"دمار يتراكم فوق آخر، وصرخات أطفال ونساء تعتلي صوت الطائرات الإسرائيلية. في لحظة واحدة ينقلب باطن الأرض على سطحها، فيما الدماء تبحث عن أسهل المجاري، التي تصل بها إلى باطن الأرض"، هذا ما استطاعت ذاكرة شفيق السيد، أن تختزله عفويا عن تلك اللحظات التي انطلقت فيها رحلته من جنوب لبنان، بحثا عن مكان آمن في سوريا.يروي الرجل السبعيني، الذي التقته "سبوتنيك"، عند معبر "جديدة يابوس" على الحدود السورية اللبنانية، قائلا: "هذه الحرب، والنزوح الجماعي، يذكراني بما عشناه في حروب 1982 ومن ثم في 1996، وكذلك في 2006، وما بينها من حروب صغيرة وكبيرة لطالما شنتها إسرائيل على قرانا ومنازلنا، واضطررنا فيها إلى الإخلاء تحت القصف والغارات".بعد رحلته المريرة، التي اتخذت مسارا معقدا من الطرق الآمنة المتاحة من الجنوب، وصولًا إلى الحدود، يلتقط الرجل السبعيني، نفسا عميقا وهو يتكئ بكلتا يديه على مقود سيارته، ويكمل حديثه قائلًا: "كنت نائمًا حين سقط صاروخ إسرائيلي في حديقة منزلي، أصبت في رأسي بشظايا زجاج النافذة التي كنت قربها، أصبت بجروح في الرأس، وتم نقلي إلى المشفى لتلقي العلاج".بصعوبة يأخذ السيد، نفسا عميقا وهو يتفحص أطياف الآلاف من مواطني بلاده، ممن يصطفون أمام المركز الحدودي السوري، قبل أن يستكمل سرد قصته لـ"سبوتنيك"، بالقول: "بعد خروجي من المشفى والعودة إلى المنزل، توقعنا أن تهدأ الأوضاع، إلا أن الغارات الإسرائيلية أصبحت مكثّفة بشكل رهيب، لقد انهارت زوجتي، لذلك قرر ابني الكبير إخراجنا من قريتنا والتوجه إلى سوريا".بطبيعة الحال، تستغرق رحلات الهروب من ساحات الحروب مدة لا يتصورها المدنيون في زمن السلم، فالرحلة من جنوب لبنان إلى الحدود السورية عادة ما تستغرق ساعتين على الأكثر، إلا أنها خلال اليومين الأخيرين زادت عن الـ16 ساعة، كما يؤكد السيد، بالقول: "هناك ازدحام كبير على الطرق المؤدية من الجنوب إلى العاصمة بيروت، وصولا إلى العاصمة السورية دمشق".ذاكرة مريرة بالنزوح والنزوح المقابلمئات السيارات والمركبات، التي تقل الهاربين من بطش الغارات الإسرائيلية، كانت تتكدس حتى مساء أمس الأربعاء، على الحدود السورية اللبنانية.نزوح المدنيين اللبنانيين هذا من منطقتي الجنوب والبقاع نحو الأراضي السورية، يستنهض في الذاكرة متوالية النزوح، والنزوح المقابل، التي لطالما شهدتها هذه المنطقة الشرق أوسطية، فقبل عقد من الزمن، هرب السوريون إلى البلد الجار، لبنان، للاحتماء من المجموعات الإرهابية المسلحة، التي لطالما أمطرت مدنهم بوابل الصواريخ، فيما قبل ذلك بعقد آخر، لجأ اللبنانيون في عام 2006، إلى سوريا، هربا من العدوان المدمر الذي شنته إسرائيل على لبنان، وهذه المشهدية هي طبق الأصل عما جرت عليه الأمور في منتصف التسعينيات، وقبلها ثمانينيات القرن الماضي.الشاب اللبناني علي شداد، وهو مواطن جنوبي، تطوع لنقل أقاربه وجيرانه إلى الأراضي السورية، بعدما فقد العديد منهم تحت الضربات الدموية للطائرات الإسرائيلية.