عائلات شمالي غزة تصارع الدمار والجوع والموت تحت ركام المنازل أملا في الحياة
12:00 GMT 11.11.2025 (تم التحديث: 12:01 GMT 11.11.2025)

© Sputnik . Ajwad Jradat
تابعنا عبر
حصري
خلّفت الحرب الإسرائيلية دمارا هائلا في قطاع غزة، ومحت قنابلها ملامح الأحياء والبيوت، ولم يعد معظم أصحابها يعرفونها عندما عادوا إليها بعد قرار وقف إطلاق النار في قطاع غزة، ولم تجد كثير من العائلات مأوى سوى الركام، فنبشت الغبار عما بقي من منازلها لتعيش تحت أنقاضها تصارع من أجل البقاء.
ولم تنته الحرب على غزة بعد توقفها منذ شهر ولكن أخذت شكلا آخر، فمن النجاة من الصواريخ والقذائف إلى محاولة النجاة اليومية من ظروف الحياة الصعبة من قلة الغذاء والدواء، ومنازل قد تتداعى على رؤوس ساكنيها في أية لحظة.
وبين أنقاض المنازل المدمرة في منطقة جباليا شمالي قطاع غزة، تعيش عائلة بدران فوق أنقاض بيت بقي منه طابق متصدع وأرضية متهالكة ذات أعمدة لن تتحمل طويلا حتى تنهار، ولكن خيوط الحياة هنا ترسم لهم أملا بالنجاة رغم ركام الحرب المنتشر.
وتقول نائلة علوان لوكالة "سبوتنيك": "جباليا مدمرة بالكامل ولا يوجد شيء من الحياة من هنا، وعندما عدنا إلى منزلنا وجدناها في حالة كارثية، ولم نجد مكان سوى طابق متصدع وبلا مدخل، ونقوم بوضع سلم للصعود للطابق الذي نعيش فيه".
وأضافت: "هذا يشكل عائقا أمام أولادي الثلاثة الذين وجدوا حياتهم من الصباح إلى المساء، مليئة بالمشقة والتعب من أجل جلب المياه والحطب، ووالدهم مصاب ولا يوجد معيل للعائلة، ونعيش هنا بلا كهرباء ولا ماء ولا طعام، وحتى شحن الهاتف يحتاج للمسير إلى منقطة بعيدة من هنا، ورغم ذلك نحاول البحث عن النجاة والحياة معا".

عائلات شمالي غزة تصارع الدمار والجوع والموت تحت ركام المنازل أملا في الحياة
© Sputnik . Ajwad Jradat
ولم تجد العائلة خيمة لتعيش فيها بجانب ركام المنزل المهدم، فظروف الحرب والنزوح مزق خيمتها، ولم يبق للعائلة مالا لشراء خيمة، لذلك اضطرت للبقاء تحت السقف المتصدع داخل بيت آيل للسقوط، حيث لا مأوى آمن ولا تدفئة ولا مواد إغاثة كافية.

عائلات شمالي غزة تصارع الدمار والجوع والموت تحت ركام المنازل أملا في الحياة
© Sputnik . Ajwad Jradat
انسحب الجيش الإسرائيلي من هذه المنطقة مع سريان اتفاق وقف إطلاق النار، لكن المتطلبات التي يحتاجها المواطنون بقيت ضمن مناطق بعيدة وخطرة، حيث تشير نائلة علوان إلى أن "كل شيء ينجز بصعوبة، فالوصول إلى المياه يمثل تحديا يوميا، إذ يضطر أطفالها للسير مسافات طويلة وفي مناطق خطرة، ومن ثم جلب "بيدونات" المياه والعودة بها إلى المنزل من وسط الدمار والركام، ولا ينتهي الأمر إلى هذا الحد، بل تحتاج العائلة إلى بذل جهد إضافي وكبير لحمل المياه إلى الطابق العلوي عبر السلم الخشبي".

عائلات شمالي غزة تصارع الدمار والجوع والموت تحت ركام المنازل أملا في الحياة
© Sputnik . Ajwad Jradat
ويواجه سكان مدينة غزة وشمالها صعوبة كبيرة في الحصول على المياه الصالحة للشرب وللاستخدام الآدمي، وتوفير طعام لأطفالهم، في ظل الصعوبة البالغة في التنقل بسبب الركام المتكدس في الطرق والشوارع التي أصبحت غالبيتها مغلقة.

عائلات شمالي غزة تصارع الدمار والجوع والموت تحت ركام المنازل أملا في الحياة
© Sputnik . Ajwad Jradat
وفي ظل هذه الظروف، تعمل عائلة بدران منذ ساعات الصباح إلى المساء، دون توقف لتأمين أبسط مقومات الحياة، فالحياة بعد الحرب لا تقل قسوة، وتتلخص الحياة هنا بماء ونار وطعام ودواء وبيت متصدع قد ينهار في أي وقت ومشقة من الصباح إلى المساء، ودمار الحي الذي يعيشون فيه جعل الطرقات مغلقة والحركة غير آمنة.

عائلات شمالي غزة تصارع الدمار والجوع والموت تحت ركام المنازل أملا في الحياة
© Sputnik . Ajwad Jradat
وتضيف علوان: "6 أفراد نعيش في غرفة واحدة متصدعة، وابني الصغير يعاني من الصعود إلى الطابق العلوي من خلال سلّم طويل، ويعاني أولادي من تورم اليدين ووجع مستمر في أجزاء الجسم، بسبب التعب خلال توفير المياه والحطب كل يوم، وقد كانوا قبل الحرب يذهبون إلى المدرسة ويعيشون طفولتهم، واليوم يواجهون حياة المشقة، وفوق كل هذا قد يأتي يوم ويسقط الطابق علينا خاصة خلال فصل الشتاء".

