وتمنع إسرائيل إدخال المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة، ويستهدف الجيش الإسرائيلي المستشفيات والمرافق الصحية، ويمنع دخول إمدادات الدواء والمستلزمات الطبية، وأدى الوضع الصحي الكارثي في القطاع إلى اضطراب في جميع الخدمات الصحية، وتشهد المنظومة الصحية في قطاع غزة المحاصر انهيار كبير، حيث خرجت معظم مستشفيات القطاع عن الخدمة جراء الهجوم الإسرائيلي المتواصل منذ أكثر من عام، وخرج غالبية المراكز الصحية في القطاع عن الخدمة، ووصفت العديد من المنظمات الإنسانية الوضع الصحي في القطاع بالكارثي.
مضاعفات الأدوية البديلة
وبسبب نقص مخزون الدواء في مشافي قطاع غزة، يلجأ المرضى إلى تناول أدوية بديلة وغير مناسبة لحالتهم الصحي، الأمر الذي يفاقم المأساة الإنسانية التي يعيشونها، ويزيد في بعض الأحيان من نسبة الخطر على الحياة أو تفاقم سوء الحالة الصحية للمريض.
ويقول الطبيب أحمد الفرا، رئيس قسم الأطفال في مشفى ناصر الطبي لوكالة "سبوتنيك": "إن 80 % من أصناف الأدوية الأساسية مفقودة من مخازن وزارة الصحة، ونحن أمام مشكلة كبيرة، لذلك يلجأ المرضى إلى أدوية بديلة، ولا تكون في كل الأدوية لأن هناك علاجات ليس لها بديل، وهذه الأدوية البديلة عادة لا تكون على درجة من الكفاءة".
ويشير الفرا إلى أن هناك آثارا سلبية جانبية للأدوية البديلة، ومن الممكن أن تزيد من صعوبة المرض، ولكن يضطر المريض لتناولها للبقاء على الحياة، في انتظار السفر إلى الخارج أو الحصول على الدواء الرئيسي المناسب.
ويضيف: "الحل الأمثل لهذه المشكلة هو رفع الحصار وفتح المعابر عن القطاع ودخول الأدوية والمستلزمات الطبيبة، ويجب انتهاء هذه المعاناة لسكان القطاع منذ بداية الحرب، فهناك معاناة إنسانية كبيرة لعدم توفر الأدوية، وحتى عدم توفر الحليب وحفاضات الأطفال، وعدم توفر مستلزمات الغداء الأساسية".
وفي قسم الأطفال في مجمع ناصر الطبي بخان يونس جنوبي القطاع، يواجه الأطفال المرضى الموت البطيء بسبب عدم توفر العلاجات المناسبة، وتزيد أوضاعهم سوء بسبب الأدوية البديلة.
وتقول أم لؤي، وهي نازحة من شمال قطاع غزة، لـ"سبوتنيك": "طفلي يعاني من مرض السكر، وبسببه تصيبه تشنجات، ومنذ شهر ننتظر الدواء أو السفر إلى الخارج، ونضطر لإعطاء الطفل دواء تنظيم سكر كدواء بديل، وليس العلاج الرئيسي، وبسبب الدواء البديل تصيبه في الليل تشنجات كبيرة، ورعشة في يديه، وأنتظر التحويل إلى الخارج عبر منظمة الصحة العالمية، والدواء البديل هو مؤقت ولا يجعل حالته مستقرة، ولكن يحافظ على حياته، ويحتاج أيضا إلى تشخيص لحالته الصحية، ولا توجد الأجهزة اللازمة هنا".
وأما النازحة أم أحمد فتحاول عبر جهاز التخبير الذي يستخدمه بقية الأطفال المرضى في القسم، التخفيف من معاناة طفلها، الذي يعاني من التهابات الحادة، وتقول أم أحمد لوكالة "سبوتنيك": "طفلي يعاني من التهابات في منطقة الصدر، ومنذ أربعة أيام تزداد حالته سوء، ويأخذ علاج بديل، بسبب عدم توفر الدواء المناسب له، وبسبب الدواء البديل حصلت له مضاعفات صحية جعلته لا يتحسن، بل يزداد وضعه سوء، ويوجد جهاز تبخير واحد هنا، وكل الحالات تستخدمه، وهناك انتقال للعدوة بين الأطفال، وطفلي مستمر في البكاء بسبب الوجع، وهناك أزمة كبيرة في نقص الأدوية، تؤثر على حياة الأطفال".
وبعد نفاد غالبية أصناف الأدوية من الصيدليات، لجأ الفلسطينيون في قطاع غزة إلى بدائل لعلاج بعض أمراضهم، مثل الأعشاب، وأصبح ما يسمى بالطب أو العلاج البديل، رائج بين السكان الذين يتعذّر على الكثير منهم الحصول على علاج من الصيدليات والمستشفيات، سواء لغلقها أوخروجها عن الخدمة بسبب القصف الإسرائيلي أو لتوجيه كثير من الأدوية لعلاج المصابين في الحرب.
وأوضح تقرير حقوقي صادر عن مركز الميزان لحقوق الإنسان في فلسطين: "أن كثير من المرضى انقطعوا عن تناول أدويتهم بانتظام، في حين توقف بعضهم عن تناول الدواء لعدم توفره في الصيدليات أو المراكز التابعة لوزارة الصحة الفلسطينية، ووكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا".
وأشار التقرير إلى أن "إسرائيل منعت دخول أي أدوية أو مستهلكات طبية منذ بداية الحرب، في أكتوبر/ تشرين الأول 2023 حتى شهر فبراير/ شباط 2024، ثم سمحت لبعض الشركات الطبية الفلسطينية بإدخال أنواع معينة من الأدوية ومنها أدوية الأمراض المزمنة، حتى شهر مايو/أيار 2024".
ولا تتجاوز الكميات التي دخلت نسبة 10% من الحاجة الفعلية للقطاع، ولم تدخل أدوية أمراض مزمنة منذ ذلك الوقت، وبلغت نسبة العجز في أدوية الرعاية الأولية للأمراض المزمنة 80%.
وحذر مدير المستشفيات الميدانية بوزارة الصحة بقطاع غزة الدكتور مروان الهمص، من تدهور الأوضاع الصحية في المستشفيات، في ظل النقص الكبير في الأدوية والمستلزمات الطبية، وتعطل العديد من الأجهزة الطبية.
ودعا الهمص المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لتوفير الدعم اللازم للمستشفيات في غزة، مؤكداً أهمية توفير المستلزمات الطبية والعلاجات لإنقاذ المرضى وتحسين الظروف الصحية.
ويواصل الجيش الإسرائيلي حربه على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وفي اليوم الـ440 ارتفع عدد القتلى منذ بداية الحرب على القطاع، إلى 45,097 قتيل غالبيتهم من النساء والأطفال، وإصابة 107,244 آخرين.
وفي 7 أكتوبر 2023، شنّ مقاتلون من "حماس" هجوما على جنوب إسرائيل أدى لمقتل 1200 إسرائيلي، وفقا لبيانات إسرائيلية رسمية، ورداً على هجوم "حماس"، تعهدت إسرائيل بـ"القضاء" على الحركة، وتقول إسرائيل إن 130 أسيراً ما زالوا محتجزين في غزة، بينهم 30 ماتوا، من إجمالي 250 شخصاً خطفوا في 7 أكتوبر.