يقول شداد لـ"سبوتنيك": "بالأمس، تمكنت من نقل عائلتي إلى دمشق، وبعد أن وضعتهم في مكان آمن، عدت لنقل باقي أسرتي من خالاتي وعمّاتي".يؤكد شداد أن "ثمة زحمة سير خانقة تكتنف الطرقات المؤدية من جنوب لبنان إلى العاصمة بيروت، ومن ثم إلى الحدود السورية، بسبب الغارات الإسرائيلية العشوائية والمباغتة، والنزوح على عجل من دون أي استعداد"، مضيفًا: "معظم أهالي الجنوب لم يحملوا معهم إلا أمتعتهم الخفيفة، فالهم الأول كان إنقاذ الأطفال من نيران الطائرات الإسرائيلية، التي تستهدف المنازل والسيارات".يكمل الشاب الأربعيني، بالقول: "صواريخ العدوان لم ترحم أحدا، خوفنا الأكبر على النساء والأطفال، لذلك قررنا نقلهم إلى سوريا، أما الشباب فقد قرروا البقاء في الجنوب، رغم الضرر الكبير الذي أصاب المنازل".الكثير من الجنوبيين عالقين تحت القصفمن جهتها، تؤكد السيدة اللبنانية، إنعام موسى، لـ"سبوتنيك"، بالقول: "جميع أهل قريتنا في الجنوب، جاؤوا إلى سوريا بعد الضربات المكثفة التي دمرت جميع المنازل، فلا مأوى لنا اليوم إلا بلدنا الثاني وأقرباؤنا في سوريا، التي لطالما وقفت مع المقاومة وضد الإرهاب والكيان الإسرائيلي".وبحسرة ممزوجة بالأمل، تقول السيدة موسى، أن "العديد من العائلات الجنوبية لم تتمكن من مغادرة قراها بسبب عدم وجود وسائل نقل كافية، لذلك يحاول الكثيرون من أصحاب الفانات والسيارات الخاصة التطوع لنقلهم والوصول إليهم، تمهيدا لإيصالهم إلى مكان آمن".وصباح اليوم الخميس، تفقد وزيرا الداخلية والإدارة المحلية في سوريا، يرافقهما محافظا دمشق وريفها، إجراءات دخول النازحين اللبنانيين عبر معبر "جديدة يابوس" على الحدود السورية اللبنانية، وشددوا على تسهيل الإجراءات اللازمة للوافدين من لبنان، والجاهزية التامة لتأمين متطلباتهم.وتفيد البيانات الرسمية السورية، التي حصلت عليها "سبوتنيك"، بدخول نحو 8200 مواطن لبناني، و18500 مواطن سوري، عبر المعابر الحدودية المشتركة، حتى مساء أمس الأربعاء، هربًا من الغارات الإسرائيلية التي تضرب لبنان.وفي محافظة حمص السورية، وفد حتى الآن نحو 450 عائلة سورية ولبنانية عبر المعابر الدولية للمحافظة، بينهم 1300 مواطن لبناني، و583 سوريًا، وتم توزيعهم في منازل ضمن المدينة ومراكز إيواء في مدينة القصير.كما وفد عبر معبر "جديدة يابوس" في محافظة ريف دمشق السورية، خلال اليومين الماضيين، نحو 18 ألف مواطن سوري، ونحو 6800 مواطن لبناني، حيث تم توزيع النازحين اللبنانيين على مراكز الإيواء التي جهزتها محافظة ريف دمشق في مناطق الحرجلة، الدوير، يبرود، إضافة إلى تجهيز 3 فنادق جديدة في مدينة السيدة زينب، استعدادا لاستقبال النازحين المحتملين.ميقاتي يرد على أنباء توقيعه مقترح اتفاق لوقف إطلاق النار بعد لقائه ببلينكن وهوكشتاينإسرائيل ترفض وقف إطلاق النار في لبنان
رصدت وكالة "سبوتنيك" تجمع المواطنين اللبنانيين عند الحدود اللبنانية السورية، هربًا من الغارات الإسرائيلية، والتقت عددًا منهم.