عائلات شمالي غزة تصارع الدمار والجوع والموت تحت ركام المنازل أملا في الحياة
© Sputnik . Ajwad Jradat
وتنتشر الجدران المفقودة والفجوات الواسعة في أرجاء البيت، ويقطع قسمه العلوي حبل غسيل، ويستند على أعمدته المتهالكة سلّم طويل، ويظهر المشهد الدمار وهو يحيط بكل جوانب المنزل، وكلما ابتعدت الرؤية زاد حجم الكارثة لتظهر المنقطة وقد أصابها الدمار بشكل كامل.

عائلات شمالي غزة تصارع الدمار والجوع والموت تحت ركام المنازل أملا في الحياة
© Sputnik . Ajwad Jradat
وبحسب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، فإن إسرائيل دمرت نحو 268 ألف وحدة سكنية كليا، وقرابة 148 ألف وحدة بشكل كبير جعلها غير صالحة للسكن، إضافة إلى 153 ألف وحدة أخرى تضررت جزئيا، ما أدى إلى تشريد أكثر من 288 ألف أسرة فلسطينية أصبحت بلا مأوى.

عائلات شمالي غزة تصارع الدمار والجوع والموت تحت ركام المنازل أملا في الحياة
© Sputnik . Ajwad Jradat
وليس بعيدا عن منزل عائلة بدران، وفي معظم المناطق وداخل البيوت المهدمة يحاول المواطنون، شمالي غزة، ترميم بعض البيوت أو إزالة الركام، ويحاول الشاب محمد الحسيني إزاحة الركام من أمام منزل عائلته، لكنه يواجه صعوبة كبيرة.

عائلات شمالي غزة تصارع الدمار والجوع والموت تحت ركام المنازل أملا في الحياة
© Sputnik . Ajwad Jradat
ويقول محمد الحسيني لـ "سبوتنيك": "دمار في كل مكان، حتى الذكريات الجميلة هنا دمرت، ونحاول الصمود لكن الإمكانيات ضعيفة، ونحتاج إلى مساعدات كثيرة، وقد حاولت منذ عودتنا ترميم جزء من منزل العائلة الذي تعرض للقصف، ولكن التحدي كبير، وقمنا بترتيب بعض الغرف رغم أنها مدمرة لكنها تبقى أفضل من الخيمة، وأما خارج المنزل فقطع الركام وزنها كبير ولا نستطيع التعامل معها بسبب الحاجة إلى معدات وجرافات كي تقوم بإزالة الركام، ونكتفي حاليا بجعلها واحدة من المشاكل المتراكمة والتي نحاول التخلص منها منذ توقف الحرب".

عائلات شمالي غزة تصارع الدمار والجوع والموت تحت ركام المنازل أملا في الحياة
© Sputnik . Ajwad Jradat
وتعيش عائلة النجار ظروف إنسانية واقتصادية قاسية وسط انعدام مقومات الحياة الأساسية، وتحت بيت أعمدته مائلة بسبب الدمار، يجلس جبريل النجار وينظر إلى منزله المهدم وإلى أطفاله الجوعى وإلى قدمه المصابة، وقد أجبرته على البقاء في المنزل ينتظر الأمل ويطالع الضوء من بين العتمة التي فرضت على العائلة.

عائلات شمالي غزة تصارع الدمار والجوع والموت تحت ركام المنازل أملا في الحياة
© Sputnik . Ajwad Jradat
ويقول جبريل النجار لوكالة "سبوتنيك": "المبنى آيل للسقوط بعدما تعرضت المنطقة للقصف، وأتوقع أن ينهار قريبا بسبب ميلان السقف والأعمدة التي تتحمل وزن كبير من الركام، ولا يتوفر لدينا أغطية أو أبسط مقومات الحياة أو حتى خيمة، وظروفنا صعبة للغاية، ولا يوجد مال فقد أنهكتنا الحرب، وأنا مصاب ولا أستطيع حتى توفير العلاجات والأدوية، ولا يوجد معيل غيري، لذلك لا يوجد طحين ولا طعام لأطفالي الجائعين".

عائلات شمالي غزة تصارع الدمار والجوع والموت تحت ركام المنازل أملا في الحياة
© Sputnik . Ajwad Jradat
ويضيف النجار: "قبل أيام، وقع حجر من سقف المنزل بجانب رأس زوجتي وهي نائمة، وأصيبت ببعض القطع الصغيرة التي تفتت من الحجر عندما ارتطم بالأرض، ولو وقع على رأسها لماتت، لذلك نحتاج إلى خيمة، وحتى تتوفر تلك الخيمة كل يوم بعدما نصحوا سالمين ولم ينهار البيت علينا، سأقول الحمد لله نجونا ليوم آخر".

عائلات شمالي غزة تصارع الدمار والجوع والموت تحت ركام المنازل أملا في الحياة
© Sputnik . Ajwad Jradat
وخلفت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة دمارا واسعا طال كل شيء، وتشير تقديرات المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إلى تضرر نحو 90% من البنى التحتية كليا أو جزئيا، وتسببت علميات القصف الإسرائيلية قرابة 70 مليون طن من الركام المنتشر في القطاع، وقرابة 20 ألف قذيفة وصاروخ غير منفجرة تشكل خطرا دائما على المدنيين.
ويوجد في قطاع غزة أقل من 20% من البيوت التي تصلح للسكن، وتقدر الأمم المتحدة تكلفة إعادة إعمار غزة بنحو 70 مليار دولار، جراء تداعيات الحرب الإسرائيلية، وكانت حكومة غزة أعلنت الشهر الماضي أنَّ القطاع منطقة منكوبة بيئيا وإنشائيا.
