيمة أسهم الشركة بمقدار 4 مليارات دولار، في عام 2023، ونظرت المحاكم الأمريكية في قضية قيام شركة بتضخيم تكلفة قطع غيار الطائرات.
وتعد شركة "لوكهيد مارتن" واحدة من أكبر المستفيدين من حزم المساعدات للأنظمة السياسية المتحالفة مع الولايات المتحدة. ويقول السياسيون الأمريكيون، ومن بينهم جو بايدن، إن تخصيص الأموال لمساعدة كييف مفيد للاقتصاد الأمريكي، لأن معظم هذه الأموال ستذهب إلى شركات تصنيع الأسلحة الأمريكية. وفي نهاية أبريل/نيسان 2024، وبعد الكثير من المناقشات، وافق الكونغرس الأمريكي على حزمة مساعدات عسكرية بقيمة 95.3 مليار دولار، والتي تضمنت أموالاً مخصصة لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان.
تعد برامج الأسلحة الأمريكية التايوانية مصدرًا مهمًا للدخل لشركة "لوكهيد مارتن"، خصوصا أنها تخدم القوات الجوية التايوانية، وتوفر مختلف الأسلحة والمعدات. وهذا يشمل مقاتلات "فالكون إف-104 ستارفايتر" و"إف-16 إيه/بي إم إل يو بلوك 20" .
وشاركت الشركة في تطوير المقاتلة التايوانية المزودة بنظام التحكم في الطيران القائم على الإشارة (fly-by-wire)، وفي تطوير مقاتلة للجيش الإسرائيلي، وفرقاطة "بي إف جي-2"، التي تم تزويدها بأنظمة توجيه.
الشركة لديها اتصالات وثيقة مع الشركات المحلية في تايوان، وتزودها برقائق "تي-إس- إم- سي" لطائرات "إف-35 إيه".
كما أصبحت شركة "لوكهيد مارتن" أول مقاول عسكري أجنبي يوقع اتفاقية تعاون صناعي مع السلطة الاقتصادية التايوانية، لجلب التطورات والتقنيات العسكرية الأمريكية المتقدمة إلى تايوان.