"دمار يتراكم فوق آخر، وصرخات أطفال ونساء تعتلي صوت الطائرات الإسرائيلية. في لحظة واحدة ينقلب باطن الأرض على سطحها، فيما الدماء تبحث عن أسهل المجاري، التي تصل بها إلى باطن الأرض"، هذا ما استطاعت ذاكرة شفيق السيد، أن تختزله عفويا عن تلك اللحظات التي انطلقت فيها رحلته من جنوب لبنان، بحثا عن مكان آمن في سوريا.
يروي الرجل السبعيني، الذي التقته "سبوتنيك"، عند معبر "جديدة يابوس" على الحدود السورية اللبنانية، قائلا: "هذه الحرب، والنزوح الجماعي، يذكراني بما عشناه في حروب 1982 ومن ثم في 1996، وكذلك في 2006، وما بينها من حروب صغيرة وكبيرة لطالما شنتها إسرائيل على قرانا ومنازلنا، واضطررنا فيها إلى الإخلاء تحت القصف والغارات".
صور لتجمّع مواطنين لبنانيين عند الحدود السورية، هربًا من الغارات الإسرائيلية
بعد رحلته المريرة، التي اتخذت مسارا معقدا من الطرق الآمنة المتاحة من الجنوب، وصولًا إلى الحدود، يلتقط الرجل السبعيني، نفسا عميقا وهو يتكئ بكلتا يديه على مقود سيارته، ويكمل حديثه قائلًا: "كنت نائمًا حين سقط صاروخ إسرائيلي في حديقة منزلي، أصبت في رأسي بشظايا زجاج النافذة التي كنت قربها، أصبت بجروح في الرأس، وتم نقلي إلى المشفى لتلقي العلاج".
بصعوبة يأخذ السيد، نفسا عميقا وهو يتفحص أطياف الآلاف من مواطني بلاده، ممن يصطفون أمام المركز الحدودي السوري، قبل أن يستكمل سرد قصته لـ"سبوتنيك"، بالقول: "بعد خروجي من المشفى والعودة إلى المنزل، توقعنا أن تهدأ الأوضاع، إلا أن الغارات الإسرائيلية أصبحت مكثّفة بشكل رهيب، لقد انهارت زوجتي، لذلك قرر ابني الكبير إخراجنا من قريتنا والتوجه إلى سوريا".
بطبيعة الحال، تستغرق رحلات الهروب من ساحات الحروب مدة لا يتصورها المدنيون في زمن السلم، فالرحلة من جنوب لبنان إلى الحدود السورية عادة ما تستغرق ساعتين على الأكثر، إلا أنها خلال اليومين الأخيرين زادت عن الـ16 ساعة، كما يؤكد السيد، بالقول: "هناك ازدحام كبير على الطرق المؤدية من الجنوب إلى العاصمة بيروت، وصولا إلى العاصمة السورية دمشق".
ذاكرة مريرة بالنزوح والنزوح المقابل
مئات السيارات والمركبات، التي تقل الهاربين من بطش الغارات الإسرائيلية، كانت تتكدس حتى مساء أمس الأربعاء، على الحدود السورية اللبنانية.
نزوح المدنيين اللبنانيين هذا من منطقتي الجنوب والبقاع نحو الأراضي السورية، يستنهض في الذاكرة متوالية النزوح، والنزوح المقابل، التي لطالما شهدتها هذه المنطقة الشرق أوسطية، فقبل عقد من الزمن، هرب السوريون إلى البلد الجار، لبنان، للاحتماء من المجموعات الإرهابية المسلحة، التي لطالما أمطرت مدنهم بوابل الصواريخ، فيما قبل ذلك بعقد آخر، لجأ اللبنانيون في عام 2006، إلى سوريا، هربا من العدوان المدمر الذي شنته إسرائيل على لبنان، وهذه المشهدية هي طبق الأصل عما جرت عليه الأمور في منتصف التسعينيات، وقبلها ثمانينيات القرن الماضي.
الشاب اللبناني علي شداد، وهو مواطن جنوبي، تطوع لنقل أقاربه وجيرانه إلى الأراضي السورية، بعدما فقد العديد منهم تحت الضربات الدموية للطائرات الإسرائيلية.
يقول شداد لـ"سبوتنيك": "بالأمس، تمكنت من نقل عائلتي إلى دمشق، وبعد أن وضعتهم في مكان آمن، عدت لنقل باقي أسرتي من خالاتي وعمّاتي".
صور لتجمّع مواطنين لبنانيين عند الحدود السورية، هربًا من الغارات الإسرائيلية
يؤكد شداد أن "ثمة زحمة سير خانقة تكتنف الطرقات المؤدية من جنوب لبنان إلى العاصمة بيروت، ومن ثم إلى الحدود السورية، بسبب الغارات الإسرائيلية العشوائية والمباغتة، والنزوح على عجل من دون أي استعداد"، مضيفًا: "معظم أهالي الجنوب لم يحملوا معهم إلا أمتعتهم الخفيفة، فالهم الأول كان إنقاذ الأطفال من نيران الطائرات الإسرائيلية، التي تستهدف المنازل والسيارات".
يكمل الشاب الأربعيني، بالقول: "صواريخ العدوان لم ترحم أحدا، خوفنا الأكبر على النساء والأطفال، لذلك قررنا نقلهم إلى سوريا، أما الشباب فقد قرروا البقاء في الجنوب، رغم الضرر الكبير الذي أصاب المنازل".
ولفت شداد إلى التسهيلات التي تقدمها الدولة السورية لإدخال الجميع، رغم الازدحام الكبير على معبر "جديدة يابوس- المصنع".
من جهتها، تؤكد السيدة اللبنانية، إنعام موسى، لـ"سبوتنيك"، بالقول: "جميع أهل قريتنا في الجنوب، جاؤوا إلى سوريا بعد الضربات المكثفة التي دمرت جميع المنازل، فلا مأوى لنا اليوم إلا بلدنا الثاني وأقرباؤنا في سوريا، التي لطالما وقفت مع المقاومة وضد الإرهاب والكيان الإسرائيلي".
وبحسرة ممزوجة بالأمل، تقول السيدة موسى، أن "العديد من العائلات الجنوبية لم تتمكن من مغادرة قراها بسبب عدم وجود وسائل نقل كافية، لذلك يحاول الكثيرون من أصحاب الفانات والسيارات الخاصة التطوع لنقلهم والوصول إليهم، تمهيدا لإيصالهم إلى مكان آمن".
وصباح اليوم الخميس، تفقد وزيرا الداخلية والإدارة المحلية في سوريا، يرافقهما محافظا دمشق وريفها، إجراءات دخول النازحين اللبنانيين عبر معبر "جديدة يابوس" على الحدود السورية اللبنانية، وشددوا على تسهيل الإجراءات اللازمة للوافدين من لبنان، والجاهزية التامة لتأمين متطلباتهم.
وتفيد البيانات الرسمية السورية، التي حصلت عليها "سبوتنيك"، بدخول نحو 8200 مواطن لبناني، و18500 مواطن سوري، عبر المعابر الحدودية المشتركة، حتى مساء أمس الأربعاء، هربًا من الغارات الإسرائيلية التي تضرب لبنان.
وفي محافظة حمص السورية، وفد حتى الآن نحو 450 عائلة سورية ولبنانية عبر المعابر الدولية للمحافظة، بينهم 1300 مواطن لبناني، و583 سوريًا، وتم توزيعهم في منازل ضمن المدينة ومراكز إيواء في مدينة القصير.
كما وفد عبر معبر "جديدة يابوس" في محافظة ريف دمشق السورية، خلال اليومين الماضيين، نحو 18 ألف مواطن سوري، ونحو 6800 مواطن لبناني، حيث تم توزيع النازحين اللبنانيين على مراكز الإيواء التي جهزتها محافظة ريف دمشق في مناطق الحرجلة، الدوير، يبرود، إضافة إلى تجهيز 3 فنادق جديدة في مدينة السيدة زينب، استعدادا لاستقبال النازحين المحتملين.
تم حظر دخولك إلى المحادثة لانتهاك"a href="https://sarabic.ae/docs/comments.html>القواعد.
ستتمكن من المشاركة مرة أخرى بعد:∞.
إذا كنت غير موافق على الحظر، استخدم<"a href="https://sarabic.ae/?modal=feedback>صيغة الاتصال
تم إغلاق المناقشة. يمكنك المشاركة في المناقشة في غضون 24 ساعة بعد نشر المقال.